23-أغسطس-2024
مشاورات الحكومة الفرنسية

مرشحة تحالف اليسار لوسي كاستيتس تصل إلى الإليزيه للقاء إيمانويل ماكرون (رويترز)

أطلق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، مشاورات مع القوى السياسية الرئيسية في فرنسا باستقباله المعارضة اليسارية في أول مبادرة له عقب مهلة وفرتها دورة الألعاب الأولمبية، حيثُ يسعى إلى تشكيل حكومة بعد الانتخابات الأخيرة، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية.

وقالت الوكالة الفرنسية إن هذا اليوم يبدو طويلًا وضاغًطا على ماكرون الذي يواجه اعتراضات داخل معسكره، منذ اتخذ قرارًا شبه منفرد بحل الجمعية الوطنية، والدعوة إلى انتخابات مبكرة، غداة انتخابات برلمانية أوروبية كانت نتائجها كارثية لمعسكره.

وتدير حكومة، غابريال أتال، المستقيلة تصريف الأعمال منذ 38 يومًا، وهي مدة غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، مع اقتراب استحقاقات كبيرة تتعلق بالميزانية.

تدير حكومة، غابريال أتال، المكلفة بتصريف الأعمال منذ 38 يومًا، وهي مدة غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية

وفي محاولة للخروج من الأزمة، أطلق ماكرون هذه الجلسات باستقباله في قصر الإليزيه "الجبهة الشعبية الجديدة"، وهو تحالف ظرفي يضم : الحزب الاشتراكي، الحزب الشيوعي الفرنسي، حزب فرنسا الأبية، وحزب البيئة الأوروبية، وحقق التحالف مفاجأة  بحصوله على 193 نائبًا بعيدًا عن الغالبية المطلقة البالغة 289 مقعدًا.

ولدى وصولها إلى قصر الإليزيه، أكدت مرشحة الجبهة لمنصب رئاسة الوزراء الموظفة الرسمية الرفيعة المستوى، لوسي كاستيتس، أنها تحمل "حلًا للاستقرار" السياسي في البلاد، وأضافت "جئنا لنذكّر الرئيس بأهمية احترام نتائج الانتخابات، وإخراج البلاد من حالة الشلل التي تعيشها".

ومن المتوقع أن يستقبل ماكرون أيضًا المسؤولين في معسكره، ومن ثم اليمين الجمهوري، وقد حصل معسكر ماكرون على 166 مقعدًا.

وينهي ماكرون يومه مع تشكيلين أقل حجمًا قبل إجراء مباحثات جديدة، الإثنين المقبل، مع اليمين المتطرف المؤلف من التجمع الوطني وحلفائه (142 نائبًا)، وهم الوحيدون الذين يستبعدون المشاركة في ائتلاف حكومي، ويستعدون للاستحقاقات المقبلة، لا سيما الانتخابات الرئاسية في 2027.

وأوضح الإليزيه، أمس الخميس، أن هذه المشاورات تهدف إلى "الوقوف على الشروط" لقبول هذه القوى السياسية تشكيل "غالبية واسعة"، مؤكدًا أن الرئيس "ضامن المؤسسات".

وأضاف المصدر نفسه أن "الاستقرار" يعني "قدرة الحكومة على عدم السقوط أمام أول مذكرة لحجب الثقة ضدها"، وفقًا لما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.

وفي صفوف اليسار، تصر الجبهة الشعبية الجديدة بشراسة على مرشحتها كاستيتس، وتتهم ماكرون بالمماطلة لتجنب التعامل مع اليسار، فقد ندد حزب "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي)، اليوم الجمعة، والذي يهيمن على الجبهة بـ"السلوك الاستبدادي" لماكرون.

وفيما أكد منسق الحزب، مانويل بومبار، أنه "يجب أن يتقبل (إيمانويل ماكرون) هزيمته"، مضيفًا "لقد أضعنا الكثير من الوقت"، فإن زعيمة الخضر،  مارين تونديلييه، رأت أن ماكرون يمارس "التقاعس" و"العرقلة".

إلا ان المأزق لا يزال مستمرًا، إذ يستبعد ماكرون تعيين كاستيتس، فيما يهدد المعسكر الرئاسي واليمين واليمين المتطرف بمذكرة حجب ثقة عن أي حكومة تضم وزراء من حزب "فرنسا الأبية".

ويثير الحزب معارضة كبيرة، ويُتهم خصوصًا بمراعاة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، في الحرب الجارية بينها وبين الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وحتى أن "فرنسا الأبية" يتهم بـ"معاداة السامية".

وأثار زعيم الحزب، جان لوك ميلانشون، الذي تنقسم الآراء كثيرًا حوله امتعاضًا في صفوف تكتل اليسار بتهديده بالمطالبة بإقالة رئيس الجمهورية.

وفيما يستمر ماكرون برفض تولي "الجبهة الشعبية الجديدة" حكومة برئاسة كاستيتس تضم وزراء من "فرنسا الأبية"، فإن ذلك يحد من الخيارات المتاحة لتولي رئاسة الحكومة.

وبحسب الوكالة الفرنسية فإنه في صفوف الوسط لا يجرؤ المعسكر الرئاسي على المبادرة، أما في  صفوف اليمين يتحفظ الجمهوريون على احتمال التوصل إلى اتفاق بشأن الحكومة، فيما تبدي أطراف أخرى قدرًا أكبر من الانفتاح، وتسري أسماء رؤساء وزراء سابقين وصولًا إلى يسار الوسط.

وعادت المبارزات الكلامية التي كانت مسيطرة قبل الألعاب الأولمبية لتسيطر مجددًا، فيما البلاد أمام استحقاق إعداد ميزانية العام 2025 بحلول الأول من تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

وكان تحالف اليسار قد وعد بسياسة بعيدة كل البعد عن تلك الراهنة مع زيادة الحد الأدنى للأجور، وإلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي لا يحظى بقبول.