تستعد المكسيك لتسجيل مشاركتها الـ 17 في نهائيات كأس العالم، حين تتواجد في قطر مستضيفة البطولة قبل موعد انطلاق المونديال، الذي سيبحث خلاله منتخب "التري كولور" تحت قيادة المدرب جيراردو مارتينو الظهور بشكل مشرف في مجموعة ليست بالسهلة.
تعتبر المكسيك من أنجح منتخبات القارة الأمريكية الشمالية على مستوى الساحرة المستديرة، حيث سبق لها أن توجت بلقب الكأس الذهبية 8 مرات، وكأس القارات مرة واحدة في عام 1999، ونالت الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية "لندن 2012". تم تأسيس الاتحاد المكسيكي لكرة القدم عام 1927، وانضم بالعالم نفسه إلى الاتحاد الدولي "فيفا" قبل أن يكون أحد المؤسسين لاتحاد الكونكاكاف في عام 1961.
مشوار المكسيك في التصفيات
تمكّن المنتخب المكسيكي من بلوغ النهائيات المونديالية للمرة الثامنة على التوالي، بعد أن احتلاله المركز الثاني في تصفيات قارة أمريكا الشمالية والوسطى وجزر الكاريبي "الكونكاكاف"، بفارق الأهداف خلف منتخب كندا المتصدر. وجمعت المكسيك 28 نقطة من 8 انتصارات و4 تعادلات و هزيمتين، متقدمة على الولايات المتحدة الأمريكية الثالثة بـ 25 نقطة، وكوستاريكا التي تأهلت عبر الملحق بعد أن حلت رابعًا بـ 25 نقطة أيضًا.
تاريخ المكسيك المونديالي
تُعد المكسيك من أكثر المشاركين في العرس الكروي العالمي إذ لم تتخلف سوى عن 5 نسخ فقط منذ انطلاق البطولة عام 1930، وهي 1934 في إيطاليا، 1938 في فرنسا، 1974 في ألمانيا، 1982 في إسبانيا، و 1990 في إيطاليا.
ولكن بصورة عامة لا تملك المكسيك ذلك التاريخ المرعب على مستوى النتائج في نهائيات كأس العالم، فقد خرجت من الدور الأول في أولى مشاركاتها في مونديال الأوروغواي عام 1930، وأيضا في مونديال 1950 بالبرازيل، و1954 في سويسرا، و1958 بالسويد.
وكان مونديال 1962 في تشيلي شاهدًا على تسجيل المكسيك أول انتصار لها في كأس العالم حين تغلبت على تشيكوسلوفاكيا حينها بثلاثة أهداف لواحد، لكنها انهزمت أمام البرازيل (0ـ2) وإسبانيا (0ـ1) لتودع البطولة من الدور الأول، الأمر الذي حصل أيضًا في مونديال 1966 بإنجلترا.
في عام 1970 استضافت المكسيك النهائيات على أراضيها وسجلت نتائج لافتة، حيث تعادلت في أولى المباريات مع الاتحاد السوفيتي دون أهداف، ثم فازت على السلفادور برباعية نظيفة، قبل التغلب على بلجيكا بهدفٍ وحيد، وتأهلت إلى دور ربع النهائي وخرجت على يد إيطاليا بخسارتها بأربعة أهداف دون رد.
وبعد غيابها عن مونديال ألمانيا 1974، عادت المكسيك لتشارك في نهائيات 1978 في الأرجنتين وودعت البطولة من الباب الصغير بعد تلقيها ثلاث هزائم قاسية أمام كل من، تونس (1ـ3)، ألمانيا (0ـ6)، وبولندا (1ـ3). واحتضنت المكسيك مونديال 1986 واستطاعت الوصول إلى دور ربع النهائي، في أفضل إنجاز تحققه في نهائيات كأس العالم قبل أن تخرج بركلات الترجيح على يد ألمانيا التي وصلت للنهائي، وخسرته أمام الأرجنتين بقيادة الأسطورة الراحل دييغو أرماندو مارادونا.
وحرمت المكسيك من التواجد في مونديال 1990 على خلفية التزوير بأعمار لاعبين المنتخب الأولمبي المشارك في أولمبياد كوريا الجنوبية عام 1988، لتعود وتشارك في نهائيات 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية التي بلغت فيها دور الـ 16 وخرجت على يد بلغاريا بركلات الترجيح أيضًا.
ووصلت المكسيك إلى دور الـ 16 أيضا في مونديال فرنسا 1998 وودعت البطولة بخسارتها أمام ألمانيا في مباراة دراماتيكية تقدم خلالها المنتخب المكسيكي أولا بهدف أحرزه لويس هيرنانديز، ثم عادل يورغن كلينسمان الكفة قبل أن يخطف أوليفر بيرهوف هدف الفوز للألمان برأسية ذهبية.
ولم تنجح المكسيك في كسر عقدة تجاوز دور الـ 16 في النسخ الخمس الأخيرة، إذ أقصيت من الدور ذاته في 2002 على يد الولايات المتحدة (0ـ2)، وفي 2006 أمام الأرجنتين (1ـ 2)، وفي 2010 أمام الأرجنتين أيضا (1ـ3)، وفي 2014 أمام هولندا (1ـ2)، وفي روسيا 2018 أمام البرازيل (0ـ2).
المكسيك في مونديال "قطر 2022"
أوقعت القرعة التي سُحبت في 1 أبريل/ نيسان الماضي، منتخب المكسيك في المجموعة الثالثة إلى جانب الأرجنتين، والمملكة العربية السعودية، وبولندا. وتلعب المكسيك أولى مبارياتها في المونديال قادم أمام بولندا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني على ملعب "974" الذي سيشهد أيضًا مواجهتها أمام الأرجنتين في 26 من الشهر نفسه، وأخيرا تلاقي السعودية يوم 30 على ملعب "لوسيل".
وبالنظر إلى المنتخبات التي تضمها المجموعة الثالثة، تعتبر حظوظ منتخب المكسيك في التأهل إلى دور الـ 16 كبيرة جدا، كثاني الترتيب خلف الأرجنتين المرشحة كالعادة وبقوة لحسم الصدارة والذهاب بعيدا في المونديال.
ويمتلك المنتخب المكسيكي عناصر جيدة جدا تلعب في عدة بطولات أوروبية أمثال، يوهان فاسكيز وهيرفينغ لوزانو المحترفان في الدوري الإيطالي مع جنوى ونابولي، والمخضرم هيكتور هيريرا وخوسيه هيرنانديز وخيسوس كورونا المحترفين في الدوري الإسباني مع أندية أتلتيكو مدريد وريال بيتيس وإشبيلية، إلى جانب راؤول خيمينيز المهاجم القوي لفريق وولفرهامبتون الإنجليزي، وعديد اللاعبين من الدوري الهولندي والأمريكي والمكسيكي.
وسيقود المكسيك المدرب الأرجنتيني الخبير جيراردو مارتينو "تاتا مارتينو" الذي تولى تدريب المنتخب في 2019 خلفا للكولومبي خوان كارلوس. ويمتلك مارتينو سيرة ذاتية لا بأس بها إذ أشرف على تدريب منتخب الباراغواي (2007-2011) ووصل معه إلى ربع نهائي مونديال جنوب إفريقيا 2010، ودرب الأرجنتين (2014-2016) ووصل معها إلى نهائي كوبا أمريكا في نسختين مُتتاليتين لكنه خسر اللقب لصالح تشيلي بالمرتين، كما أشرف على الإدارة الفنية لنادي برشلونة الإسباني (2013-2014) وحقق معه لقب السوبر المحلي.
ومع الأداء المتقلب وغير المستقر لزملاء روبيرت ليفاندوفيسكي في منتخب بولندا، وقلة الخبرة الدولية لعناصر المنتخب السعودي، تبدو المكسيك مع مدرب دولي خبير ولاعبين مميزين في تشكيلة تجمع بين الخبرة والشباب، قادرة على تجاوز دور المجموعات، وربما الذهاب إلى أبعد من ذلك وفك أكبر عقدها في نهائيات كأس العالم (دور الـ 16)، فهل تنجح في ذلك؟