26-يوليو-2024
حرب التجسس

رفضت الصين مزاعم التجسس ووصفتها بأنها افتراء خبيث (رويترز)

عادت حرب التجسس بين الصين ومنافسيها إلى البروز، وهذه المرة امتدت لتشمل طرفًا جديدًا هو كوريا الجنوبية، الحليف المركزي للولايات المتحدة في شرق آسيا إلى جانب اليابان وتايوان، حيث اعتقلت سيول، حسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنيغ بوست"، أمس الخميس، ثلاثة طلاب صينيين بتهمة التقاط مقطع فيديو غير قانوني لحاملة طائرات أميركية تزور كوريا الجنوبية هذه الأيام. ووفقًا لمصادر كورية جنوبية، تواصل الشرطة الكورية الجنوبية التحقيق مع الصينيين الثلاثة بشبهة التجسس لصالح بكين.

وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان أزمة منطاد التجسس الصيني الذي دخل مطلع عام 2023  المجال الجوي الأميركي، ليقوم الجيش الأميركي بإسقاطه بعد رصده بذريعة كونه جهاز مراقبة للتجسس. وتسببت الحادثة حينها بتوتر دبلوماسي بين واشنطن وبكين التي ادعت أنّ منطادها مجرد منطاد أبحاث مدني للأرصاد الجوية خرج عن مساره بفعل الرياح.

وبشأن الحادثة الجديدة في سيول، جرى القبض على الطلبة الصينيين الثلاثة المتهمين، وهم يحلقون بطائرة مسيّرة باتجاه قيادة العمليات البحرية في مدينة بوسان، جنوب شرق كوريا الجنوبية، حيث التقطوا صورًا "غير قانونية" لحاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت"، التي كانت راسيةً في القاعدة العسكرية.

امتدت حرب التجسس بين الصين وأميركا لتشمل كوريا الجنوبية، الحليف المركزي للولايات المتحدة في شرق آسيا إلى جانب اليابان وتايوان

وبحسب بيانٍ أصدرته شرطة بوسان الكورية الجنوبية، فإن المشتبه بهم متهمون بانتهاك مرسوم إنفاذ قانون حماية القواعد والمنشآت العسكرية، الذي ينص على أن الأفراد الذين يتم ضبطهم وهم يصورون القواعد أو المنشآت العسكرية، دون تصريح، قد يواجهون عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات أو غرامة قدرها 30 مليون وون، أي ما يعادل 21700 دولار أميركي.

وقال البيان إن المتهمين طلاب تتراوح أعمارهم بين 30 و49 عامًا، ولم يذكر بيان شرطة بوسان أي شيء يتعلق بفرضية التجسس، بل ركز على ما وصفه بالفضول كدافع ربّما لعملهم غير القانوني، علمًا بأن بيان الشرطة الكورية أفاد بأنّ الطائرة بدون طيار التقطت لقطات تزيد عن خمس دقائق لحاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت"، وقاعدة العمليات الوطنية الكورية. وكشفت وسائل إعلام كورية أن اللقطات المصورة غير المصرح بها جرت في اليوم نفسه الذي زار فيه الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول حاملة الطائرات الأميركية.

وكانت حاملة الطائرات الأميركية التي تعمل بالطاقة النووية قد وصلت إلى قاعدة بوسان الحربية في 22 من حزيران/يونيو الماضي، وانضمت إليها في وقتٍ لاحق المدمرتان "يو إس إس هالسي"، و"يو إس إس دانييل إينوي"، للمشاركة في مناورة بحرية ثلاثية تشمل كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتوقف فيها حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت" في ميناء في كوريا الجنوبية، وهي أول حاملة طائرات أميركية تصل إلى البلاد منذ سبعة أشهر.

توترات وتحذيرات

تأتي التحقيقات الكورية، في مزاعم التجسس الصيني على البلاد، في وقت ازداد فيه مستوى عدم الثقة بين سيول وبكين. حيث دأبت الصين على تحذير جارتها: "من تعميق العلاقات الأمنية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان من خلال زيادة التدريبات العسكرية المشتركة في المنطقة".

كما تتزامن هذه التطورات مع تفاقم حرب التجسس الأميركية الصينية، حيث شهد العام الماضي لوحده إعلان حادثتي تجسس بين الغريمين. ففي الصين،  تم الإعلان  عن اعتقال من وصفته السلطات الصينية بـ"مواطن أجنبي يصور بشكل غير قانوني قاعدةً بحرية صينية"، وحذرت بكين، من أسمتهم المتحمسين العسكريين الصينيين من التصوير غير المصرح به، بما في ذلك الكشف عن معلومات حساسة تتعلق ببناء حاملات الطائرات الصينية.

أما في واشنطن، فاتهمت السلطات الأميركية الصين باستعمال منطاد للمراقبة وجمع معلومات عن منشآت عسكرية أميركية، ما دفع البنتاغون إلى إسقاط المنطاد الصيني في حادثة وتّرت العلاقات الصينية الأميركية.

وسبق لخبراء صينيين وأميركيين أن حذّروا من إخفاق الجانبين الأميركي والصيني في التعامل مع أزمة التجسس، كما أكّدوا على ضرورة تفعيل الطرفين ما يسمى "القنوات الخلفية" لخفض التوتر وإدارة التنافس بعيدًا عن خطوط المواجهة.

وفي هذا السياق، يؤكّد المتابعون للشؤون الصينية الأميركية أنه إذا: "لم يتم توخي الحذر وتفعيل القنوات الخلفية، فسيكون لأي صدامٍ محتملٍ بين الصين والولايات المتحدة تداعياتٌ كارثية، ليس فقط على البلدين، بل على جميع دول العالم".