17-نوفمبر-2024
ترامب وبوتين خلال لقاء على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا

(GETTY) ترامب وبوتين خلال لقاء على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا، 2019

يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بات قريبًا من تحقيق وعده بشأن إنهاء حرب أوكرانيا، وذلك نظرًا إلى اعتراف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأن الحرب ستنتهي بشكلٍ أسرع مما كان متوقعًا. عدا عن استنفاد روسيا أهدافها من الحرب وسيطرتها على مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية.

مع ذلك، تبقى المخاطر قائمة. وفي هذا الصدد، يعتقد مسؤولون أميركيون وبريطانيون أن التفاؤل المفرط لدى كلٍ من ترامب وبوتين ينطوي على تحديات أمنية قد تفجر كل شيء، فما تزال معالم خطة إنهاء الحرب غير واضحة، خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار ما أكده زيلينسكي عقب مكالمته مع ترامب، حيث ذكر أنه لم يسمع من الأخير أي "شيء يتعارض مع الموقف الأوكراني بعد سماعه للأسس التي نعتمد عليها"، وفق تعبيره.

وكان الرئيس الأوكراني قد عقد مكالمة هاتفية مع ترامب أعقبها بتصريحات صحفية قال فيها إنه "من المؤكد أن الحرب ستنتهي بشكل أسرع مع سياسات أعضاء الفريق الذي سيدير البيت الأبيض، هذا هو نهجهم، ووعدهم لمجتمعهم"، مضيفًا أن "الحرب ستنتهي، لكننا لا نعرف متى بالضبط"، واصفًا المكالمة بأنها شهدت "تفاعلًا مثمرًا". 

ويذكر أن ترامب عُرف بانتقاده إنفاق إدارة سلفه، جو بايدن، مليارات الدولارات في دعم "الصمود الأوكراني" منذ بدء الحرب شباط/فبراير 2022، متعهدًا بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة من وجوده في البيت الأبيض، دون أن يكشف عن تفاصيل خطته لإنهائها، وهذا ما يترك الباب مفتوحًا أمام سيناريوهات قد لا تكون متوقعة أو محتملة.

سيقدم ترامب ضمانات أمنية لأوكرانيا قد تشمل انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"

نظرة مفرطة في التفاؤل لدى ترامب وبوتين

نقلت صحيفة "إندبندنت" البريطانية عن مسؤولين أميركيين وبريطانيين تحذيرهم من المخاطر التي ينطوي عليها تفاؤل ترامب وبوتين بإنهاء الحرب، لأنهما "يقللان بشكل خطير من تقدير ما يمكن للآخر القيام به". وفي كلّ الأحوال، تبقى كييف هي المتضرر الأكبر على الأمد البعيد، إذا لم تقلب أوروبا المعادلة بتعويض الدعم الأميركي.

وبالعودة إلى ما "يخبّؤه" ترامب وبوتين لبعضهما، يرى أليكس يانغر، الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطاني "إم آي 6"، أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يبالغ في تقدير قدرته على إجبار بوتين على تبادل الأراضي، علمًا أن بوتين يصبو إلى تحقيق ما هو أكثر من ذلك بكثير، والسبب أنه يشعر بالنصر وبالتالي يرى أن عليه أن يكسب المزيد لتبرير التضحية المروعة التي فرضها على الشعب الروسي، في حين يقلّل ترامب من شأن التحدي ويبالغ في تقدير نفوذه.

بدوره، يرى السفير البريطاني السابق لدى موسكو، لوري بريستو، أنّ ترامب وبوتين يلعبان لعبة خطيرة، معتبرًا أن ترامب يمارس "الغطرسة" التي حكمت نهجه في ولايته الأولى، مذكّرًا بالانتقادات التي وجّهت إليه بعد "اللقاء الذي جمعه مع بوتين عام 2018 في العاصمة الفنلندية هلسنكي دون حضور مستشاريه".

ويرى بريستو أن مرد الغطرسة الترامبية يكمن في عدم فهم ترامب لشخصية بوتين الذي يتعامل معه، مشيرًا إلى أن الرئيس الروسي "رجل مخابرات في المقام الأول منذ الحقبة السوفيتية، وهذا ما يحتم أن يتم التعامل معه بحضور مسؤولين أمنيين وسياسيين".

لكن النقطة التي يراها بريستو عامل ضعف، يعتقد الممثل الخاص الأميركي السابق للمفاوضات بشأن أوكرانيا خلال ولاية ترامب الأولى، كيرت فولكر، أنها عامل قوة. إذ إن ترامب وفقًا لفولكر "لا يحبّذ استغلال الناس له ولا محاولة خيانته"، مضيفًا "أعتقد أن هذا سيكون عاملًا أساسيا في التعامل مع بوتين" الذي لن يحترم، حسب فولكر "أي اتفاق، وسيستغل وقف إطلاق النار في إعادة بناء قواته ومحاولة مهاجمة أوكرانيا".

ولكي يتجنّب ترامب مثل هذا السيناريو، سيكون عليه، حسب فولكر، تقديم "ضمانات أمنية لكييف، تحول دون تمكن القوات الروسية من تحقيق النجاح في أي هجوم مستقبلي تشنه على أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار".

ويذهب المبعوث الأميركي الخاص في إدارة ترامب الأولى إلى أن الرئيس الجمهوري المنتخب "سيضع قوةً كافية لضمان عدم تكرار الروس الهجوم على أوكرانيا"، ويشار هنا إلى القاعدة الجوية الأميركية التي افتتحها البنتاغون الأسبوع الماضي في بولندا، واعتبرها الروس محاولةً لاحتواء روسيا وتهديدًا أمنيًا يقتضي ردًا قويًا.

لكن فولكر يطرح فرضيةً أخرى، وهي أن ترامب سيعمل على ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وسيضرب ترامب بهذه الخطوة 3 عصافير بحجر واحد. فمن ناحية، سيجعل أوروبا ملزمة بالدفاع عن أوكرانيا وفقًا للبند الخامس في اتفاقية الحلف، كما سيحقق بتلك الخطوة هدفًا طالما طمحت كييف إلى تحقيقه، وسيضع روسيا أمام مقايضة الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها بتقبل انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، ما يمنع الحرب على الأقل في المستقبل المتوسط.

لكن قبول روسيا بهذه الصفقة ليس مضمونًا، خاصةً أن بوتين لا يقاتل وحده على الأراضي الأوكرانية، بل يقاتل وهو مدعوم من قوات كورية شمالية على الأرض، وبطائرات مسيرة إيرانية، ويطمح إلى تحويل الشراكة مع الصين إلى اتفاقيات دفاع مشتركة، يواجه بها تهديد الناتو وتمدد القوات الأميركية نحو الحدود الروسية.