31-مايو-2024
وجد التقرير عدد كبير من الأطفال القصد يعملون في المزارع لقطف الياسمين (منصة إكس)

وجد التقرير عدد كبير من الأطفال القصد يعملون في المزارع لقطف الياسمين (منصة إكس)

على الرغم من ادعاءات شركات العطور الفاخرة بأنها لا تتسامح مع عمالة الأطفال مطلقًا، إلا أن تحقيقًا أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، كشف أنّ موردين للياسمين لصالح شركتي عطور فاخرة، جمعه أطفال قُصّر.

وبحسب التحقيق، يتعلق الأمر بشركتي العطور "لانكوم" و"إيرين بيوتي"، التي جمع أطفال قُصّر مكونات يستخدمها الموردون لصالح الشركتين المذكورتين العام الماضي.

وفي تعليقها على الموضوع، قالت شركة "لوريال"، المالكة لشركة "لانكوم": إنها "ملتزمة باحترام حقوق الإنسان". فيما قالت شركة "إستي لودر"، المالكة لشركة "إيرين بيوتي": إنها "اتصلت بمورديها للتحقق من الأمر".

تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، كشف أنّ موردين للياسمين لصالح شركتي عطور فاخرتين استغلوا عمالة الأطفال 

ويعتبر الياسمين مكونًا في صناعة عطر "آيدول إنتنس" من شركة "لانكوم"، و"ليمون دي سيسيليا" و"إيكات جاسمين" من شركة "إيرين بيوتي".

وتعتبر زهور الياسمين أحد مكونات العطور الرئيسية، وتستورد من مصر، التي تنتج حوالي نصف إمدادات العالم من الياسمين.

وبحسب مطلعين على صناعة العطور، فإن عدد من الشركات التي تمتلك العديد من العلامات التجارية الفاخرة تخفض ميزانياتها، ما يؤدي إلى تقديمهم أجور منخفضة للغاية. ويقول جامعو الياسمين المصريون إن هذا يجبرهم على إشراك أطفالهم في العمل.

واكتشف تحقيق "بي بي سي" أن "أنظمة التدقيق التي تستخدمها صناعة العطور للتحقق من سلاسل التوريد معيبة للغاية".

فيما قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بـ"أشكال العبودية المعاصرة"، تومويا أوبوكاتا: إنه "منزعج من أدلة بي بي سي، التي تتضمن تصويرًا سريًا في حقول الياسمين المصرية خلال موسم قطف الياسمين العام الماضي". وأضاف: "على الورق، يعدون (أي أقطاب الصناعة) بالكثير من الأشياء الجيدة، مثل شفافية سلاسل التوريد ومكافحة عمالة الأطفال. وبالنظر إلى هذه الصور، فإنهم لا يفعلون في الواقع الأشياء التي وعدوا بها".

يتحدث التحقيق عن أنه من الصعب تحديد عدد الأطفال من بين 30 ألف شخص يعملون في صناعة الياسمين بمصر. لكن خلال صيف عام 2023، قامت "بي بي سي" بالتصوير في هذه المنطقة وتحدثت إلى العديد من السكان، الذين أخبروها بأن السعر المنخفض للياسمين جعلهم بحاجة إلى إشراك أطفالهم في عملهم.

وزارت "بي بي سي" أربعة مواقع مختلفة، أين وجدت أعدادًا لا يستهان بها من الأطفال دون سن 15 يعملون في قطاف الياسمين في مزارع الملكيات الصغيرة. وترسل معظم الأزهار من هذه المواقع عبر نقاط التجميع إلى مصانع "أ. فخري وشركاه" و"إخوان هاشم" و"مشاليكو".

وأخبرت مصادر متعددة "بي بي سي"، بأن هناك أطفالًا يعملون في مزارع مملوكة بشكل مباشر لمصنع "ماشاليكو". وذهبت محققو "بي بي سي" إلى تلك المزارع متخفّين للتصوير هناك، ووجدوا جامعين للياسمين أخبروهم بأن أعمارهم تتراوح بين 12 و14 عامًا.

وفي مصر من غير القانوني لأي شخص، يقل عمره عن 15 عامًا، العمل بين الساعة (07:00) صباحًا والساعة (19:00) مساءً.

وتقوم المصانع بتصدير زيت الياسمين إلى دور العطور العالمية، حيث يتم تصنيع العطور. وتعد شركة "جيفودان"، التي يقع مقرها في سويسرا، إحدى أكبر الشركات، وتتمتع بعلاقة طويلة الأمد مع شركة "أ. فخري وشركاه".

أطفال يعملون في مزارع الياسمين

لكن هناك شركات العطور ذات المستوى الأعلى، والتي تشمل "لوريال" و"إستي لودر"، هي التي تمتلك كل السلطة، وفقًا لصانع العطور المستقل كريستوف لوداميل والعديد من المطلعين على صناعة العطور.

وأشار إلى أنّ أرباب صناعة العطور المعروفون باسم "الماسترز"، حددوا ميزانية مختصرة وضيقة للغاية لدور العطور.

وكشف لودمييل الذي قضى سنوات في العمل داخل إحدى دور العطور بأن: "مصلحة السادة هي الحصول على أرخص زيت ممكن لوضعه في زجاجة العطر، ومن ثم بيعه بأعلى سعر ممكن"، موضحًا: بإنهم في الواقع" لا يتحكمون في الرواتب ولا في أجور القاطفين، ولا في السعر الفعلي لزهور الياسمين، لأنهم أبعد من ذلك".

لكنه قال "بسبب الميزانية التي حددوها، فإن الضغط على الأجور ينساب إلى الأسفل، إلى المصانع، وفي نهاية المطاف إلى عمال الحصاد"، وأضاف: "هناك انفصال كبير بين القيمة النفيسة للياسمين التي يتم الحديث عنها في الحملات التسويقية، وما يتم تقديمه فعليًا للحصّادين".

وتقدم شركات العطور، في موادها الترويجية، صورة لعمليات التوريد التي يصفونها بـ"الأخلاقية". كما وقعت كل شركة في سلسلة الإنتاج والتوريد أيضًا على خطاب التزام للأمم المتحدة، تتعهد فيه بالالتزام بمبادئها التوجيهية فيما يتعلق بممارسات العمل الآمنة والقضاء على عمالة الأطفال.

وفي ردهم على تحقيق "بي بي سي"، قال مسؤولون في شركتي "حسين فخري"، و"أ. فخري وشركاه": إنّ "عمالة الأطفال محظورة تمامًا في مزرعتنا، مزرعة حسين فخري، وكذلك في المصنع. وإن أغلب الياسمين الخاص بنا يأتي من جامعين مستقلين يجمعون المنتج من مزارعين مستقلين".

بدورها، قالت شركة مشاليكو": إنها "لا تستخدم أي حصّادين تقل أعمارهم عن 18 عامًا"، وأضافت: بأنها "رفعت السعر الذي تدفعه مقابل الياسمين خلال العامين الماضيين، وستفعل ذلك مرة أخرى هذا العام".

فيما قالت شركة "إخوان هاشم": إنّ "تقرير بي بي سي يستند إلى معلومات مضللة".

أما شركة جيفودان، التي تصنع عطور"لانكوم أيدول إنتنس" فوصفت تحقيق "بي بي سي" بأنه "مثير لقلق عميق"، مضيفة أنه "يتعين علينا جميعًا مواصلة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتخلص من مخاطر عمالة الأطفال بالكامل".

من جهتها، أخبرت شركة "فیرمنيش"، التي تصنع عطور "ليمون دي سيسيليا" و"إيكات جاسمين" من "إيرين بيوتي"، والتي حصلت في صيف 2023 على الياسمين من مصنع "مشاليكو في مصر"، شبكة "بي بي سي"، بأنها تستخدم الآن موردًا جديدًا في مصر. وأضافت: أنها "ستدعم المبادرات التي تسعى إلى معالجة هذه المشكلة بشكل جماعي، مع شركاء الصناعة ومزارعي الياسمين المحليين".

فيما أكدت شركة" لوريال" بأنها "ملتزمة بشكل فعال باحترام معايير حقوق الإنسان الأكثر حماية والمعترف بها دوليًا"، مضيفةً: بأنها "لا تطلب أبدًا من دور العطور أن تخفض أسعار المكونات إلى أقل من سعر السوق على حساب المزارعين".

واعترفت الشركة بأنه على "الرغم من التزامنا الشديد وإجراءاتنا الصارمة، فإننا نعلم أنه في أجزاء معينة من العالم، حيث يعمل موردو لوريال، هناك مخاطر تتعلق بعدم الوفاء بالتزاماتنا"، وأضافت: "كلما ظهرت مشكلة ما، تعمل لوريال بشكل استباقي لتحديد الأسباب الجذرية للمشكلة وطريقة حلها. وفي كانون الثاني/يناير 2024، أجرى شريكنا تقييمًا ميدانيًا لتحديد الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان، وإيجاد طرق لمنعها والتخفيف منها مع التركيز على مخاطر عمالة الأطفال".

وشددت شركة "إستي لودر" على أنها تؤمن "بضرورة حماية حقوق جميع الأطفال، وقد تواصلنا مع مورّدينا للتحقيق في هذه المسألة الخطيرة للغاية"، وأضافت: "نحن ندرك البيئة الاجتماعية والاقتصادية المعقدة المحيطة بسلسلة توريد الياسمين المحلية، ونتخذ الإجراءات اللازمة للحصول على شفافية أفضل، ونعمل على تحسين سبل عيش مجتمعات التوريد".