شهد العام 2022 ارتفاعًا قياسيًا في الانتهاكات المرتكبة بحق الصحفيين في العالم، مقارنةً مع العام الماضي، ولم يقتصر الأمر على البلدان التي تشهد توترات أو حروب، بل شمل البلدان التي تعيش حالةً من السلم.
شهد العام 2022 ارتفاعًا قياسيًا في الانتهاكات المرتكبة بحق الصحفيين في العالم
وفي تقريرها السنوي، رصدت منظمة "مراسلون بلا حدود" اعتقال 533 صحفيًا عبر العالم، وبحسب المنظمة لم يسبق أن اعتقل في العالم الكثير من الصحفيين والصحفيات بسبب عملهم كما حدث هذا العام.
المستوى القياسي في عدد الصحفيين المعتقلين، يشير إلى زيادة بـ 40 صحافيًا عن العام الماضي، والذي سجل بالأساس عددًا مرتفعًا بلغ 488 صحفيًا.
وتوزع أكثر من نصف المعتقلين على 5 دول هي: الصين، وميانمار، وإيران، وفيتنام، وبيلاروسيا، ووصفت المنظمة الصين بأنها "أكبر سجن للصحفيين في العالم"، حيث تحتجز السلطات الصينية ما لا يقل عن 110 صحفيًا، في بلد قالت عنه أنه "يشهد مستويات فظيعة من الرقابة والتجسس"، إذ قالت "مراسلون بلا حدود" إن موجة الاعتقالات طالت الصحفية المستقلة هوانغ شوكين، التي "تدفع ثمن تحقيقاتها عن حالات التحرش الجنسي بالنساء والفتيات، وتطرقها لقضايا تتعلق بالفساد والتلوث الصناعي".
وأشارت "مراسلون بلا حدود" إلى أن إيران انضمت إلى هذه المجموعة، بعد اندلاع الاحتجاجات بسبب مقتل الشابة مهسا أميني، ويوجد حاليًا 47 صحفيًا في السجون الإيرانية. ووفقًا للمنظمة، تمت إدانة "ما يزيد عن ثلث العاملين في مجال الإعلام المسجونين في العالم، وينتظر البعض محاكمتهم منذ أكثر من 20 عامًا".
أما الصحفيات المسجونات، فقد بلغ عددهن هذا العام 78 صحفيةً، وهو أعلى رقم من أي وقت مضى، ولفت التقرير إلى أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر "يلجأ إلى أسلوب اتهام ناقديه بالضلوع في الإرهاب لتبرير استمرار احتجاز 3 من أصل الصحافيات 26 القابعات في السجون المصرية حاليًا، علماً أن 2 منهن اعتقلتا هذا العام، وإحداهما الصحفية هالة فهمي".
كما وثَّقت المنظمة ما لا يقل عن 65 صحفيًا رهينة، و49 صحفيًا في عداد المفقودين، من بينهم أوليفييه دوبوا المحتجز منذ أكثر من 20 شهرًا لدى جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة في مالي، والأمريكي أوستن تايس المختطف في سوريا منذ ما يقرب من 10 سنوات.
هذا وسجلت منظمة "مراسلون بلا حدود" ارتفاعًا في عدد الصحفيين الذين لقوا حتفهم أثناء ممارسة نشاطهم المهني، بعد سنتين من الهدوء، وشهد عام 2022، مقتل 57 صحفيًا، 80% منهم قتلوا عمدًا، وتُعد الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ 24 شباط/ فبراير 2022، سببًا في ارتفاع هذا العدد، بحسب التقرير.
أما في فلسطين المحتلة، فقد أدى تزايد القمع الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين هذا العام، إلى استشهاد مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، التي لم يُحاسب أي مسؤول عن اغتيالها حتى الآن، رغم أن عددًا من التحقيقات المستقلة، خلصت إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدفها عمدًا. بالإضافة إلى الصحفية غفران وراسنة.
وبعيدًا عن الأحداث الميدانية، سُجلت أيضاً وفاة الصحفي والكاتب بكتاش آبتين في أحد سجون إيران مطلع العام لعدم حصوله على الرعاية الطبية اللازمة.
وفي المقابل، بلغ متوسط الصحفيين القتلى في بعض البلدان التي تعيش حالة سلم ما يزيد عن 6 صحفيين خلال العام 2022، إذ شهدت المكسيك وحدها مقتل 11 صحفيًا بالإضافة إلى 6 صحفيين في هايتي و3 في البرازيل، ما جعل قارة أمريكا اللاتينية أخطر منطقة في العالم على حياة الصحفيين خلال عام 2022، حيث شهدت مقتل ما يقرب من نصف إجمالي الصحفيين الذين لقوا حتفهم في هذا العام.
شهدت المكسيك وحدها مقتل 11 صحفيًا، بالإضافة إلى 6 صحفيين في هايتي، و3 في البرازيل
كما سلط تقرير "مراسلون بلا حدود" الضوء حول بعض أبرز الحالات المسجلة عام 2022، مثل إيفان سافرونوف، أحد أفضل الصحفيين الاستقصائيين في روسيا، الذي حُكم عليه بالسجن 22 عامًا لكشفه "أسرار الدولة" بحسب لائحة الاتهام، في قضية تتعلق بنشر معلومات كانت متاحةً لعامة الجمهور على الإنترنت، وكذلك البريطاني دوم فيليبس الذي عُثر على جثته مقطَّعة الأوصال في منطقة الأمازون، حيث كان يوثق نضال القبائل المحلية ضد الصيد غير المشروع والتعدين وقطع الأشجار. وكشفت المنظمة أن البلدان الأخطر على حياة الصحافيين هي: المكسيك، وأوكرانيا، وهايتي، والبرازيل، واليمن، وسوريا.
