ترددت أصداء الأداء الكارثي للرئيس جو بايدن في المناظرة الرئاسية مع ترامب عبر الحزب الديمقراطي، حيث بات الحزب مجبرًا على مواجهة أزمة يمكن أن تقلب الانتخابات الرئاسية رأسا على عقب، وتُغير مسار التاريخ الأميركي على حد تعبير أحد كتاب الأسوشيتد برس.
إصرار بايدن
أشار الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، إلى أنه لا ينوي الانسحاب من السباق ضد دونالد ترامب على الرغم من أدائه المخيب في المناظرة، التي سلطت الضوء على عمره، وباتت مدخلًا للتشكيك في قدراته الذهنية والمعرفية.
وبرر بايدن أداءه الضعيف في المناظرة بالإرهاق الناجم عن السفر قائلًا: "كنت مرهقًا وكدت أغفو على المسرح".
وفي تعليقها على الموضوع نفسه، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جانبيير: "لا ضرورة لخضوع الرئيس بايدن لاختبار معرفي"، مشددة على أن بايدن "يعرف كيف ينهض مجددًا"، مؤكدة في السياق ذاته أن "الإدارة الأميركية لا تخفي أي معلومات في ما يتّصل بحالته الصحية".
برر بايدن أداءه الضعيف في المناظرة بالإرهاق الناجم عن السفر قائلًا: "كنت مرهقًا وكدت أغفو على المسرح"
يعتبر الديمقراطيون الذين طرحوا تساؤلات علنية حول الحالة الصحية لبايدن أن مخاطر كبيرة تحدق بالانتخابات الرئاسية، لا تقل أهمية في نظرهم عن المخاطر التي يمكن أن تهدد أسس الديمقراطية الأميركية نفسها.
صراع الديمقراطيين
وكشفت مصادر رفيعة أن الديمقراطيين يتصارعون فيما بينهم على كيفية التعامل مع آثار المناظرة الرئاسية، والتي أظهرت الرجل الذي من المفترض أن يقود مهمة حزبهم في مظهر ضعيف، وانقسم الديمقراطيون في هذا الصدد بين داعٍ لسحب ترشحه وتقديم منافس بديل له، وطرف آخر يدعو إلى التمسك بترشيحه.
وقد أصبح النائب لويد دوجيت، وهو ديمقراطي من تكساس، أول ديمقراطي في الكونجرس يدعو بايدن إلى الانسحاب من السباق.
وأشاد في بيان ببايدن لكنه قال: إن "لديه الفرصة لتشجيع جيل جديد من القادة الذين يمكن اختيار مرشح منهم لتوحيد بلادنا من خلال عملية ديمقراطية مفتوحة".
وأضاف: "مع إدراك أن الالتزام الأول للرئيس بايدن، على عكس ترامب، كان دائما تجاه بلدنا، وليس تجاه نفسه، آمل أن يتخذ القرار المؤلم والصعب بالانسحاب. أدعوه بكل احترام إلى القيام بذلك".
وكان عدد لا يستهان به من الديمقراطيين أعربوا في الكونغرس طيلة الأيام الأخيرة عن قلقهم الصريح، ليس فقط بشأن أداء بايدن خلال المناظرة التي استمرت 90 دقيقة مساء الخميس، ولكن أيضًا بشأن مستوى الشفافية التي قدمها فريق بايدن بشأن لياقته العقلية.
وفي هذا الصدد قال السيناتور شيلدون وايتهاوس، من ولاية رود آيلاند، لمحطة تلفزيون محلية تابعة لشبكة سي بي إس هذا الأسبوع إنه "شعر بالرعب" من أداء بايدن وأكاذيب ترامب خلال المناظرة.
وقال وايتهاوس: "يريد الناس التأكد من أن هذه الحملة جاهزة للانطلاق والفوز، وأن الرئيس وفريقه صريحون معنا بشأن حالته – وأن ما حدث في المناظرة هو استثناء وليس الوضع العادي للرئيس".
أما النائب جيمي راسكين، وهو ديمقراطي بارز من ولاية ماريلاند، فقال في تصريح على قناة MSNBC "إن هناك محادثات صادقة وجادة وصارمة للغاية تجري على كل مستوى من مستويات حزبنا"، مضيفا أن الديمقراطيين بحاجة إلى أن يكون بايدن في "قلب" حملتهم لتقديم الحجة القائلة بأن الحزب الجمهوري ينزلق نحو الاستبداد في عهد ترامب، لكنه أثار أيضًا احتمال عدم استمرار بايدن كمرشح للرئاسة.
ويشعر البعض بالقلق من أن نقاط ضعف بايدن يمكن أن تقلل من حماس الناخبين المحتملين، مما يخلق تأثيرًا مضاعفًا يضر بالديمقراطيين وهم يحاولون التمسك بأغلبية ضيقة في مجلس الشيوخ واستعادة السيطرة على مجلس النواب.
وانصرفت الأنظار في الأثناء إلى مواقف من يوصفون بكبار الديمقراطيين الذين بإمكانهم التأثير في قرار بايدن بالانسحاب أو الاستمرار في المشاركة، على غرار زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، لكن هؤلاء لم يخرجوا بعد بمواقف تشي بتراجعهم عن دعم بايدن، ففي آخر تصريح له قال جيفريز للصحفيين "لم تكن هناك مناقشات بين القيادة العليا حول أي شيء آخر غير التأكد من أننا نواصل صياغة رؤية مقنعة للمستقبل للشعب الأمريكي، فيما يتعلق بالقضايا ذات الأهمية حول الاقتصاد".
ونشر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، وهو ديمقراطي من نيويورك، على منصة إكس، منشورًا قال فيه إن المناظرة "أظهرت للناخبين أن هناك خيارًا بين أربع سنوات أخرى من التقدم، أو أربع سنوات أخرى من استهداف حقوقنا الأساسية وديمقراطيتنا".
وقال البيت الأبيض أمس الثلاثاء إن بايدن يعتزم التحدث مع زعماء الكونغرس هذا الأسبوع. وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، الثلاثاء، "إنهم يحترمون آراء وأفكار أعضاء الحزب المعنيين"، وأضافت: "هذا ما يجعل هذا الحزب مختلفًا عن الطرف الآخر" في إشارة للحزب الجمهوري.
أما حلفاء بايدن فانتقدوا بشدة تركيز وسائل الإعلام على القدرات العقلية لبايدن، بحجة أنه بدلًا من ذلك يجب التركيز على سجل ترامب في رفض قبول نتائج انتخابات 2020 والإدلاء بتصريحات كاذبة بشكل متكرر.
واعترفت النائبة فيرونيكا إسكوبار، وهي ديمقراطية من ولاية تكساس وهي جزء من لجنة حملة بايدن، بأن المناظرة لم تكن كما كانت تأمل، لكنها أضافت: “أعتقد أنه يجب أن تكون هناك محادثة حقيقية حول الأشياء التي قالها دونالد ترامب. إنه أكثر من حقير".
ونفى النائب روبرت جارسيا، الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، وجود مخاوف من انقسام الحزب الديمقراطي، قائلًا: "نحن ندعم جو بايدن بنسبة 100 ٪، الصورة واضحة وضوح الشمس، إنه مرشحنا. لذا فإن أي شيء آخر غير ذلك هو مجرد ثرثرة سياسية".
وكان موقع أكسيوس الأميركي تحدث عن ما وصفها باستراتيجية حلفاء بايدن الجديدة لتثبيت ترشحه وحسم الخلافات حوله.
وتتضمن إستراتيجية حملة بايدن لمقاومة الدعوات للتنحّي حسب أكسيوس ما يلي:
- نشر بيانات والإصرار على أنّ الأداء السيئ في ليلة المناظرة كان نتيجة إصابته بنزلة برد، والإفراط في الاستعداد للمناظرة.
- نشر نتائج استطلاعات الرأي التي تظهر أنّ المناظرة لم يكن لها تأثير كبير على تغيير ديناميكيات السباق. ورغم أن استطلاعات الرأي أظهرت أنّ عددًا كبيرًا من الناخبين اعتبروا أن بايدن خسر المناظرة، وبدا كبيرًا جدا بالعمر، إلا أنّ الأدلة لا تُشير إلى أنّهم يتّجهون للتصويت لترامب.
- التحذير من الفوضى، إذ يوضح حلفاء بايدن في محادثات خاصة مخاطر اختيار بديل أقل شعبية من بايدن، وبالتحديد نائبة الرئيس كاميلا هاريس؛ ويقولون إنّ بايدن يحتاج فقط إلى الوصول إلى المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو في آب/أغسطس المقبل، وبعد ذلك ستكون الوحدة هي الخيار الوحيد.
- الحد من معارضة ترشيح بايدن، عبر تنسيق التغريدات الداعمة للرئيس من قبل الرئيسين السابقين كلينتون وأوباما، إضافة إلى إبقاء القادة المنتخبين قريبين من الحملة والرئيس، على غرار زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، والزعيم الديمقراطي في مجلس النواب حكيم جيفريز، اللذين يشعران بقلق عميق من أنّ خسارة بايدن قد تكلّفهما مقاعدهما في يوم الانتخابات.
- طمأنة المانحين حيث تستمرّ الحملة واللجنة الوطنية الديمقراطية بتوجيه نداءات لجمع التبرعات وتسليط الضوء على النجاحات التي حقّقها بايدن.
- العمل على إثبات حيوية بايدن، من خلال استغلال أي فرصة لظهوره في التجمّعات، وإظهار أنّه لا يزال مؤهلًا رغم سنّه.
وترى حملة بايدن، حسب موقع أكسيوس، أنّه قادر على تحقيق نصر بفارق ضئيل من خلال إلقاء خطاب قوي في المؤتمر الديمقراطي بشيكاغو، والظهور بمظهر قوي في المناظرة الثانية التالية، وإعلان أخبار اقتصادية إيجابية في الخريف، ربما خفض سعر الفائدة.