06-يوليو-2024
كير ستارمر يلغي خطة المحافظين لترحيل المهاجرين إلى رواندا

(EPA) وصفت جمعيات ومؤسسات حقوقية القانون بأنه وصمة عار على السمعة الأخلاقية لبريطانيا

ألغى رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر اليوم السبت، الخطة الرئيسية لحكومة المحافظين السابقة التي تقضي بترحيل المهاجرين إلى رواندا.

واعتبر ستارمر في أول مؤتمر صحفي له أنّ الخطة ولدت ميتةً، قائلًا في هذا الصدد "خطة رواندا ماتت ودُفنت قبل أن تبدأ (...) لست مستعدًا لمواصلة الحيل التي لا تشكل حلًّا جديا"، وأكد ستارمر أن خطة المحافظين "لم تكن أبدًا أداة للردع"، مضيفًا القول "انظروا إلى الأعداد التي وفدت إلينا خلال الشهور الماضية. إنها أعداد غير مسبوقة، ولم تكن هذه الخطة أبدًا أداةً لردع المهاجرين".

وعلى الرغم من الترحيب الحقوقي بإلغاء ستارمر للخطة، إلا أن الجزء الأخر من تصريحاته لا يعد بالمرة إيجابيًا تجاه الهجرة واللجوء، إلا أنّه لم يقدم بعد تصورًا لهذا الملف، الذي أصبح قضية سياسية مركزية بشكل متزايد منذ خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2020، مع وعدٍ رسمي "باستعادة السيطرة" على حدود البلاد.

اعتبرت الأمم المتحدة أن مشروع قانون ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا يهدد سيادة القانون، ويشكّل سابقة عالمية محفوفة بالمخاطر

وإن كان ستارمر قد تعهد، أثناء الحملة الانتخابية، بمعالجة القضية "من المصدر" عبر سحق عصابات تهريب الأشخاص خلف المعابر.

كما بيّن أن من بين العناصر المركزية في هذه السياسة، إنشاء قيادة "نخبة" جديدة لأمن الحدود تضم متخصصين في الهجرة وتنفيذ القانون، بالإضافة إلى جهاز الاستخبارات الداخلية إم آي 5.

يذكر أنّ رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك كان مصرًا على خطته "لإيقاف القوارب"، ودفع بخطة الترحيل المثيرة للجدل على الرغم من معارضة الجماعات الحقوقية والأحكام القضائية.

لكن حزب العمال تعهد بأنه سيتخلى عن هذه الخطة الساعية لترحيل المهاجرين إلى رواندا. وحصد الحزب في انتخابات مجلس العموم الأخيرة412 مقعدًا، في حين مني حزب المحافظين بهزيمة نكراء، مسجّلًا أسوأ نتيجة له على الإطلاق منذ مطلع القرن العشرين، مع انتخاب 121 نائبًا في مقابل 365 مقعد كان حققها قبل خمس سنوات عندما كان الحزب بزعامة بوريس جونسون.

ويشكل الليبراليون الديمقراطيون القوة الثالثة في مجلس العموم البريطاني بحصولهم على أكثر من 70 مقعدًا.

وعلى صلة بملف الهجرة واللاجئين يشار إلى تمكن حزب "إصلاح بريطانيا" المناهض للمهاجرين، من الدخول لمجلس العموم بأربعة مقاعد. بينهم مقعد لزعيم الحزب المتطرف نايجل فاراج بعد ثماني محاولات.

وقد أثارت خطة ترحيل المهاجرين إلى رواند انتقادات حقوقية كثيرة داخليا ودوليًا،  فقد سبق للأمم المتحدة أن دعت الحكومة البريطانية إلى إعادة النظر في ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى رواندا، مؤكدةً أن هذه الخطوة تهدد سيادة القانون وتشكّل: "سابقة عالمية محفوفة بالمخاطر".

كما أدان مجلس أوروبا، خطة ترحيل طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة، بطريقة غير قانونية، إلى رواندا.

وقالت هيئة مراقبة حقوق الإنسان التابعة لمجلس أوروبا إن خطة ريشي سوناك، رئيس الحكومة البريطانية السابق، تُثير: "قضايا رئيسية حول حقوق الإنسان لطالبي اللجوء وسيادة القانون".

واعتبر مفوض حقوق الإنسان في الهيئة، مايكل أوفلاهرتي، أن الخطة التي أصبحت مشروع قانون يمثّل مصدر قلق بالغ ويجب ألا يُستخدم لإبعاد طالبي اللجوء، أو التعدي على عمل القضاة واستقلالهم.

وأعرب أوفلاهرتي عن قلقه من أن يتيح المشروع: "تنفيذ سياسة ترحيل الأشخاص إلى رواندا دون أي تقييم مسبق لطلبات اللجوء الخاصة بهم من قبل سلطات المملكة المتحدة في معظم الحالات".

واعتبر الرئيس التنفيذي لـ"منظمة العفو الدولية" في المملكة المتحدة، ساشا ديشموخ، أن مشروع القانون: "يستهدف الحماية القانونية الدولية لبعض الأشخاص الأكثر ضعفًا في العالم، ومن العار الوطني أن تسمح مؤسستنا السياسية بتمرير مشروع القانون هذا".

ووصف مشروع القانون بأنه "استبدادي"، حيث قال إنه: "مبني على فكرة استبدادية عميقة تهاجم أحد الأدوار الأساسية التي تلعبها المحاكم: القدرة على النظر في الأدلة، والبت في وقائع القضية وتطبيق القانون وفقًا لذلك"، مستنكرًا التعامل مع رواندا باعتبارها "دولة آمنة".

كما رفعت مجموعة من المحامين طعونًا قانونية نيابةً عن طالبي اللجوء الأفراد، إذ يسمح مشروع القانون للمحتجز بالطعن إذا واجه: "خطرًا حقيقيًا ووشيكًا ومتوقعًا بحدوث ضرر جسيم لا يمكن إصلاحه إذا تم ترحيله إلى رواندا".

في المقابل، أعلنت حكومة ريشي سوناك المنصرمة أنها مستعدة لمواجهة التحديات القانونية الحتمية بشأن مشروع قانون رواندا.

وفي حديثه إلى إذاعة "تايمز"، قال وزير الهجرة غير الشرعية السابق، مايكل توملينسون، إن الحكومة البريطانية تعلم بأنه ستكون هناك معارك قانونية حول القانون، وأضاف: "أخشى أنه ستكون هناك تحديات. هناك أشخاص لا يحبون هذه السياسة".

ووصف مايكل توملينسون رواندا بأنها "دولة تقدمية للغاية"، مستنكرًا الاستخفاف بها من قِبل بعض أعضاء مجلسي العموم واللوردات وفق كلامه.

وأقر البرلمان البريطاني مشروع القانون المثير للجدل، بعد رحلة طويلة من التعديلات التي أجرتها الحكومة ومجلس العموم على القانون لينال في النهاية موافقة مجلس اللوردات.

وقال رئيس الحكومة السابق ريشي سوناك عقب إقرار مشروع القانون، بأنه سيكون: "تغييرًا جذريًا في المعادلة العالمية بشأن الهجرة".