بعد سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، على القسم الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، توقف خروج المواطنين من جنوب قطاع غزة إلى مصر، كما توقف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وهو ما يهدد حياة الآلاف داخل القطاع المحاصر الذي تعاني بعض مناطقه من مجاعة كاملة.
ما هو معبر رفح؟
ميناء رفح البري هو معبر حدودي يقع بين مدينة رفح الفلسطينية وشبه جزيرة سيناء المصرية، تم تشييده بعد "اتفاق السلام" المصري الإسرائيلي عام 1979، وظلت تديره هيئة المطارات الإسرائيلية إلى غاية الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، حيث شارك مراقبون أوروبيون في مراقبة حركة المرور عبره.
وقف دخول المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر، وهو ما يهدد حياة الآلاف داخل القطاع المحاصر الذي تعاني بعض مناطقه من مجاعة كاملة
كانت إسرائيل تقوم بغلقه بدواعي "أمنية" في أغلب فترات السنة التي أعقبت انسحابها، ليغلق تمامًا بعد سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2007.
وفي الفترة التي أعقبت قيام الثورة المصرية عام 2011، قررت الحكومة المصرية في عهد الرئيس المصري السابق محمد مرسي فتح المعبر بشكل دائم.
وبعد الانقلاب على مرسي أغلق المعبر، وتم بناء جدار إسمنتي ولم يعد يفتح إلا لفترات محددة وبتنسيق أمني مسبق.
أين تكمن أهمية السيطرة عليه؟
يعتبر معبر رفح شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة مع العالم الخارجي، فهو المنفذ الوحيد للقطاع الذي لا تديره إسرائيل.
ويعد ممرًا حيويًا للسلع والأشخاص، لكنه خصص بشكل أساسي لحركة الأفراد والمنفذ الوحيد لمن يريد من سكان القطاع السفر خارجه.
ويتم عبر المعبر إدخال البضائع والمساعدات الإنسانية للقطاع، من إمدادات غذائية ومواد أساسية وأدوية ومعدات طبية.
كما تسمح السلطات المصرية في بعض الأحيان بتصدير البضائع الفلسطينية منه، خاصة المنتجات الزراعية، رغم الاعتراضات الإسرائيلية، فهو يسهم في تنشيط حركة التجارة بين غزة ومصر في الاستيراد والتصدير.
ومنذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة قبل سبعة أشهر، كان المعبر المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ونقل الجرحى والمرضى إلى الخارج بعد انهيار المنظومة الصحية في غزة جراء الاستهداف المتعمد والمتكرر من قبل جيش الاحتلال.
وقال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل ثوابتة للتلفزيون العربي إن: "نحو 50 مريضًا و20 جريحًا كانوا يسافرون يوميًا عبر معبر رفح قبل إغلاقه"، موضحًا أن: "المرضى باتوا في قوائم الشهداء مع إغلاق معبر رفح ووقف سفرهم للعلاج".
كما تحدثت مصادر فلسطينية لوكالة "رويترز" للأنباء، عن أن دخول المساعدات الإنسانية عبر المعبر قد توقف. وقالت سلطة المعابر على الجانب الفلسطيني إن: "هذا حكم بالإعدام ضد أهالي غزة، خاصة المرضى والجرحى الذين لن يتمكنوا من مغادرة القطاع المحاصر إلا عبر معبر رفح".
من جهته، قال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، ينس لايركه: "أدى ذلك إلى خنق الشريانين الرئيسيين لإدخال المساعدات إلى غزة مع وجود مخزونات قليلة جدًا داخل القطاع".
كما أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في منشور على حسابها في منصة "إكس": "معدلات الجوع الكارثية، خاصة في شمال قطاع غزة، ستزداد سوءًا إذا انقطعت خطوط الإمداد".
بدورها حذرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، من أن شمال قطاع غزة يشهد مجاعة كاملة.
كما عبرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق عن قلقها من أن إغلاق معبر رفح سيكون له تأثير كبير على إمدادات الأدوية ودخول العاملين في المجال الطبي.
وقبل سيطرتها على المعبر، كانت إسرائيل تراقب جميع الأنشطة في معبر رفح من خلال القاعدة العسكرية في كرم أبو سالم. فبعد خروجها من قطاع غزة عام 2005، سيطرت إسرائيل على جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية الأخرى في غزة. وبعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على القطاع، وأغلقت جميع المنافذ البرية الأخرى. وأصبح معبر رفح المنفذ البري الوحيد الذي يمكن لسكان غزة وحاملي جوازات السفر الأجنبية من خلاله مغادرة القطاع.
ماهي المنافذ الأخرى التي تدخل عبرها المساعدات؟
مع تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل، بدأت تدريجيًا في فتح المزيد من المعابر، وكان آخرها معبر إيريز في الشمال الذي كان مغلقًا هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وكان إعادة فتح معبر إيريز واحدًا من المطالب الرئيسية لوكالات الإغاثة الدولية للتخفيف من حدة الجوع المتفاقم بين المدنيين الفلسطينيين في شمال القطاع.
كما أعيد فتح معبر كرم أبو سالم، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ووفقًا لبيانات "الأونروا" كان حجم المساعدات التي تدخل عبره يتجاوز حجم دخول المساعدات من معبر رفح.
لكن المعبر أغلق قبل أيام بعد هجوم لـ"كتائب عز الدين القسام" على نقطة للجيش قرب المعبر، وأدت العملية إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين. وقال الجيش الإسرائيلي إنه: "سيعاد فتح المعبر بمجرد أن يسمح الوضع الأمني بذلك".
كما وصلت كميات محدودة من المساعدات إلى غزة عن طريق البحر أو عن طريق الإنزال الجوي. وبدأت قوات أميركية في بناء رصيف بحري قبالة ساحل غزة في نيسان/أبريل بهدف تسريع تدفق المساعدات إلى القطاع.
قالت سلطة المعابر على الجانب الفلسطيني: إن "هذا حكم بالإعدام ضد أهالي غزة، خاصة المرضى والجرحى الذين لن يتمكنوا من مغادرة القطاع المحاصر إلا عبر معبر رفح
من الذي يعرقل دخول المساعدات
اتهم المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا، فيليب لازاريني، إسرائيل بالاستمرار في منع وصول مساعدات الإنسانية من الدخول إلى قطاع غزة.
وقال لازاريني في 5 أيار/مايو: إن "الوكالة سجلت 10 حوادث شملت إطلاق النار على قوافل الإغاثة وإلقاء القبض على موظفين بالأمم المتحدة وتأخير طويل عند نقاط التفتيش خلال الأسبوعين الماضيين فقط".
ودعا لازاريني إلى وقف أي هجمات على المعابر الإنسانية والامتناع عن تحويل مسار المساعدات وضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين.