سلّطت صحيفة معاريف الإسرائيلية الضوء على ما قالت إنها أزمة جديدة يواجهها جيش الاحتلال، وتتعلق الأزمة بتجنيد شباب يجدون أنفسهم في صراعٍ بين استكمال دراستهم الجامعية وأداء الخدمة العسكرية، في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة التي يعمل فيها جيش الاحتلال على أكثر من جبهة، ويوشك أن يدخل بالتزامن معها في مواجهة مباشرة مع قوة إقليمية هي إيران.
ومع تمديد فترة الخدمة العسكرية لقطاعٍ كبير من المجنّدين في جيش الاحتياط عامًا إضافيا منذ بدء العدوان على غزة، احتجّ بعضهم لدى قادتهم بالقول إنهم غير مستعدين للتضحية بمسارهم الدراسي، خاصةً أنه ما من أفقٍ قريب لأن تضع الحرب أوزارها. وأمام هذه الوضعية المتمثلة في صعوبة إقناع الطلاب الجنود بالتخلي عن عام دراسي آخر، يرى قادة في جيش الاحتلال أنّ ذلك يُنذر بأيام صعبة قادمة على الجيش.
ويذهب المراسل العسكري، آفي أشكنازي، الذي تناول هذه المشكلة إلى القول إنها في تفاقم، إذ تأثر الآلاف من جنود الاحتياط الذين هم على وشك بدء عامهم الدراسي الجديد، مع استمرار خوض الجيش حربًا برية على جبهتي غزة ولبنان.
حسابات الجيش الاقتصادية باتت تمثل معضلةً حقيقية لجيش الاحتلال الإسرائيلي
ويرى أشكنازي أنّ "حسابات الجيش الاقتصادية" باتت تمثل معضلةً حقيقية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث أنّ هذا الجيش لم يعد يواجه مشكلة نقص الذخائر والأسلحة فقط، بل بات يواجه مشكلةً أخرى لا تقل عنها خطورةً، وهي استمرار تجنيد الاحتياط من الطلاب الجامعيين للعام الدراسي الثاني على التوالي.
فبعض الجنود، حسب صحيفة معاريف، قد خدموا لمدة تصل إلى 250 يومًا في الاحتياط، الأمر الذي دفعهم إلى تأجيل عامهم الدراسي الماضي، والآن يواجهون خطر تأجيل عام دراسي آخر، وفقًا للصحيفة الإسرائيلية.
يشار إلى أنه بحلول نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري، من المفترض أن يبدأ العام الدراسي في جميع مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية، وذلك في الوقت الذي يواصل جيش الاحتلال عدوانه شمالًا وجنوبًا، على لبنان وغزة وعموم أنحاء الأراضي المحتلة.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أنه "يتم توظيف عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الذين يقاتلون في 3 فرق على جبهة غزة، كما يدير الجيش الإسرائيلي 4 فرق بجبهة الشمال مع لبنان، بما في ذلك عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، بينما تعمل الفرقة الثامنة في الضفة الغربية".
يعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل كبير على جنود الاحتياط في معظم عملياته، لكن المشكلة أنّ العديد من هؤلاء الجنود أبلغوا قادتهم، حسب معاريف، بأنهم غير مستعدين للتضحية بمستقبلهم الأكاديمي، وتنقل معاريف عن أحدهم أنه قال في محادثة مع قادته "إذا خسرنا عامًا دراسيًا آخر، فإن كل الجهود التي بذلناها خلال السنوات الماضية ستذهب سدًى، ولن نتمكن من الاستمرار في مسيرتنا التعليمية إذا استمر هذا الوضع".
مشاكل مع المالية والتعليم:
وجهٌ آخر من وجوه أزمة الطلاب المجندين، ويتمثّل حسب معاريف في وجود حالةٍ من عدم الثقة بين الجنود الطلاب والحكومة، حيث لم تفِ وزارة المالية بوعدها بتحويل المنح الدراسية للطلاب المتضررين، مما زاد من حدة التوتر.
وتنقل صحيفة معاريف عن أحد القادة وصْفه للوضع بأنه "أزمة حقيقية داخل الجيش، حيث أصبح من الصعب إقناع الجنود بالتخلي عن عامٍ دراسي آخر"، مضيفًا: "سنواجه تحديات كبيرة في ملء الرتب خلال الأسابيع القادمة إذا لم تتخذ إجراءات سريعة".
على صعيدٍ آخر، أعرب جيش الاحتلال الإسرائيلي عن "خيبة أمله من تعامل وزارة التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي مع الوضع"، حيث كان الجيش يأمل تأجيل بدء العام الدراسي للطلاب الذين يشاركون بالعمليات القتالية على الأقل حتى انتهاء "المناورات الكبرى"، وذلك رغم أن هؤلاء يقاتلون على الجبهات.
وبحسب معاريف فإنّ الجيش الإسرائيلي بات يشعر بثقل هذه الأزمة، بعد مواجهته لتحديات اقتصادية تتعلق بتسليح قواته وتمويل العمليات العسكرية.
وترى معاريف، في خاتمة تقريرها، أنّ هذه الأزمة قد تستمر فترةً طويلة، مما قد يؤثر بشكل كبير على قدرات الجيش الإسرائيلي في إدارة العمليات العسكرية بشكل فعال، إذا لم يتم إيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة التي تتضخّم شيئًا فشيئًا مع مرور الوقت وطول أمد الحرب.