10-يونيو-2024
غانتس وآيزنكوت

(AFP) غانتس وآيزنكوت

تستمر استقالة غانتس وآيزنكوت من حكومة الطوارئ المعروفة بمجلس الحرب في التفاعل داخل إسرائيل. وذلك في ظلّ توقعات أن تترك الاستقالة أثرا عميقا في المشهد السياسي الإسرائيلي، حتى وإن لم تؤدّ إلى سقوط حكومة نتنياهو الحالية. فمن شأن تزايد الضغط الاحتجاجي في الشارع والتحاق كتلٍ وازنةٍ من الطيف السياسي بمعسكر غانتس والمعارضة أن يضطرّ نتنياهو إلى اتخاذ قرارات مصيرية لا يريد اتخاذها، وليس أدناها ولا أقلها مرتبةً الذهاب إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها.

وقد بدأت بالفعل تحركاتٌ سياسيةٌ لتحشيد أكبر قدر من الدعم السياسي للذهاب نحو الانتخابات المبكرة، فبحسب هيئة البث الإسرائيلية سيجتمع اليوم الإثنين 10 حزيران/يونيو رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان  بغانتس، وعلّق ليبرمان على هذا الاجتماع بالقول: "آمل أن ينضم إلينا لإسقاط الحكومة".

وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية قد نقلت منتصف اليوم الإثنين 10 حزيران/يونيو عن رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان قوله إن حزبه "لن ينضم إلى هذه الحكومة"، معتبرًا أنّ "نتنياهو غير مؤهل" لإدارة شؤون الحكم في هذه الآونة. فحتى اللحظة يقول ليبرمان "لم نحقق اختراقًا كبيرًا في الجنوب أو الشمال ونتنياهو غير قادرٍ على الحسم"، واعتبر ليبرمان في تصريحٍ آخر ليديعوت أحرنوت أنّ ثمة حلًّا واحدًا فقط لهذا الوضع وهو "الانتخابات" على حدّ وصفه.

وكان نتنياهو قد وجه انتقادًا لاذعًا لاستقالة عضو مجلس الحرب بيني غانتس، حيث وصفها بالممارسات السياسية التافهة، مؤكدًا رفضه إنهاء الحرب أو التنازل عن تحقيق هدف القضاء على حماس الذي يشكك الكثيرون في موضوعيته.

يحاول المتابعون للشأن الإسرائيلي تلمّس آثار استقالة غانتس بعيدًا عن هاجس انهيار الائتلاف الحكومي الذي يتحكّم بنتنياهو، فهذه الاستقالة من المستبعد أن تؤدي لانهيار الائتلاف الذي يَجمع نتنياهو بأحزاب الصهيونية الدينية، لكنّ تأثيرات وانعكاسات الاستقالة تبرز جليةً في إفراغ مجلس الحرب من مضمونه عمليا كتجسيدٍ للوحدة، ولذلك ترجّح وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة أن يقوم نتنياهو بحله.

وجه نتنياهو انتقادًا لاذعًا لاستقالة عضو مجلس الحرب بيني غانتس، حيث وصفها بالممارسات السياسية التافهة، مؤكدًا رفضه إنهاء الحرب أو التنازل عن تحقيق هدف القضاء على حماس

 الأمر الآخر في انعكاسات الاستقالة يتمثل في السماح للخلافات الأخرى داخل الطاقم الوزاري لنتنياهو بالبروز، وهي خلافاتٌ كانت تغطيها الخلافات مع غانتس وآيزنكوت. ومن أبرز تلك الخلافات التي تمثل بؤر توترٍ في طاقم نتنياهو الحكومي مسألة تجنيد "الحريديم".

فضلا عن ذلك يرى متابعون، أنّ من شأن هذه الاستقالة أن تدعم حراك الشارع الإسرائيلي "الذي يخرج أصلًا منذ عدة أشهر للتظاهر ضد نتنياهو وحكومته"، إذ سيبدو الائتلاف الحكومي من دون غانتس وآيزنكوت مجرد ائتلافٍ شديد التطرف "يحكمه عمليًا سموتريتش وبن غفير، ما قد يؤجج الاحتجاجات ضد الحكومة أكثر من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بغزة".

كما ينظر المتابعون بترقبٍ لموقف وزير الأمن يوآف غالانت، من دون عقد آمال كبيرة على موقفه بوصفه عضوا في حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، لكن من غير المستبعد أيضا حسب هؤلاء أن يقود غالانت حراكا ضدّ نتنياهو في حال ما إذا تمكن من جذب أعضاء آخرين في حزب الليكود مستعدون لمواجهة نتنياهو الذي استنفد حسب العديد من المحللين كل فرصه السياسية ويكافح، دون جدوى، لمدّ عمره السياسي المنتهي فعليا منذ السابع من أكتوبر.

هذا على صعيد الحسابات الداخلية في إسرائيل، أمّا على المستوى الخارجي فإنّ استقالة غانتس ينظر إليها بكثير من الأهمية، خاصة في واشنطن، التي يحظى فيها غانتس بتقدير كبير، وحيث ينظر إليه كبديل مقبول لنتنياهو الذي لم يألُ جهدًا في ردّ كل مبادرات الإدارة الأمريكية لإنهاء الحرب أو لتسليط أي ضغط دولي عليه.

ويعتقد مراقبون أنّ الإدارة الأمريكية تمنّي النفس بأن تدفع استقالة غانتس رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو إلى قبول "الخطة التي طرحها الرئيس جو بايدن فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة". وهي خطة كان غانتس يراها إيجابيةً، فيما امتنع نتنياهو عن تبنيها علنيًّا.

كما يراهن متابعون فلسطينيون للشأن الإسرائيلي على أن تكثف الإدارة الأمريكية من ضغوطها على تل أبيب بعد استقالة غانتس وبقاء الحكومة، خالصة لليمين المتطرّف.

وفي كلّ الأحوال يمكن القول إنّ نتنياهو لا يعيش أفضل لحظاته السياسية بالمرة، وتتزايد عليه الضغوط لا من الشارع الإسرائيلي فحسب، بل من داخل ائتلافه الحكومي، حيث يطالبه بن غفير بضمه إلى مجلس الحرب.