09-يونيو-2024
النصيرات

مجزرة النصيرات

ندد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بالمجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوم السبت، في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، معربًا عن بالغ قلقه من التقارير عن احتمال استخدام الاحتلال الرصيف الأميركي العائم، المخصص لنقل إمدادات إنسانية إلى غزة، لأغراض عسكرية.

وقال الأورومتوسطي في بيان صحافي، إن أكثر من 200 فلسطيني استشهدوا وأصيب مئات آخرين بجروح، غالبيتهم من النساء والأطفال، في إحصائية أولية قابلة للزيادة مع استمرار عمليات الانتشال، بفعل هجمات جوية وبرية وبحرية شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل مكثف وعنيف على مدار نحو ساعتين على منطقة "السوق المركزي"، والذي يضج بالآلاف من السكان يومياً في مخيم النصيرات والمناطق المحيطة، وطالت لاحقًا أغلب مناطق وسط قطاع غزة.

وعقب الهجمات واسعة النطاق، أعلن جيش الاحتلال أن قواته بالتنسيق مع جهاز الأمن العام والشرطة الإسرائيلية، تمكنت من استعادة أربعة محتجزين إسرائيليين في عملية نفذتها قوات خاصة في مخيم النصيرات.

وقال الأورومتوسطي إن العملية المذكورة لجيش الاحتلال الإسرائيلي اتسمت بشن هجمات جوية ومدفعية عشوائية كثيفة، للتغطية على انسحاب القوات الإسرائيلية التي أسفرت عن خسائر مفرطة في أرواح المدنيين، وايقاع عدد كبير من الإصابات بينهم، وإلحاق أضراراً واسعة بالأعيان المدنية، بما يشكل مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، بما يشمل مبادئ الإنسانية والتمييز والضرورة العسكرية والتناسب واتخاذ الاحتياطات الواجبة.

الأورومتوسطي: التظاهر باستخدام وسائل النقل المخصصة للمساعدات الإنسانية، وارتداء لباس العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية كغطاء، يشكل جريمة غدر وفقًا لأحكام القانون الدولي الإنساني

واستعرض المرصد الأورومتوسطي شهادات لنازحين من غزة إلى مخيم النصيرات، ومنهم "ناصر غبن" الذي أكّد أن أصوات إطلاق النار خلال الهجوم على المخيم كانت غير معهودة، واتسمت بالعشوائية المفرطة، بالتزامن مع استهداف جوي ومدفعي لعدد كبير من المباني والشقق السكنية.

وذكر غبن أنه نجا بأعجوبة من القصف الإسرائيلي المكثف على منطقة سوق النصيرات أثناء تواجده مع أحد أقاربه بغرض شراء بعض احتياجاتهم من الطعام، وأنه خلال هروبه من منطقة الحدث شاهد عشرات الجثث الملقاة في الطريق، بعضها تحول إلى أشلاء متقطعة ومنها ما يعود لأطفال صغار.

كما استعرض المرصد شهادة أخرى لشاب يدعى فيصل، والذي قال إن طائرات حربية ومسيرات إسرائيلية شنت هجمات مكثفة أولًا في المناطق المنطقة الشمالية الغربية من مخيم النصيرات، ومن ثم توسعت الهجمات لتطال مناطق أكبر في المخيم، بما في ذلك إطلاق عشوائي لقذائف مدفعية من دبابات كانت تتمركز عند مدخل مخيم البريج ومنطقة شارع العودة شمال شرق النصيرات.

وأضاف الشاب فيصل أن القصف الإسرائيلي المكثف أكره آلاف المدنيين على محاولة النزوح من مخيم النصيرات هربًا من حدة الاستهداف العشوائي واسع النطاق، غير أنه تم ملاحقة العديد بإطلاق النار من مسيرات (كواد كابتر) والقذائف المدفعية منهم، ما أدى إلى انتشار الجثث والمصابين في كل مكان هم ملقون على الأرض، لا سيما في منطقة شارع "جولس" وسط المخيم.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ذكر أنه تابع إعلان مسؤول أميركي بأن "خلية الرهائن" الأمريكية في "إسرائيل" دعمت جهود استعادة المحتجزين الأربعة من قطاع غزة. فيما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن شاحنة إسرائيلية انطلقت من منطقة الرصيف الأمريكي العائم قبالة ساحل بحر قطاع غزة تحت ستار نقل إمدادات إنسانية، بينما كانت تقل قوات إسرائيلية خاصة نفذت عملية استعادة المحتجزين الأربعة.

طالب الأورومتوسطي بمساءلة ومحاسبة الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها شريكًا رئيسيًا في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية

وقالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إن "خلية الرهائن الأمريكية لعبت دورًا حاسمًا في تخليص الرهائن، وتم استخدام تكنولوجيا أمريكية فائقة الدقة لم تستخدم قبل ذلك في عملية تحرير الرهائن". ونشرت مقاطع فيديو للشاحنة وسيارة من نوع "كادي" لحظة التسلل قبل الحادثة.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن التظاهر باستخدام وسائل النقل المخصصة للمساعدات الإنسانية، وارتداء لباس العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية كغطاء، يشكل جريمة غدر، وفقًا لأحكام القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر الأعمال التي تستثير ثقة الخصم مع تعمد خيانة هذه الثقة، مما يدفع الخصم إلى الاعتقاد بأن له الحق في الحماية أو أنه ملزم بتقديمها، ما يؤدي إلى قتله أو إصابته. ويصنف ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جريمة الغدر كجريمة حرب.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنه ينبغي التحقيق في احتمال استخدام الرصيف الأمريكي العائم، والذي أعلنت واشنطن جاهزيته لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في 17 أيار/مايو الماضي، قبل أن يتم الإعلان عن تعطله بعد أيام من ذلك، لأغراض عسكرية والمساهمة في جرائم قتل مدنيين فلسطينيين.

وطالب الأورومتوسطي بمساءلة ومحاسبة الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها شريكًا رئيسيًا في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية، وذلك لتقديمها مختلف أشكال الدعم العسكري واللوجستي والعملياتي والمالي لإسرائيل في هجومها العسكري على القطاع، وبما يشمل مساءلة ومحاسبة كافة المسؤولين الأمريكيين الذين شاركوا في اتخاذ القرارات ذات الصلة جنائيًا.