صدر أمر بمحاكمة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، يوم الجمعة، بتهم الفساد بسبب مزاعم بأن حملته الانتخابية عام 2007 تلقت تمويلًا غير قانوني من حكومة نظام الليبي معمر القذافي، في واحدة من أخطر القضايا القانونية التي تلاحق سياسي فرنسي منذ ترك منصبه.
وبعد تحقيق دام عقدًا من الزمن، أمر القضاة في باريس بمحاكمة ساركوزي بتهم الفساد، والتمويل غير القانوني للحملات الانتخابية، والتآمر الإجرامي، وإخفاء اختلاس الأموال العامة، وفقًا لجان فرانسوا بونيرت، كبير المدعين الماليين في فرنسا.
وفي حالة إدانته، قد يواجه ساركوزي عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 أعوام.
بعد تحقيق دام عقدًا من الزمن، أمر القضاة في باريس بمحاكمة ساركوزي بتهم الفساد، والتمويل غير القانوني للحملات الانتخابية، والتآمر الإجرامي، وإخفاء اختلاس الأموال العامة
وقال بونرت في بيان، إنه من المقرر إجراء محاكمة مدتها ثلاثة أشهر في أوائل عام 2025، على الرغم من أن هذا الموعد يمكن أن يتأخر بسبب الطعون المقدمة من ساركوزي، الذي نفى بشدة الاتهامات.
وتم فتح هذه القضية مع ساركوزي (68 عامًا)، السياسي المحافظ الذي تولى الرئاسة الفرنسية من عام 2007 إلى عام 2012، في عام 2013، بعد تقرير صادر عن الموقع الفرنسي ميديابارت، والذي أشار إلى أن حملة ساركوزي تلقت تمويلًا كبيرًا من حكومة القذافي، مما ينتهك قواعد تمويل الانتخابات الأجنبية، مع تضارب في روايات متضاربة حول المبلغ المالي الذي وصل للحملة.
ولم يصدر أي رد فعل فوري من ساركوزي يوم الجمعة على أمر المثول للمحاكمة. وبدلًا من ذلك، شارك مقطع فيديو على صفحته على فيسبوك يظهر معجبين وهم يرحبون به لتوقيعه على مجلد جديد من مذكراته.
وعندما سُئل عن القضايا المتعددة الموجهة إليه، قال ساركوزي إنه "ليس لديه ما يلوم نفسه عليه"، وأضاف: "إذا كان علي أن أتوجه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للتأكد من أن الحقيقة تسود، فسأفعل. أنا مواطن مسؤول أمام القانون، ولست فوق القانون، ولكن لست تحته أيضًا".
وقال ساركوزي إن الاتهامات الموجهة إليه كانت مدفوعة من قبل حلفاء العقيد القذافي الذين يسعون للانتقام، وفق تعبيره. في إشارة منه، إلى دور فرنسا، في التحالف العسكري، الذي قاده حلف الناتو، ضد نظام القذافي، بعد اندلاع الربيع العربي
وصدر أمر بمثول 12 شخصًا للمحاكمة إلى جانب الرئيس الفرنسي الأسبق، بتهم مماثلة تتعلق بالفساد والاختلاس، ومن بينهم بشير صالح بشير، أحد المقربين السابقين من القذافي، بالإضافة إلى كبار المساعدين السابقين لساركوزي؛ والعديد من رجال الأعمال الذين لعبوا أدوارًا كوسطاء بين فرنسا وليبيا عندما تحسنت العلاقات بين البلدين في وقت مبكر من رئاسة ساركوزي.
ومن بين هؤلاء المتهمين كلود غيان ، الذي أدار حملة ساركوزي الانتخابية عام 2007 قبل أن يصبح رئيسًا لمكتبه ومن ثم وزيرًا للداخلية؛ وإريك وورث، أمين الصندوق السابق للحملة؛ وزياد تقي الدين، رجل الأعمال الفرنسي اللبناني الذي قال إنه قام شخصيًا بتسليم الملايين نقدًا، والذي فر منذ ذلك الحين إلى لبنان.
ومنذ خروجه من قصر الإليزيه، لم يشغل ساركوزي أي منصب عام، لكنه لا يزال يحظى بشعبية لدى قاعدة الحزب المحافظ "الجمهوريون"، ويتمتع ببعض النفوذ داخله، كما تجمعه علاقة جيدة في الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
قال ساركوزي إن الاتهامات الموجهة إليه كانت مدفوعة من قبل حلفاء العقيد القذافي الذين يسعون للانتقام
وانتهت موجة من القضايا القانونية مؤخرًا إلى إدانات لساركوزي. ففي آذار/ مارس 2021، أصبح أول رئيس سابق في تاريخ فرنسا الحديث يُحكم عليه بالسجن الفعلي بعد إدانته بتهم الفساد واستغلال النفوذ لمحاولته الحصول بشكل غير قانوني على معلومات من أحد القضاة حول دعوى قضائية ضده.
وفي شهر أيار/ مايو، أيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم، على الرغم من أن ساركوزي قدم استئنافًا جديدًا لأسباب إجرائية أمام أعلى محكمة في فرنسا.
وفي أيلول/ سبتمبر 2021، أدين ساركوزي بتمويل محاولته تجديد انتخابه لعام 2012 بشكل غير قانوني من خلال تجاوز الحد الأقصى الصارم للإنفاق الانتخابي. وحُكم عليه بالإقامة الجبرية لمدة عام، واستأنف الحكم، ومن المقرر إجراء المحاكمة في تشرين الثاني/ نوفمبر.