29-يوليو-2024
لوسي كاستيتس

(Getty) لوسي كاستيتس مرشحة ائتلاف اليسار لمنصب رئيس الوزراء

رشّحت الجبهة الشعبية الجديدة، وهي تحالف من أحزاب اليسار الفرنسي، لوسي كاستيتس، لشغل منصب رئيس الوزراء الفرنسي، بحسب ما نقل موقع "بوليتيكو" المتخصص بدول الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن السياسية التكنوقراطية التي لم تكن معروفة سابقًا، لم تكن تملك صفحة خاصة بها على موقع "ويكيبيديا" حتى ما قبل ترشيحها للمنصب الوزاري.

وتخرجت لوسي كاستيتس (37 عامًا) من المدرسة الوطنية للإدارة في باريس، وهي المدرسة المرموقة ذاتها التي تخرج منها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتشغل حاليًا منصب المدير المالية لمدينة باريس، وذلك بعد تنقلها في مناصب حكومية مختلفة على مدار عقد من الزمن.

وانتقلت كاستيتس بسرعة إلى النشاط السياسي بصفتها عضوة في الحزب الاشتراكي، حيثُ قادت مجموعة من موظفي الخدمة المدنية الذين يدافعون عن الخدمات العامة.

انتقلت كاستيتس بسرعة إلى النشاط السياسي بصفتها عضوة في الحزب الاشتراكي

وكان قد انتشر لها مقطع فيديو مقتطع من مناظرة تلفزيونية في عام 2022، تنتقد فيه وزير الخدمة العامة آنذاك، ستانيسلاس غيريني، حول اعتماد الحكومة الفرنسية على شركات الاستشارات.

وعلى الرغم من أن ظهورها الإعلامي متقطّع، إلا إن كاستيتس المولودة في مدينة "كون"، شمال غربي فرنسا، بدأت تكرر ظهورها في وسائل الإعلام منذ إعلان ترشيحها، وأكدت في أكثر من مرة أنها تنوي إجبار ماكرون على تعيينها بمنصب رئيس الوزراء.

تكنوقراطية ذات رؤية

أعلنت كاستيتس، الثلاثاء الماضي، قبولها ترشيح الجبهة الشعبية الجديدة "بتواضع كبير، وبقناعة كبيرة أيضًا"، واصفة ترشيحها بأنه "موثوق وجاد".

وأشادت رئيستها، عمدة باريس، آن هيدالغو، بمهاراتها في إدارة الميزانية، في تعليقها على خبر ترشيحها، بينما وصفها السيناتور الشيوعي، إيان بروسات، الذي عمل معها في منصبه السابق كنائب عمدة باريس للإسكان، بأنها "أكثر من مجرد تكنوقراطية كفؤة".

وقال لصحيفة بوليتيكو: "إنها شخص يتمتع برؤية سياسية يسارية تقدمية أصيلة"، وأضاف: "إنها ليست مجرد شخص يتجول بملف إكسل؛ إنها تمتلك القيم اللازمة للاستفادة منها بشكل جيد".

وأشار استطلاع رأي مبكر أجرته مؤسسة الأبحاث الاستشارية "ELABE" إلى أن 41 بالمئة من المشاركين يعتقدون أن ماكرون يجب أن يعين كاستيتس رئيسًا للحكومة، بينما يقول عكس ذلك 58 بالمئة،

وقد حظيت الجبهة الشعبية الجديدة بدعم 28 بالمئة من الناخبين في الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية المبكرة.

وأثار دور كاستيتس في الإدار المالية لباريس انتقادات عدّة، وخاصة فيما يتعلق بديون المدينة المتزايدة، والتي من المتوقع أن تصل إلى ما بين 7.9 – 8.9 مليار يورو بحلول عام 2026، وه وما يعني ارتفاعًا بـ6.6 مليار يورو عن الرقم المسجل نهاية عام 2020، وفقًا لتقرير صادر عن محكمة التدقيق الإقليمية.

وحثت المحكمة المدينة على تنفيذ: "المزيد من الجهود للسيطرة على نفقات التشغيل" من أجل ضمان "جدوى" الاستثمارات العامة في باريس.

وردت كاستيتس بالإشارة إلى أن مشاكل الديون في باريس أقل إثارة للقلق من مشاكل الدولة الفرنسية، التي أصبحت ديونها الآن الأكبر في أوروبا عند 3.1 تريليون يورو.

وقالت كاستيتس في مقابلة على الإذاعة الفرنسية، الأربعاء الماضي، إنه: "من الغريب بعض الشيء أن نسمع دروسًا من الأشخاص المسؤولين عن ديون الدولة الفرنسية".

خطة ماكرون لعرقلة اليسار

لقد رفض معارضو اليسار الفرنسي اقتراح ترشيح كاستيتس، واعتبروا أن اقتراح الجبهة الشعبية الجديدة ليس أكثر من حيلة للعلاقات العامة.

وقال أحد كبار الشخصيات في حزب "النهضة" الوسطي لصحيفة "بوليتيكو"، والذي فضّل عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة، إن: "تولي منصب رئيس الوزراء ليس بالأمر السهل، ولا يمكنك الارتجال في العمل البرلماني"، وأضاف بأن رئيس الوزراء القادم من المرجّح أن يأتي من صفوف مؤيدي ماكرون، وليس اليسار.

من جهته، أكد المتحدث باسم التجمع الوطني اليميني المتطرف، جوليان أودول، أن كاستيتس لن تكون "أبدًا" رئيسًا للوزراء، وشبه الاهتمام الإعلامي الحالي بها بـ"الهواء الساخن".

وتقضي التقاليد السياسية الفرنسية بتعيين الرئيس الفرنسي لرئيس وزراء، على أن يكون رئيس الوزراء من تحالف لمجموعة من الأحزب، أو الحزب الذي يحصل أغلبية برلمانية في الانتخابات التشريعية، وأكد الائتلاف اليساري منذ فوزه المفاجئ بالانتخابات المبكرة هذا الصيف أنه يجب منحه الفرصة لتشكيل حكومة.

وقد قاوم ماكرون هذه الدعوات، بحجة أن الجبهة الشعبية الجديدة، على الرغم من احتلالها المركز الأول، تفتقر إلى الأغلبية البرلمانية اللازمة للحكم بشكل فعّال.

اعتبر معارضو ائتلاف اليسار أن اقتراح الجبهة الشعبية الجديدة ليس أكثر من حيلة للعلاقات العامة

وبعد وقت قصير من الإعلان عن ترشيح كاستيتس، الثلاثاء الماضي، رفض ماكرون في مقابلة فرصها في تولي منصب رئيس الوزراء، وكرر دعوته إلى توقف النشاط السياسي خلال الألعاب الأولمبية.

وكرر ماكرون، الذي خسر ائتلافه أكثر من ثلث تمثيله البرلماني خلال الانتخابات المبكرة، ادعائه بأنه "لا أحد" فاز في الانتخابات، وبدا وكأنه يجادل بأن حكومة كاستيتس سيطاح بها على الفور.

ويسيطر اليسار على 193 مقعدًا في الجمعية الوطنية، وهو أقل من عتبة 289 المطلوبة للأغلبية المطلقة، مما يجعله عرضة لتصويتات حجب الثقة.

وقال ماكرون: "الأمر لا يتعلق باسم أطلقه حزب سياسي، إنه يتعلق بالأغلبية التي يمكن بناؤها في الجمعية الوطنية حتى تتمكن الحكومة الفرنسية من تمرير الإصلاحات، وتمرير الميزانية، ودفع فرنسا إلى المضي قدمًا".

ومع ذلك، فإن التوقف الأوليمبي الذي طلبه ماكرون قد يمنح كاستيتس بضعة أسابيع لتعزيز قضيتها، والضغط على الرئيس الفرنسي - خاصة مع تحدث زعماء الائتلاف اليساري بصوت واحد، والتفافهم خلف ترشيح كاستيتس لمنصب رئيس الوزراء.