21-يناير-2024
طفل جريح في غزة

تُجرى عمليات بتر الأطراف في مستشفيات غزة دون تخدير (Getty)

في حديثهم عن تجاربهم في العمل بمستشفيات قطاع غزة خلال العدوان الحالي، المتواصل منذ 107 أيام، اعتبر أطباء بريطانيون الإصابات التي شاهدوها في مستشفى "شهداء الأقصى" بأنها أسوأ ما شاهدوه خلال مسيرتهم المهنية، مؤكدين أن الوضع في المستشفى كان، ولا يزال، مأساويًا لدرجة أنهم اضطروا في كثير من الأحيان إلى علاج الجرحى دون معدات طبية.

دخل هؤلاء الأطباء، وهم نيك ماينارد، وديبورا هارينجتون، وجيمس سميث، إلى غزة أواخر كانون الأول/ديسمبر الفائت بمبادرة من لجنة الإنقاذ الدولية ومنصة العون الطبي الفلسطيني. وعملوا في مستشفى "شهداء الأقصى"، وسط قطاع غزة، خلال الفترة بين أواخر كانون الأول/ديسمبر وحتى 9 كانون الثاني/يناير الحالي.

قال أطباء بريطانيون عملوا في مستشفى "شهداء الأقصى" بغزة إن الإصابات التي شاهدوها في المستشفى هي أسوأ ما شاهدوه خلال مسيرتهم المهنية

وعدا عن المشاهد المأساوية التي صادفها في طريقه من معبر رفح إلى مستشفى "شهداء الأقصى"، قال الدكتور نيك ماينارد، الذي يعمل جراحًا في أكسفورد، في حديث إلى وكالة "الأناضول"، إن ما رآه داخل المستشفى كان أسوأ بكثير مما توقعه: "رأيت أفظع الإصابات التي لم أتوقع أن أشاهدها في حياتي المهنية".

ووصف ماينارد غزة بأنها "الجحيم على الأرض"، لافتًا إلى أنهم رأوا العديد من الأطفال المصابين بحروق قاتلة وإصابات مميتة إلى جانب أولئك الذين فقدوا أطرافهم. وذلك في وقت كانت فيه: "الإمكانات في غرف العمليات محدودة في معظم الحالات". بل إنه لم يكن هناك حتى ماء، وكانوا يضطرون، بحسبه، إلى تنظيف أيديهم باستخدام المواد الكحولية فقط. كما أكد أن المسكنات التي كانوا يحتاجونها لعلاج الأطفال المصابين بحروق خطيرة أو فقدان الأطراف، لم تكن متوفرة أيضًا.

وأضاف: "رأيت طفلًا يبلغ من العمر 6 سنوات ملقى على الأرض في غرفة الطوارئ. لم يكن هنالك عدد كافٍ من الأطباء للاهتمام بالطفل. كما لم تكن عائلة الطفل حوله. كان يعاني من حروق مؤلمة للغاية وجروح مفتوحة في الصدر. أخذناه على الفور إلى منطقة الإنعاش. وبما أنه لم يكن هناك أسرة أو نقالات كافية، أجرينا المداخلات الطبية اللازمة على الأرض".

ولفت ماينارد إلى أن "إسرائيل" تتعمد استهداف سكان غزة ومنشآت الرعاية الصحية في القطاع، مؤكدًا أن غزة لن تستعيد عافيتها إن لم يُجبر المجتمع الدولي "إسرائيل" على وقف إطلاق النار، ثم دعم عملية إعادة إعمارها.

وأكدت طبيبة التوليد، ديبورا هارينجتون، أن الوضع في مستشفيات غزة مخيف للغاية، مشيرةً إلى أن مستشفى "شهداء الأقصى" كان مكتظًا بالأطفال الجرحى الذين كانوا يصلون وهم مصابون بحروق وبتر في الأطراف، لم يكن هناك في المستشفى معدات كافية للتعامل معهم.

وأضافت في حديثها لـ"الأناضول" أن الإمكانات الموجودة في مستشفى "شهداء الأقصى" لم تكن: "قادرة على التعامل مع هذا المستوى من الحالات الخطيرة. القدرة الاستيعابية للمستشفى كانت 300 بالمئة. كان هناك أشخاص ينتظرون العلاج في كل مكان، معظمهم مصابون بجروح خطيرة".

من جهته، قال طبيب الطوارئ جيمس سميث إن قسم الطوارئ في "شهداء الأقصى" كان يواجه صعوبة بالغة في الاستجابة لعدد المرضى الذين يصلون إليه، وذلك في وقت كان يعاني فيه المستشفى من نقص حاد في المستلزمات الطبية الأساسية، بما في ذلك الشاش الذي يُستخدم لتضميد الجروح، والمورفين الذين يُعطى للأشخاص الذين يعانون من آلام خطيرة.

وتابع سميث قائلًا: "لقد عملت لدى العديد من المنظمات الإنسانية وشاهدت المرضى في العديد من مناطق الصراعات لسنوات، لكن لم يسبق لي أن رأيت إصابات مؤلمة بهذا الحجم والخطورة. لقد كانت تجربة غزّة حقًا أعظم حدث مررت به على الإطلاق"، مؤكدًا أنه شهد العديد من الحالات القاتلة، وعمليات البتر المروعة.

وفي وقت سابق، أكد عدد من الأطباء العائدين من قطاع غزة، والذين كانوا يعملون في منظمة "أطباء بلا حدود"، أن وضع المنظومة الصحية في غزة مأساوي للغاية، حيث تجري عمليات بتر الأطراف دون تخدير، وتلد النساء الحوامل دون مساعدة طبية.

وصف أحد الأطباء غزة بأنها "الجحيم على الأرض"، مؤكدًا أنه رأى في المستشفى إصابات لم يتوقع أن يشاهدها في حياته

وأشار إنريكو فالابيرتا، ممرض عناية مركزة في المنظمة، إلى أن ما قدّموه يمثّل: "قطرة في محيط إذا قورن بالاحتياجات القائمة.

وفي السياق نفسه، حذرت منظمة "أطباء بلا حدود" من النقص الكبير في الطواقم، وفي الإمدادات بسبب منعِ وصولها من قبل "إسرائيل"، ما صعّب معالجة الإصابات وتوفير الرعاية الطبية الاعتيادية، ومنع انتشار الأمراض ومعالجة سوء التغذية المتفاقم في غزة.

وقالت المنظمة إنها لم تتمكن من إيصال مساعدات إلى شمال غزة منذ تشرين الثاني/نوفمبر بسبب الرفض الإسرائيلي "الممنهج"، وهي مشكلة تقول إنها أصبحت "أكثر حدة هذا الشهر".