30-يوليو-2024
قاذفة روسية

(AP) قاذفة روسية من طراز تي يو-160 في مهمة تدريبيبة

هدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأصوات أخرى في الكرملين الدول الغربية مرارًا وتكرارًا باللجوء إلى ترسانة موسكو النووية، منذ الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في شباط/فبراير من العام 2022.

وكان بوتين قد قال في اليوم الأول للغزو الروسي للأراضي الأوكرانية: "كل من يحاول إعاقة عملنا، ناهيك عن خلق تهديدات لبلادنا وشعبنا، يجب أن يعرف أن الرد الروسي سيكون فوريًا، وسيؤدي إلى عواقب لم يشهدها في التاريخ من قبل".

على مدى ما يقرب من عامين ونصف العام من القتال، قدم الغرب لأوكرانيا مليارات الدولارات من الأسلحة المتقدمة، بعضها ضرب الأراضي الروسية، وبينما كان هناك المزيد من تهديدات الكرملين، من ضمنها نشر أسلحة نووية في ساحة المعركة في بيلاروسيا، عبر الحدود المباشرة من أوكرانيا، فإنها ظلت حتى الآن مجرد رسالة صريحة، وفقًا لتقرير وكالة "أسوشيتد برس".

ما الذي قد يؤدي في النهاية إلى رد نووي؟

عندما سألت وكالات الأنباء الدولية بوتين خلال جلسة في سانت بطرسبرغ في حزيران/يونيو الماضي عن الأسباب التي قد تؤدي إلى اندلاع صراع نووي، أشار بوتين إلى ما يسمى بالعقيدة النووية الروسية، موضحًا: "انظروا إلى ما هو مكتوب هناك"، وأضاف "إذا هددت تصرفات أي شخص سيادتنا وسلامة أراضينا، فإننا نعتبر أنه من الممكن استخدام كل الوسائل المتاحة لنا".

تُعرف العقيدة النووية الروسية رسميًا باسم "المبادئ الأساسية للسياسة الحكومية بشأن الردع النووي"، وتحدد هذه المبادئ متى يمكن لروسيا أن تستغل ترسانتها النووية، وهي الأكبر في العالم

والآن يحثه الصقور الروس بوتين على تغيير العقيدة لخفض عتبة استخدام الأسلحة النووية، فيما يقول بوتين إن الوثيقة يمكن تعديلها لتأخذ في الاعتبار الوضع العالمي المتطور.

ما هي العقيدة النووية الروسية؟

تُعرف العقيدة النووية الروسية رسميًا باسم "المبادئ الأساسية للسياسة الحكومية بشأن الردع النووي"، والتي وقع عليها بوتين في عام 2020، وتحدد هذه المبادئ متى يمكن لروسيا أن تستغل ترسانتها النووية، وهي الأكبر في العالم.

وتصف روسيا الأسلحة النووية بأنها "وسيلة للردع"، مشيرة إلى أن استخدامها "إجراء متطرف ومضطر"، وتؤكد أن روسيا "تبذل كل الجهود اللازمة للحد من التهديد النووي، ومنع تفاقم العلاقات بين الدول التي قد تؤدي إلى نشوب صراعات عسكرية، بما في ذلك الصراعات النووية".

وتنص الوثيقة على أن "الردع النووي يهدف إلى توفير الفهم لخصم محتمل لحتمية الانتقام في حالة العدوان على الاتحاد الروسي و/أو حلفائه".

ما الذي قد يؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية؟

تنص الوثيقة على أن روسيا قد تستخدم هذه الأسلحة "ردًا على استخدام الأسلحة النووية وغيرها من أنواع أسلحة الدمار الشامل ضدها و/أو حلفائها، وكذلك في حالة العدوان على الاتحاد الروسي باستخدام الأسلحة التقليدية عندما يكون وجود الدولة في خطر".

وتنص العقيدة على أن الأسلحة النووية قد تستخدم في الحالات المحددة التالية:

  • إذا وردت معلومات موثوقة عن إطلاق صواريخ باليستية تستهدف أراضي روسيا أو حلفائها.
  • إذا استخدمت الأسلحة النووية أو غيرها من أسلحة الدمار الشامل ضد روسيا أو حلفائها.
  • إذا هدد هجوم للعدو بأسلحة تقليدية وجود روسيا.
  • إذا كانت هناك هجمات على منشآت حكومية أو عسكرية روسية بالغة الأهمية من شأنها أن تقوض قدرة البلاد على شن ضربة نووية انتقامية.

هل اقتربت أي هجمات حتى الآن من ذلك؟

بعد مهاجمة روسيا لأجزاء من شمال شرق أوكرانيا بالقرب من مدينة خاركيف (خاركوف بالروسية)، سمحت واشنطن لكييف باستخدام أسلحة أطول مدى زودتها بها الولايات المتحدة لشن ضربات على الأراضي الروسية في المنطقة الحدودية، لكن هذه الهجمات كانت محدودة النطاق، ولا يبدو أنها تشكل تهديدًا وجوديًا يندرج تحت العقيدة النووية.

ومع ذلك، أشار الصقور في موسكو إلى سلسلة من الهجمات الأوكرانية على القواعد الجوية الروسية التي تستضيف قاذفات بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية في وقت سابق من الصراع، فضلًا عن الغارات الأخيرة على رادارات الإنذار المبكر.

ويقولون إن هذه الظروف تبدو مبررة لاستخدام الأسلحة النووية كما هو منصوص عليه في العقيدة.

ولم يعلق المسؤولون الروس على الهجمات على الأهداف الأكثر حساسية، وقد صُممت رادارات الإنذار المبكر لرصد إطلاق الصواريخ الأميركية للسماح لروسيا بإطلاق صواريخها ذات الرؤوس النووية قبل تدميرها.

وفي تعليق حديث له، قال المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي، جيمس أكتون، إن الهجمات الأوكرانية على رادارات الإنذار المبكر قد تدفع الكرملين إلى الاعتقاد بأن واشنطن شجعت مثل هذه الضربات لمحاولة إضعاف الردع النووي الروسي.

وأضاف أكتون: "إذا اعتقدت موسكو أن واشنطن يمكن أن تشن هجومًا وقائيًا ناجحًا على قواتها النووية، فقد تصبح يدها على الزناد سريعة جدًا، مما يزيد من خطر شن روسيا هجومًا نوويًا واسع النطاق بناء على تحذير كاذب أو تم تفسيره بشكل خاطئ".

ما هي التغييرات التي تجري مناقشتها في العقيدة؟

لقد تم تخفيف التهديدات النووية التي يطلقها الكرملين مؤخرًا في ظل نجاحات موسكو في ساحة المعركة في أوكرانيا، لكن كانت هناك أيضًا دعوات في روسيا لتغيير العقيدة النووية.

وقد دعا الصقور مرارًا وتكرارًا إلى صقلها، بحجة أن الوثيقة الحالية ضعيفة للغاية وغامضة، ويقولون إن العقيدة لم تردع الغرب عن زيادة المساعدات لأوكرانيا، وتعطي الانطباع بأن موسكو لن تلجأ أبدًا إلى الأسلحة النووية.

وقد حثَ الخبير في السياسة الخارجية الذي يقدم المشورة للكرملين، سيرجي كاراجانوف، في المنتدى الدولي في سانت بطرسبرغ، بوتين على تعديل العقيدة لخفض عتبة استخدام الأسلحة النووية.

وقال للزعيم الروسي: "آمل أن يتم تغييرها قريبًا لمنحك الحق الرسمي في الرد على أي ضربات على أراضينا بضربة نووية"، وأضاف "آمل أن يتم إضافة مثل هذا البند إلى عقيدتنا للمساعدة في تهدئة خصومنا".

ورد بوتين بحذر قائلًا إنه لا يرى حاليًا أي تهديدات من شأنها أن تبرر استخدام الأسلحة النووية، لكنه أبقى الباب مفتوحًا لمراجعة السياسة، وأضاف "أن هذه العقيدة هي أداة حية، ونحن نراقب بعناية ما يحدث في العالم من حولنا، ولا نستبعد إجراء تغييرات في العقيدة".

وقال إن الحاجة إلى تعديل الوثيقة كانت مدفوعة بمخاوف بشأن تفكير الغرب في النشر المحتمل لأسلحة نووية منخفضة الطاقة.

ولم يذكر بوتن تفاصيل، لكن تعليقاته قد تشير إلى المناقشات الأميركية بشأن نشر صواريخ نووية منخفضة الطاقة تطلقها الغواصات.

ويقول المؤيدون إن مثل هذه الأسلحة ضرورية لمواجهة التهديدات الروسية، في حين يزعم المنتقدون أنها قد تخفض العتبة للولايات المتحدة لاستخدام الأسلحة النووية، وتزيد من خطر الحرب.

وقال بوتين إنه "يتم تطوير أجهزة نووية منخفضة الطاقة للغاية، ونحن على دراية بالأفكار المتداولة في الدوائر الخبيرة في الغرب بأن مثل هذه الأصول الهجومية يمكن استخدامها، ولا يوجد شيء فظيع بشكل خاص في هذا الأمر"، وأضاف "إننا ملزمون بملاحظة ذلك، ونحن نلاحظ ذلك".