02-نوفمبر-2024
لبنان

يسارًا: بلدة راميا جنوبي لبنان في أيلول/سبتمبر 2024، يمينًا: البلدة في تشرين الأول/اكتوبر

تقع بلدة "راميا" جنوبي لبنان  على قمة تل غير بعيد عن الحدود مع فلسطين المحتلة، وقد تعرضت لدمار واسع ومُحيت تقريبًا من الخريطة، بعد الغارات المكثفة التي شنها الطيران الإسرائيلي.

تظهر صور الأقمار الصناعية التي نشرتها وكالة "أسوشيتد برس" مشهدًا لتلة كانت مغطاة بالمنازل، لكنها تحولت الآن إلى بقعة رمادية من الأنقاض. منذ بدء عمليته البرية قبل شهر، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتفجير عدد من القرى في جنوب لبنان. وتدّعي إسرائيل أن الهدف من ذلك هو دفع عناصر حزب الله بعيدًا عن الحدود، لوضع حد للهجمات التي تتعرض لها من جنوب لبنان منذ أكثر من عام.

تحليل لوكالة "أسوشيتد برس" لصور الأقمار الصناعية والبيانات التي جمعها خبراء رسم الخرائط، يظهر أن 11 بلدة على الحدود تعرضت للدمار

لكن حتى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "اليونيفيل" والجيش اللبناني، تعرضوا لإطلاق النار من القوات الإسرائيلية، مما أثار تساؤلات حول إمكانية بقائهم في المنطقة. وأدت الغارات الإسرائيلية المكثفة إلى نزوح أكثر من مليون شخص، مما أفرغ البلدات في الجنوب. ويقول بعض الخبراء إن إسرائيل قد تهدف من وراء ذلك إلى إنشاء منطقة عازلة، وهي استراتيجية اتبعتها سابقًا في غزة.

جنوب لبنان
يمينًا: بلدة محبيبيب جنوبي لبنان في أيلول/سبتمبر 2024، يسارًا: البلدة في تشرين الأول/اكتوبر

ووفقًا لتحليل وكالة "أسوشيتد برس" لصور الأقمار الصناعية والبيانات التي جمعها خبراء رسم الخرائط، تظهر  11 بلدة على الحدود تعرضت للدمار. يدّعي الجيش الإسرائيلي أن القصف يهدف إلى تدمير الأنفاق والبنية التحتية لحزب الله، لكن التفجيرات دمرت أيضًا المنازل وأحياء بكاملها في تلك البلدات التي عاشت فيها عائلات لأجيال.ورغم ادعاء إسرائيل بأنها تهدف إلى دفع حزب الله إلى الوراء حتى يتمكن المستوطنون من العودة إلى الشمال، يعترف مسؤولون إسرائيليون بأنه ليس لديهم خطة ملموسة لضمان بقاء حزب الله بعيدًا عن الحدود على المدى الطويل.

تقول الباحثة في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، أورنا مزراحي: "الهدف المباشر لإسرائيل ليس إنشاء منطقة عازلة، لكن هذا الأمر قد يتغير". وأضافت: "ربما لن يكون لدينا خيار آخر سوى البقاء هناك، حتى يكون لدينا ترتيب يدفع حزب الله بعيدًا عن المنطقة".

طريق الدمار 

باستخدام صور الأقمار الصناعية التي قدمتها مختبرات "بلانيت لابز"، حددت "أسوشيتد برس" خطًا من 11 بلدة، وكلها على بعد 4 أميال (6.5 كيلومتر) من حدود لبنان مع فلسطين المحتلة، تعرضت لأضرار بالغة الشهر الماضي، إما بسبب الضربات الجوية أو التفجيرات التي قام بها الجنود الإسرائيليون. ووجد التحليل أن الأضرار الأشد جاءت في القرى الأقرب إلى الحدود، حيث دُمّر ما بين 100 و500 مبنى، وفقًا لكوري شير من مركز الدراسات العليا بجامعة نيويورك، وجامون فان دير هوك من جامعة ولاية أوريغون، الخبراء في تقييم الأضرار.

بلدة محيبيب

 في راميا، بالكاد يوجد مبنى واحد على قمة التل، فقد أظهرت مقاطع مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي جنودًا إسرائيليين يقومون بتفجير المنازل. وفي البلدة المجاورة، عيتا الشعب، تحولت المباني إلى أرض رمادية من الأنقاض.

 في البلدات الأخرى، كانت الأضرار أكثر انتقائية، حيث دُمّر عدد من المنازل بسبب القصف. في بلدة العديسة، أدت الانفجارات إلى تنبيهات الزلزال في شمال فلسطين المحتلة. وفي مقاطع فيديو، ظهر قائد الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية، لبنان بعلبكي، غير مصدق تفجير منزل والديه الذي يحتوي على مجموعة فنية، ومكتبة جمعها والده لسنوات. يقول لـ"أسوشيتد برس" إن هذا المنزل كان "مشروعًا وحلمًا لوالدي". حتى قبر والديه في حديقة المنزل دُمّر.

عندما سُئل الجيش الإسرائيلي عن نية إنشاء منطقة عازلة، قال إنه "يقوم بغارات محدودة تستند إلى معلومات استخباراتية دقيقة ضد أهداف لحزب الله". تظهر المقاطع المصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي على الإنترنت قيام عناصره بنصب الأعلام الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية. ومع ذلك، لم تقم إسرائيل ببناء أي قواعد تشير إلى إمكانية وجود دائم في جنوب لبنان. يبدو أن القوات تتحرك ذهابًا وإيابًا عبر الحدود نتيجة كثافة النيران التي يطلقها حزب الله. وتحاول إسرائيل الضغط للتوصل إلى اتفاق من خلال الدمار الذي لحق بالبلدات في جنوب لبنان.

كتب المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشوع، أن الجيش يحتاج إلى ترسيخ إنجازاته لدفع حزب الله والحكومة اللبنانية ودول الوساطة، إلى قبول نهاية الحرب بالشروط التي تناسب إسرائيل. لذا، يخشى اللبنانيون أن يعني ذلك احتلال أجزاء من الجنوب بعد 25 عامًا من إنهاء إسرائيل احتلالها.