تُخطط كوريا الجنوبية للانخراط على نحو مباشر في الصراع الروسي - الأوكراني، وذلك بعدما تخطّت غريمتها بيونغ يانغ مستوى دعم موسكو بالأسلحة إلى مستوى إرسال الجنود للمشاركة في العمليات القتالية على الميدان.
وفي أحدث موقف لسيول حول هذا الملف، قال الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك، أمس الخميس، إنه "لا يستبعد أن تزود بلاده أوكرانيا بالأسلحة بطريقة مباشرة"، إذ تُعد كوريا الجنوبية من كبار مصدري الأسلحة عالميًا.
وسيمثّل إرسال الأسلحة الكورية الجنوبية إلى أوكرانيا - إن حصل - تغيرًا جوهريًا في سياسة سيول القاضية بعدم تصدير أسلحة إلى أي بلد يشهد حربًا، كما أنه قد يُعد إنقاذًا للموقف الأوكراني، في مواجهة الضغط الذي سيمارسه ترامب على أوكرانيا للقبول بإنهاء الحرب، وفق شروط تعتبرها كييف إعلان استسلام. فمن شأن الدعم الكوري الجنوبي، إن تحقق، مع استمرار الدعم الألماني، أن يُمكّن أوكرانيا من مواصلة خوض الحرب، خاصةً أن برلين تعد ثاني أهم داعم لأوكرانيا بالسلاح والأموال بعد الولايات المتحدة الأميركية.
تطمح أوكرانيا في حالة تخلّي ترامب عن دعمها إلى المحافظة على الدعم الألماني والحصول على الدعم العسكري الكوري الجنوبي لتعويض خسارة دعم واشنطن
وكان الرئيس الكوري الجنوبي قد قال، خلال مؤتمرٍ صحفي يوم أمس في العاصمة سيول، "الآن، اعتمادًا على مستوى ضلوع كوريا الشمالية، سنعدل تدريجيًا استراتيجيتنا للدعم على مراحل. هذا الأمر يعني أننا لا نستبعد إمكان إرسال أسلحة إلى أوكرانيا بشكل مباشر".
وبحسب الرئيس الكوري الجنوبي، سيكون التركيز والأولوية "إذا انخرطنا في دعم على مستوى التسليح، للأسلحة الدفاعية" لا الهجومية، علمًا بأن كييف تتطلع منذ فترة إلى الحصول على أسلحة غربية هجومية بعيدة المدى، وإلى الحصول على منظومات دفاع متطورة على غرار منظومة "ثاد" الأميركية للدفاع الجوي، التي توجد منها بطاريتان في كوريا الجنوبية حاليًا.
وكشف الرئيس الكوري الجنوبي في مؤتمره الصحفي أنه اتفق مع ترامب خلال اتصال هاتفي للتهنئة بالفوز في الانتخابات على اجتماع قريب مع ترامب، مشيرًا إلى أنه قد يكون قبل نهاية العام الجاري. وتخشى كوريا الجنوبية من أن تؤثر عودة ترامب على مستوى التعاون الأمني مع واشنطن، الذي تعزز بشكل كبير خلال إدارة بايدن بالتزامن مع التصعيد مع جارتها الشمالية، خاصةً أن ترامب سبق وأن عقد قمة ثنائية نادرة مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون في هانوي عام 2019، وتسبب فشل تلك القمة في "تخلي بيونغ يانغ عن الدبلوماسية، بمضاعفة تطوير الأسلحة ورفض عروض واشنطن للمحادثات".
وكانت كوريا الشمالية حاضرة أثناء حملة ترامب. ففي أحد نشاطات حملته الانتخابية، صرّح قائلًا خلال حملته الانتخابية "أعتقد أن كيم يفتقدني، من الجيد أن أتوافق مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية".
وحول طبيعة العلاقة التي ستميز المرحلة القادمة، يعتقد المحلل في معهد كوريا للتوحيد الوطني هونغ مين "أنه مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، قد تمتنع كوريا الشمالية عن انتقاد الولايات المتحدة بشكل صريح أو القيام باستفزازات كبيرة مع اقتراب العام المقبل، ما قد يجس نبض إدارة ترامب المقبلة"، مضيفًا أنه إذا أظهر ترامب "مقدارًا كبيرًا من المرونة، فقد يكون الاتفاق بشأن المحادثات النووية بين الاثنين في متناول اليد، بالرغم من أن عوامل مثل التحالف الوثيق بين روسيا وكوريا الشمالية قد تشكل تحديات" وفق تصوّره.
يشار إلى أنه يوجد في الخلفية المباشرة للموقف الكوري الجنوبي المستجد قرارُ مصادقة مجلس الاتحاد الروسي، قبل يوم أمس الأربعاء، على معاهدة الدفاع المشترك مع كوريا الشمالية.
ويذكر أنّ المعاهدة التي صادق عليها مجلس الدوما الروسي أُبرمت حزيران/يونيو الماضي، على هامش "زيارة نادرة قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكوريا الشمالية"، وتنص المعاهدة على "تقديم المساعدة العسكرية الفورية حال تعرض أي الطرفين لهجوم".
وأكّد أكثر من مصدر، بما في ذلك الرئيس الأوكراني زيلينسكي، أن كوريا الشمالية نشرت "11 ألف جندي كوري شمالي في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا إسنادًا للقوات الروسية هناك".