سيبدأ رئيس الوزراء الفنلندي المحافظ الجديد المحتمل بيتيري أوربو، هذا الأسبوع في استكشاف خيارات الائتلاف الحكومي الذي ينوي تشكيله، بعد فوز ضئيل في الانتخابات أدى إلى تحويل سياسة الدولة الاسكندنافية إلى اليمين ودفع حزب رئيس الوزراء سانا مارين، نجمة اليسار الأوروبي، إلى المركز الثالث في البرلمان، وذلك بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
سيبدأ رئيس الوزراء الفنلندي المحافظ الجديد المحتمل بيتيري أوربو، هذا الأسبوع في استكشاف خيارات الائتلاف الحكومي
وأظهرت النتائج النهائية للانتخابات الفنلندية، أن حزب الائتلاف الوطني الذي ينتمي إليه أوربو، والذي قام بحملته على أساس برنامج كبح الإنفاق العام، حصل على 48 مقعدًا في البرلمان المؤلف من 200 مقعدًا، وحصل حزب الفنلنديين اليميني المتطرف المناهض للهجرة على 46 مقعدًا وحزب مارين الاشتراكي الديمقراطي 43 مقعدًا. وفيما يتعلق بنسب الأصوات، حصل حزب المؤتمر الوطني على 20.6%، وحزب الفنلنديين 20.1%، والحزب الاشتراكي الديمقراطي 19.9%، ويحصل الحزب الأكبر تقليديًا على الفرصة الأولى لتشكيل حكومة، ومنذ التسعينات يتولى منصب رئيس الوزراء دائمًا.
بدوره، قال بيتيري أوربو لمؤيديه: "لقد كان فوزًا"، مضيفًا أن النتيجة أعطت حزب المؤتمر الوطني"تفويضًا قويًا لمتابعة سياساته الرئيسية المتمثلة في إصلاح الاقتصاد، وتعزيز النمو، وخلق وظائف جديدة "، على حد قوله. وقال إن الحزب كان "بديلًا واضحًا للحكومة اليسارية".
من جانبها، هنأت مارين أوربو بالانتخابات، وكانت مارين قد دعت إلى زيادة الإنفاق على التعليم والخدمات الصحية كمفتاح للنمو الاقتصادي، وقالت إنها تفضل رفع الضرائب على خفض الرعاية الاجتماعية.
ورغم أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي زاد من حصته في التصويت وحصل على ثلاثة مقاعد إضافية، إلّا أن حزب المؤتمر الوطني اليميني زاد من عدد الأعضاء في البرلمان بمقدار 10 نواب، بينما أضاف الحزب الفنلندي، الذي أيد خفض الإنفاق العام لكنه شن حملته بشكلٍ أساسي ضد الهجرة من خارج الاتحاد الأوروبي، بسبعة أعضاء آخرين.
وتكبد ثلاثة أعضاء من تحالف مارين، من الميول اليسارية المنتهية ولايته، خسائر فادحة، حيث فقد حزب الوسط الزراعي الذي كان قوياً في السابق ثمانية مقاعد، وحزب الخضر فقد سبعة مقاعد، فيما خسر تحالف اليسار خمسة مقاعد.
ومن المتوقع أن يرسل بيتيري أوربو (53 عامًا) رئيس الوزراء المحتمل وعضو البرلمان منذ 2007، في وقت لاحق من هذا الأسبوع رسالةً إلى جميع قادة الأحزاب للسؤال عن مواقفهم بشأن القضايا السياسية الرئيسية، قبل بداية المحادثات الائتلافية مع الشركاء المحتملين.
ويُعتقد أنه من المرجح أن يتجه أولاً إلى حزب الفنلنديين، الذي أشادت زعيمتهم ريكا بيورا بـ"أفضل نتيجة انتخابات على الإطلاق" لحزبها.
ويشير تقرير الغارديان إلى أنه رغم اتفاق حزب المؤتمر الوطني والحزب الفنلندي على الخطوط العريضة لخفض الإنفاق، إلا أنهما منقسمان بشدة حول السياسات الرئيسية الأخرى. وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة هلسنكي إميليا بالونين: "كلاهما له خطوط حمراء يصعب التوفيق بينها".
والاختلافات تدور تحديدًا حول دعم حزب المؤتمر الوطني الهجرة الانتقائية القائمة على العمل للمساعدة في ملء الوظائف الشاغرة وتعزيز النمو، فيما يعارض الحزب الفنلندي ذلك بشدة، كما يؤيد مغادرة الاتحاد الأوروبي كهدف طويل الأجل ويريد تأجيل هدف فنلندا حول "محايدة الكربون 2035".
ما سبق يشير إلى خلافات واسعة قد تعطل تشكيل الائتلاف الحكومي، كما أن التوجه إلى ائتلاف حكومي واسع ليس بالأمر الهين، نظرًا للاختلافات الواسعة في السياسة والوعود الانتخابية.
أفول نجمة اليسار
كانت سانا مارين، أصغر رئيسة وزراء في العالم، عندما تولت زعامة الحزب الاشتراكي الديمقراطي عام 2019، وحصلت على شعبية عالية في فنلندا وخارجها، وتمكنت من قيادة بلادها خلال جائحة Covid-19، واتخذت موقفًا متشددًا ضد روسيا الجارة الشرقية للبلاد بعد غزو أوكرانيا، وجعلت الدولة الشمالية غير المنحازة تقليديًا عضوة في حلف شمال الأطلسي. وحولت مارين دعم أوكرانيا، إلى عنصر ثابت في السياسة الفنلندية، حيث أكد أوربو على الاستمرار في دعم كييف.
وبحسب تقرير الغارديان، احتفظت مارين بالدعم الشخصي للعديد من الناخبين على الرغم من ادعاء النقاد أنها تصرفت بشكل غير لائق لمنصب رئيس الوزراء بعد تصويرها وهي ترقص وتغني مع الأصدقاء في حفلة الصيف الماضي، في بلد مثل فنلندا الذي يعتبر محافظًا اجتماعيًا.
ويدور القلق في فنلندا، حول الدين العام، حيث ارتفعت نسبة ديونها إلى الناتج المحلي الإجمالي من 66% إلى 73%، فيما أدى الإنفاق الحكومي إلى نجاح رسائل المعارضة بشأن الاقتصاد.
تشير الغارديان إلى أن تأرجح فنلندا إلى اليمين، وتركيز الحملة على الاقتصاد، يعكس تحولًا مشابهًا في السويد البلد المجاور والذي حصل العام الماضي. ومن المتوقع أيضًا أن تكون تكلفة المعيشة قضية رئيسية بين الناخبين في الانتخابات الإسبانية والبولندية في وقت لاحق من هذا العام.
يدور القلق في فنلندا، حول الدين العام، حيث ارتفعت نسبة ديونها إلى الناتج المحلي الإجمالي من 66% إلى 73%
وحول ما سبق، قالت المحرر السياسي لجريدة yle ماريا ستينروس: "أيًا كان الخيار الذي يختاره بيتيري أوربو الآن [في الائتلاف]، سيتغير اتجاه الحكومة إلى اليمين".