13-نوفمبر-2024
ترامب وبوتين خلال لقاء على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا

(Getty) ترامب وبوتين خلال لقاء على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا، 2019

تداولت وسائل إعلام أميركية، بينها مجلة "فورين بوليسي" وصحيفة "واشنطن بوست"، خبرًا مفاده أن ترامب وإيلون ماسك أجريا مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأخرى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تمهيدًا لتطبيق رؤية ترامب حول إنهاء الصراع الأوكراني الروسي.

ورغم نفي الكرملين القاطع لحدوث الاتصال، معتبرًا الأمر ضربًا من الخيال، إلا أن ملامح السياسة الخارجية لترامب تجاه روسيا باتت واضحة، وإن كانت ستظل محكومة بمتغيرين رئيسيين، أولهما الشراكة الروسية - الصينية، وثانيهما العلاقة التي ستحكم إدارة ترامب بالقارة الأوروبية، لا سيما أن الأخيرة بدأت تتجهز لمواجهة واشنطن، وتفكر في إنشاء جيش أوروبي لحماية أمنها مع تزعزع الثقة في حلف "الناتو" بسبب الموقف السلبي لترامب من الحلف.

قطع الطريق أمام الشراكة الروسية الصينية

عرفت العلاقات الروسية الصينية، خلال الفترة الأخيرة من عمر إدارة الرئيس جو بايدن، تطورًا ملحوظًا انعكس في تنظيم مناورات عسكرية مشتركة، وفي توثيق العلاقات التجارية والاقتصادية والطاقوية، وتم تتويج ذلك بإعلان "الشراكة الصينية الروسية"، وهو إعلان اعتبره الرئيسان الروسي والصيني، على هامش الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022، بمثابة "بداية حقبة جديدة في العلاقات الدولية، لأن علاقات بكين وموسكو تفوق أي تحالف عسكري وسياسي زمن الحرب الباردة، ولأن الشراكة بين البلدين تفوق كل الحدود، وتشتمل على عدة أبعاد من بينها الطاقة والفضاء وتغير المناخ والذكاء الاصطناعي والتحكم في الإنترنت".

ركز ترامب أثناء حملته على ملف الحرب في أوكرانيا، مدعيًا مرارًا وتكرارًا أنه قادر على إنهاء الحرب خلال 24 ساعة

وجاءت هذه الشراكة ردًا على ما اعتبرته موسكو وبكين تهديدًا أمنيًا أميركيًا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وكذلك على خطط واشنطن لتطوير نظام الدفاع الصاروخي العالمي، ونشرها صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا.

كما جاءت الخطوة روسيًا كردٍ على محاولات بايدن "تركيع روسيا" من خلال سياسة العقوبات، واستنزاف الطاقة العسكرية بتوريطها في المستنقع الأوكراني، وأخيرًا استهداف العلاقات الأوروبية الروسية التي تعززت بعد تدشين خطي الغاز "نورد ستريم 1-2".

وبما أن الهاجس الصيني يمثل همًا مشتركًا لدى الإدارة الديمقراطية والجمهورية على حدٍ سواء، مع اختلافٍ في الموقف من روسيا، فإن ترامب يحاول أن يبيع لروسيا إنجاز "إنهاء الحرب في أوكرانيًا وفقًا لشروط موسكو"، مقابل عدم الانجرار والتمادي بشكل أكثر في العلاقات مع الصين.

يشار إلى أن ترامب ركز أثناء حملته على ملف الحرب في أوكرانيا، مدعيًا مرارًا وتكرارًا أنه قادر على "إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا خلال 24 ساعة من تسلمه السلطة في البيت الأبيض".

وعلى الرغم من أن ما يدفع ترامب إلى إنهاء حرب أوكرانيا هو تكلفتها الباهظة على واشنطن التي تعد أكبر داعم بالمال والسلاح لكييف، إلا أنه يبحث بالضرورة أيضًا عن ثمنٍ لهذا الإنجاز، خاصةً لدى موسكو التي تعد الرابح الأكبر من وقف الحرب الآن، لأنها تسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي الأوكرانية، التي لا يُستبعد أن يعترف ترامب بالسيادة الروسية عليها. لكن السؤال هو ما إذا كانت موسكو مستعدةً لدفع ثمن ذلك من علاقاتها بالصين؟

العلاقة مع أوروبا

يبدو ترامب مستعدًا لدفع ثمن التقارب مع روسيا من رصيد علاقات بلاده مع أوروبا، فالرئيس الثمانيني سيبدأ ولايته الرئاسية بدق طبول الحرب التجارية، لا على الواردات الصينية، بل أيضًا على الواردات الأوروبية، بفرض رسوم جمركية عليها بنسبة 20%، كما أن ترامب لا يخفي امتعاضه من نفقات بلاده على أمن أوروبا من خلال حلف شمال الأطلسي "الناتو".

ومن المتوقع أن يزيد ترامب من مستوى الضغوط على أوروبا كلما لبت موسكو شروطه. لكن أوروبا لن تنتظر حتى تتحقق من التقاء مصالح ترامب بمصالح بوتين، فقد حثت الخطى من خلال القمة الأخيرة في بودابست لرسم استراتيجية مواجهة اقتصادية، من المتوقع أن تتعزز في الأيام القليلة القادمة باستراتيجية أمنية تعتمد فيها على إمكاناتها لا غير.