02-يوليو-2024
ترجح استطلاعات الرأي فوز اليمين المتطرف بالأغلبية في الدور الثاني (منصة إكس)

ترجح استطلاعات الرأي فوز اليمين المتطرف بالأغلبية في الدور الثاني (منصة إكس)

قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، في تعليقها على نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية، إن شيطنة أقصى اليمين لم تعد مجدية، حسب تعبيرها.

وأشادت بما وصفتها بالنتيجة التاريخية التي حققها حزب التجمع الوطني، في الجولة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية (البرلمان) في فرنسا.

وأقامت ميلوني تقابلًا مقصودًا بين اليمين المتطرف (أقصى اليمين أو القوى البديلة لليسار بتعبيرها) واليسار، قائلة إن "المحاولة المستمرة لشيطنة الأشخاص الذين لا يصوتون لليسار  هي فخ يقلّ عدد الناس الذين يقعون فيه".

وأضافت رئيسة حزب فراتيلي ديتاليا لوكالة أدنكرونوس،  التي وصلت إلى السلطة في تشرين الأول/أكتوبر 2022 وعززت موقعها في الانتخابات الأوروبية بعد فوزها بنسبة 28% من الأصوات: "لاحظنا ذلك في إيطاليا، ونراه أكثر فأكثر في أوروبا وفي كل أنحاء الغرب".

ترى جورجيا ميلوني أن محاولات شيطنة الذين لا يصوتون لليسار هي فخ يتفاداه عدد متزايد من الناس. وأشارت إلى أن اليمين البديل لليسار يتقدم في أوروبا

وتابعت ميلوني المتحالفة داخل حكومتها مع حزب فورتسا إيطاليا المحافظ، الذي أسسه سيلفيو برلسكوني، وحزب الرابطة المناهض للمهاجرين بزعامة ماتيو سالفيني: "لطالما أردت إزالة الحواجز القديمة في أوروبا بين القوى البديلة لليسار، ويبدو أننا في فرنسا أيضًا نسير في هذا الاتجاه"، على حد وصفها.

ولم تكتف ميلوني بالحديث عن الجولة الأولى من انتخابات فرنسا التشريعية، بل قامت بدعاية مجانية لصالح نظرائها في اليمين المتطرف الفرنسي، واضعةً الفرنسيين بين خيارين لا ثالث لهما "اليمين المتطرف وأقصى اليسار"، قائلة في هذا الصدد: "نحن أمام سيناريو يشهد استقطابًا كبيرًا، وإذا سئلتُ عما إذا كنت أفضل اليسار، المتطرف في بعض الأحيان، أو اليمين، بالطبع أفضل اليمين".

وتنظر جورجيا ميلوني، حسب وكالة الأنباء الفرنسية، بإيجابية "لوصول حكومة صديقة إلى السلطة في دولة أخرى مؤسِّسة للاتحاد الأوروبي بعدما وجدت نفسها معزولة على الساحة الأوروبية خلال توزيع المناصب العليا في بروكسل".

ومع أن وصول ميلوني إلى السلطة قد أثار مخاوف لدى شركائها بشأن مواصلة التزام إيطاليا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، إلا أنها، حسب وكالة الأنباء الفرنسية، تمكنت من طمأنتهم من خلال إظهار الدعم القوي لأوكرانيا، واتباع سياسة اقتصادية مطابقة لسياسة سلفها الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي.

وكانت النتائج الأولية للجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي جرت في فرنسا، الأحد الماضي، أظهرت تقدمًا كبيرًا لليمين المتطرف، فيما حل تحالف قوى اليسار في المرتبة الثانية، في حين تراجع ائتلاف الرئيس إيمانويل ماكرون للمرتبة الثالثة.

فقد تحصل حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف على 33 % من أصوات الناخبين، أما تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري فقد تحصل  على 28.5 % من الأصوات وتحصل ائتلاف الرئيس الفرنسي "معًا"، الذي يمثل يمين الوسط، على 22 %من أصوات الناخبين، أما الحزب "الجمهوري" اليميني فتحصل على 10.5 % من الأصوات، في حين تحصل تحالف لأنصار "البيئة" وتيارات الوسط على 2 %، بالإضافة لتحالف "اليساريين المستقلين" الذي حصل على 1.5 % من أصوات الناخبين.

وفور إعلان النتائج، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "تحالف ديمقراطي وجمهوري واسع" في الدورة الثانية من الانتخابات بمواجهة حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف.

وقال ماكرون في تصريح مكتوب: إنّ "المشاركة الكبيرة في الدورة الأولى تظهر أهمية هذا التصويت بالنسبة إلى جميع مواطنينا، وإرادة توضيح الوضع السياسي"، مضيفًا: "في مواجهة التجمع الوطني، إنه الآن وقت تحالف واسع يكون بوضوح ديمقراطيًا وجمهوريًا في الدورة الثانية".

وهو ما ذهب إليه رئيس الحكومة الفرنسية غابرييل أتال، الذي ألقى كلمة مقتضبة من أمام مقر الحكومة، حيث شدّد على أنّ حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف يجب ألا يحصل على أي صوت في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية"، وقال: "يجب ألا يذهب ولا حتى صوت واحد للتجمع الوطني... يجب منعه من الحصول على الأغلبية المطلقة".

من جهتها، خرجت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، بعد اعلان النتائج،  بتصريحات اعتبرت فيها أنّ معسكر الرئيس ماكرون تم "محوه عمليًا".

وقالت لوبان، التي انتخبت من الدور الأول نائبة عن دائرتها في الشمال: إنّ "الفرنسيين أظهروا إرادتهم لطي صفحة سبعة أعوام من حكم الازدراء والتآكل للرئيس إيمانويل ماكرون"، محذرة من صعود "اليسار المتطرف"، في إشارة لنتائج التي حققها تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة"، داعية الفرنسيين إلى منح حزبها التجمع الوطني "الغالبية المطلقة"، قائلةً: "أيها المواطنون الأعزاء، في 30 حزيران/يونيو 2024، سيولد الأمل من جديد في البلاد. في 7 تموز/يوليو، احشدوا حتى ينتصر الشعب!".

بدوره، قال رئيس حزب "التجمع الوطني"، والمرشح الأوفر حظًا لرئاسة الحكومة الفرنسية القادمة جوردان بارديلا: "نحن الحصن الجمهوري والوطني الوحيد ضد التحالف الأسوأ. يقترح اليسار المتطرف نزع سلاح الشرطة، وفتح أبواب الهجرة، ومكافحة النزعة الانفصالية الإسلامية".

وأضاف: "يوم الأحد المقبل، إذا منحنا الفرنسيون الأغلبية المطلقة لاستعادة البلاد، فإنني أنوي أن أكون رئيسًا لوزراء كل الشعب الفرنسي، وأستمع إلى كل فرد، وأحترم المعارضة، وأهتم بالوحدة الوطنية".

في المقابل، دعا زعيم حزب "فرنسا الآبية" اليساري، جون لوك ميلانشون، إلى قطع الطريق على مرشحي اليمين المتطرف، معلنًا أنّ الحزب سيسحب كل مرشح له حل ثالثًا في السباق الذي يكون في مرشح اليمين المتطرف في المركز الأول، وخاطب أنصاره في مهرجان جماهيري بعد اعلان النتائج، قائلًا: "لابد الآن من اتخاذ خيار أساسي: إما اليمين المتطرف أو نحن. لم يبق شيء في المنتصف!"، وأضاف: "لقد بنينا قوة سياسية كبيرة. نحن هنا لتغيير كل شيء في بلدنا!".

ورأى ميلانشون أن نتائج الانتخابات تشكل "هزيمة ثقيلة لا تقبل الجدل للرئيس ماكرون".

من جهته، دعا متصدر قائمة الحزب الاشتراكي في الانتخابات الأوروبية، رافاييل غلوكسمان: "جميع المرشحين الذين جاءوا في المركز الثالث خلف مرشحي التجمع الوطني إلى الانسحاب لوضع سد أمامهم".

وفي منشور على حسابه في منصة "إكس"، كتب غلوكسمان: "إنّ التاريخ يراقبنا، ويحكم علينا"، وأضاف: "لم يكن اليمين المتطرف كما هذه المرة قريبًا جدًا من الوصول على السلطة من خلال صناديق الاقتراع في بلدنا. وعلينا، بشكل جماعي، أن نرتقي إلى مستوى اللحظة التي نمر بها".

أما الحزب "الجمهوري"، فلم يوجه ناخبين، تاركًا الخيار لهم، وأوضح الحزب في بيان صحفي: "حيثما لا نكون حاضرين في الجولة الثانية، مع الأخذ في الاعتبار أن الناخبين أحرار في الاختيار، فإننا لا نعطي تعليمات، ونسمح للفرنسيين بالتعبير عن أنفسهم بضميرهم".

وقال رئيس الحزب، فرانسوا كزافييه بيلامي، لوكالة "فرانس برس": إنّ "الخطر الذي يواجه بلادنا اليوم هو اليسار المتطرف"، وكان الأخير قد أوضح قبل الانتخابات البرلمانية، بأنه سيصوت لصالح حزب "التجمع الوطني" في حالة حدوث مواجهة مع مرشحي "اليسار المتطرف".

وهو ما ذهبت إليه تصريحات غالبية قادته التي دعت إلى وضع سد أمام مرشحي حزب "فرنسا الآبية" اليساري.

أما رئيس الحزب المعزول، إريك سوتي، الذي فازت قائمته بدعم من اليمين المتطرف، فقال: "أود أنّ أشكر ناخبي نيس الذين وضعوا مرشحينا الثلاثة في المقدمة "، وأضاف: "في مواجهة نتائج تحالف اليسار المتطرف، يجب على الوطنيين المخلصين أن يتحدوا!"، وتابع: "التعبئة العامة يوم الأحد لفوز المعسكر الوطني".

يشار إلى أنّ الدور الثاني من الانتخابات التشريعية سيجرى الأحد المقبل 7 تموز/يوليو القادم، وسط استقطاب حاد وتعبئة لقطع الطريق على وصول اليمين المتطرف للحكم لأول مرة في تاريخ فرنسا.