25-يوليو-2024
ناقلة غالالكسي ليدر

(GETTY) سيطرة الحوثيين على ناقلة غالالكسي ليدر

تجنّبت الخارجية المصرية، في تعليقها على التصعيد الأخير بين إسرائيل وجماعة "أنصار الله" (الحوثيون)، إدانة أيٍّ من الطرفين، حيث اكتفى الموقف المصري بالدعوة إلى التهدئة وضبط النفس وإنهاء الحرب على قطاع غزة باعتبارها مصدر التوتر والتصعيد في منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية بالنسبة لقناة السويس المصرية، التي تراجعت إيراداتها بشكلٍ كبير خلال العام المالي 2023-2024 بنسبة 23.4%، مقارنةً بالعام المالي السابق، في ظل اتجاه بعض شركات الشحن إلى طرق بديلة لتجنب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وكشف بيان الخارجية المصرية الذي عبّر عن قلق القاهرة البالغ من العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي اليمنية، عن وعيٍ مصري بتغيّر معادلة الصراع على نحوٍ بات يهدد بالتأثير على الأمن القومي المصري على جميع المستويات.

وهذا ما يفسّر كون جميع الرهانات المصرية منصبّة على وقف الحرب في غزة، فمن شأن تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي أن يعيد تشغيل قناة السويس، وأن يحقق انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا على الحدود بين مصر والقطاع، وغيرها من الرهانات التي باتت محل شك، بما في ذلك فتح معبر رفح المصري. 

تعتقد القاهرة أنّ إنهاء الحرب من شأنه أن يقود إلى حل العديد من أزماتها، لا سيما أزمة إيرادات قناة السويس

وفي هذا الصّدد، قال اللّواء المتقاعد بالجيش المصري سمير فرج، المقرب من السلطة المصرية الحالية، في مقابلة مع التلفزيون المصري مطلع الأسبوع الجاري، إن: "الحوثيين يمتلكون صواريخ قادرة على الوصول إلى أعماق الأراضي الإسرائيلية، مع تركيزٍ محتمل على استهداف مدينة إيلات وصحراء النقب، بالإضافة إلى السفن المارة في مضيق باب المندب".

وأضاف أنه: "في حال تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من المتوقع أن يتبع ذلك توقف الحوثيين عن إطلاق الهجمات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يشير إلى احتمالية انخفاض التوتر في هذا الممر المائي الاستراتيجي".

والواضح من التصريحات المصرية الرسمية بشأن التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل أن القاهرة لا ترغب في إثارة حفيظة أي من الطرفين، إذ تجنبت في البداية التعليق على استهداف الحوثيين تل أبيب بطائرة مسيّرة، وتجنبت بعده إدانة الاحتلال لهجومه الواسع على منشآت مدنية في الحديدة، ما أدى إلى سقوط 14 قتيلًا و6 مفقودين وأكثر من 90 جريحًا، جراح 30 منهم تعدّ خطرة.

واكتفى الموقف المصري باستخدام لغة التحذير من العملية الإسرائيلية التي من شأنها توسيع الصراع في المنطقة، والانزلاق في "فوضى إقليمية" على حد وصف بيان الخارجية المصرية.

أي رهانٍ للقاهرة؟

انتهزت القاهرة فرصة التصعيد بين إسرائيل والحوثيين لإعادة التذكير بما حذّرت منه سابقًا، وهو أن استمرار الحرب في قطاع غزة سيدفع الإقليم بأسره إلى "دائرة مفرغة من الصراعات وعدم الاستقرار"، وتشديد الموقف المصري على "أهمية تكاتف الجهود الدولية من أجل صون أمن واستقرار المنطقة"، ودعوة "كافة الأطراف" لضبط النفس والتهدئة.

كما طالبت "كافة الفاعلين" على المستويين الإقليمي والدولي، بالاضطلاع بمسؤولياتهم من أجل إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة باعتبارها "السبب الرئيسي" في ارتفاع حدة التوتر والتصعيد الإقليمي الحالي، بما فيها التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل.

وتعتقد القاهرة أنّ إنهاء الحرب من شأنه أن يقود إلى حل العديد من أزماتها، لا سيما أزمة إيرادات قناة السويس، التي تراجعت بسبب الهجمات المتكررة للحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر.

أمّا الأزمة الأخرى التي تريد القاهرة وضع حدٍّ لها، فهي: "احتلال إسرائيل الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة والمعروف بمحور صلاح الدين (فيلادلفيا)"، فهذا الاحتلال يضع القاهرة في وضعٍ حرج، نظرًا إلى مخالفة إسرائيل اتفاقياتها ومعاهداتها السابقة مع مصر باحتلال المعبر، من دون ردٍّ عملي من القاهرة، سوى بعض التصريحات التي تدين ذلك الفعل.

ويربط الحوثيون وقف هجماتهم التي تستهدف السفن الأميركية والبريطانية والإسرائيلية في البحر الأحمر، بوقف إطلاق النار في غزة ورفع الحصار عن إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر.

ويرى مسؤولٌ في الخارجية المصرية أنّ عناد إسرائيل والدعم الأميركي لها يمنعان التوصل إلى تسوية، ولكن على الرغم من ذلك، يضيف المسؤول المصري، لن تتوقف جهود مصر الرامية لإنهاء الحرب.

يمكن القول إنّ المنطقة أمام معادلة صعبة، وإن الأطراف الرئيسية فيها تُكابر أمام مخاطر انفجارها

يشار إلى أنّ بيان الخارجية المصرية الأخير، بشأن الهجوم الإسرائيلي على اليمن، أكد ما وصفه بـ: "موقف مصر الراسخ والداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية من دون أية عوائق إلى القطاع". مضيفًا أن وقف إطلاق النار هو: "الخطوة الرئيسية والضرورية لاحتواء التوتر، والركيزة الأساسية لإقرار التهدئة الشاملة في المنطقة، وحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي".

وفي المجمل، يمكن القول إنّ المنطقة أمام معادلة صعبة، وإن الأطراف الرئيسية فيها تُكابر أمام مخاطر انفجارها، ذلك أن الولايات المتحدة والغرب يساندون بالمطلق إسرائيل على جميع المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية. وأمام هذا الموقف، ثمة ضعفٌ لا محدود في مستوى التنسيق العربي بشأن أحداث المنطقة، باستثناء موقف المقاومة الفلسطينية التي تجابه إسرائيل ومن خلفها". مع الإشارة إلى أن: "وحدة المقاومة، ما بين المقاومة الفلسطينية وما بين حزب الله والحوثيين والمليشيات الموجودة في داخل العراق وسوريا، هي التي أنشأت هذه المعادلة".