باغتت روسيا أوكرانيا بهجوم جوي هو الأكبر من نوعه خلال الأشهر القليلة الماضية، واستهدف الهجوم الروسي الواسع شبكة الطاقة الكهربائية في أنحاء متعددة من أوكرانيا بينها كييف وأوديسا وزاباروجيا ودنيبر بـ120 صاروخًا باليستيا وصواريخ كروز و90 طائرةً مسيرة من عدة طرازات، بما في ذلك طراز "شاهد"، ما ألحق أضرارًا كبيرة بنظام الطاقة الأوكرانية، وذلك بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء.
ويمهّد هذا الهجوم الروسي لهجوم آخر من المنتظر أن تشنه القوات الروسية في كورسك التي دخلتها القوات الأوكرانية منذ أشهر.
ولعلّ فداحة الهجوم الروسي والهجوم الوشيك في كروسك هو ما دفع الرئيس جو بايدن في آخر أيامه في السلطة إلى إحداث تحولٍ كبير في الموقف الأميركي عبر سماحه لكييف باستخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى لضرب أهداف داخل روسيا.
بايدن يمنح أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى لضرب أهداف داخل روسيا
تدمير بنية الطاقة في أوكرانيا
وصف وزير الطاقة الأوكراني جيرمان غالوشينكو الهجوم الروسي الذي استهدف منظومة الكهرباء في في البلاد بالهائل، وبدوره وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الهجوم الروسي بالكبير، قائلًا إن "إقوات الدفاع الأوكرانية أسقطت 140 هدفا جويا"، مضيفًا "استهدف العدو البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء أوكرانيا. وللأسف، وقعت أضرار في بعض المنشآت جراء القصف وسقوط الحطام".
وكان زيلينسكي قدأعلن في وقت سابق عن تدمير نحو 50% من قدرات أوكرانيا في مجال الطاقة بسبب القصف الروسي.
وتركز روسيا منذ بدء الحرب شباط/فبراير 2022 على استهداف بنية الطاقة الأوكرانية في محاولة لتقويضها، وبسبب ذلك باتت قضية الطاقة والكهرباء مؤرقةً بالنسبة للأوكرانيين. ولطالما طالبت كييف الحلفاء بتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي وتقديم الدعم الكافي لإصلاح بنيتها التحتية الكهربائية.
يشار إلى أنّ الهجوم الروسي أسفر أيضًا عن مقتل أوكرانيين اثنين وإصابة 6 آخرين، ووصف رئيس الإدارة العسكرية لمدينة كييف سيرهي بوبكو الهجوم بأنه "الأقوى خلال ثلاثة أشهر".
واختار بعض المسؤولين الأوكرانيين تحميل الحلفاء الأوروبيين مسؤولية الهجوم الروسي، وفي هذا الصدد قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها إنّ الهجوم الروسي هو "الرد الحقيقي من موسكو على زعماء تواصلوا مع الرئيس فلاديمير بوتين"، في إشارة ونقد واضح للمستشار الألماني أولاف شولتس الذي أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة، بعد التنسيق مع زعماء أوروبيين. ويعد هذا الاتصال هو الأول بين المستشار الألماني والرئيس الروسي منذ أواخر 2022، حسب قناة دويتشه فيله الألمانية.
وجاء اتصال شولتس متناغمًا مع الإرادة الأميركية الجديدة التي عبّر عنها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، حيث حضّ المستشار الألماني موسكو "على التفاوض للتوصل إلى سلام عادل في حين أصر بوتين على تنازل كييف عن أراضٍ، حسب دويتشه فيله.
وبخلاف ما أبدته كييف من تفهّمٍ للموقف الأميركي فإنها وجدت في الاتصال الأوروبي بموسكو طعنًا لها في الظهر، لأنّه بمثابة إعلان استسلام بالنيابة، ولذلك جاء الرد الروسي على تلك الصورة.
تدابير احترازية في وارسو
سارعت بولندا والحلفاء إلى اتخاذ حزمة إجراءات وقائية بعد الهجوم الروسي الكبير في أوكرانيا، وشملت الإجراءات البولندية حشد الجيش البولندي لكل قواته لتأمين المناطق الحدودية المهددة برًّا وجوًّا.
وجاء في بيان للقيادة المركزية البولندية أنّه "بسبب الهجوم الواسع الذي تشنه روسيا الاتحادية بواسطة صواريخ كروز وبالستية ومسيّرات على منشآت في غرب أوكرانيا خصوصا، بدأت عمليات لطائرات بولندية وحليفة في مجالنا الجوي".
هجوم كروسك المرتقب
حشدت روسيا حوالي 50 ألف جندي معززين بنحو 11 ألف جندي من كوريا الشمالية لشن هجوم مضاد على القوات الأوكرانية التي تسيطر بشكلٍ جزئي على كروسك غربي روسيا، وفي حال تمكنت القوات الروسية من استعادة المنطقة فستفقد كييف ورقةً مهمة للتفاوض مقابل أراضيها التي تسيطر عليها روسيا.
ودخلت الحرب في أوكرانيا منعرجًا كبيرًا بفوز ترامب في السباق الرئاسي، حيث يضغط الرئيس الأميركي المنتخب لإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة من دخوله البيت الأبيض في الـ20 من كانون الثاني/يناير المقبل. ولذلك تسارع موسكو الزمن لاستعادة كورسك وتعزيز نفوذها في المناطق التي تسيطر عليها داخل الأراضي الأوكرانية، في حين تجد كييف نفسها في موقف دفاعي ضعيف نسبيًّا، وليس من المعروف ما إذا كان سماح إدارة بايدن لها باستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى لضرب الأهداف داخل روسيا سيُنقذ موقفها أم إن الأمر يحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك.