تحدثت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، عن خلافات وتوترات تحكم العلاقة بين السعودية والإمارات، وذلك في تقرير لها صدر اليوم الجمعة، نتيجة خلافات ومصالح متناقضة في ملفات أساسية مثل الحرب على اليمن وأسعار النفط.
الخلاف الأكثر حدة بين أبو ظبي والرياض، يدور تحديدًا حول اليمن، ورغم أن الإمارات سحبت معظم قواتها البرية من اليمن عام 2019 إلّا أنّها تخشى تهميشها من المحادثات المستمرة حول مستقبل اليمن
وينطلق تقرير وول ستريت جورنال في استكشاف العلاقات المتوترة بين أبو ظبي والرياض، من خلال غياب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن قمة أبو ظبي لقادة الشرق الأوسط في كانون الثاني/ يناير الماضي، ولاحقًا تجاهل الإمارات للقمة الصينية العربية في الرياض.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الخلاف بين الإمارات والسعودية يدور حول التنافس على الاستثمار الأجنبي والتأثير في أسواق النفط العالمية والخلافات على اتجاه حرب اليمن.
وتكشف الصحيفة عن محاولات مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان، والمقرب من ولي العهد السعودي، إصلاح العلاقة من خلال زيارات متكررة إلى الرياض، دون نجاح في تخفيف التوترات، مشيرةً إلى أن مستشار الأمن القومي الإماراتي فشل في واحدة من زياراته باللقاء مع ابن سلمان.
النزاع على اليمن
الخلاف الأكثر حدة بين أبو ظبي والرياض، يدور تحديدًا حول اليمن، ورغم أن الإمارات سحبت معظم قواتها البرية من اليمن عام 2019 إلّا أنّها تخشى تهميشها من المحادثات المستمرة حول مستقبل اليمن، خاصةً أنها تسعى للحفاظ على موطئ قدم استراتيجي على الساحل الجنوبي لليمن واستمرار نفوذها في الموانئ البحرية.
والسعي الإماراتي للحفاظ على نفوذها باليمن، دفعها لتوقيع اتفاقية أمنية مع الحكومة اليمنية المدعومة سعوديًا، في كانون أول/ ديسمبر من العام الماضي، مفادها السماح لقوات أبو ظبي بالتدخل في حال حصول أي تهديد وشيك، بالإضافة إلى تدريب القوات اليمنية في الإمارات، وتعميق التعاون الاستخباراتي، بين أبو ظبي وصنعاء. ويترافق مع ذلك سعي الإمارات إلى بناء قاعدة عسكرية ومدرج للطائرات على جزيرة في مضيق باب المندب.
التحركات الإماراتية في اليمن، كانت نقطة قلق للرياض، حيث اعترضت السعودية وبشكلٍ سري على الاتفاق الأمني والخطة الخاصة ببناء قاعدة عسكرية، واعتبرت الرياض أن الإمارات تعمل ضد أهدافها في اليمن.
ورغم الاعتراض السعودي خلف الكواليس، إلّا أنّ الرياض ردت على الخطوات الإماراتية الأحادية، بنشر قوات سودانية من التحالف العسكري في مناطق قريبة، من تلك التي تعتبرها الإمارات مناطق نفوذ لها، وهو ما اعتبرته مصادر إماراتية تكتيكًا للترهيب.
وظهر تصاعد الخلاف عندما لم يحضر الرئيس الإماراتي محمد بن زايد القمة الصينية العربية في الرياض، وبدلًا منه حضر حاكم إمارة الفجيرة، وهو ما فسرته السعودية أنه علامة على استياء الإماراتيين من المنافسة المتزايدة في اليمن.
هل تغادر الإمارات أوبك؟
التوتر بين أبو ظبي والرياض وصل إلى منظمة أوبك النفطية، والسبب تحديدًا هو أن الإمارات ملزمة نتيجة وجودها في المنظمة بإنتاج نفط أقل من قدرتها الإنتاجية الفعلية، مما يضر بعائداتها النفطية، وسط رغبة إماراتية بزيادة كميات الإنتاج، وهو ما ترفضه السعودية.
وتقول وول ستريت جورنال، نقلًا عن مصادر إماراتية، إن الإمارات تجري نقاشًا داخليًا يدور حول إمكانية مغادرة أوبك، وهي أفكار إماراتية طرحت منذ سنوات ولكنها عادت للحضور من جديد نتيجة الخلاف مع السعودية.
وظهرت الخلافات بين الإمارات والسعودية في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، عندما قررت منظمة أوبك+ خفض إنتاج النفط بشكلٍ كبير، وهو قرار دعمته أبو ظبي في العلن، لكن مصادرًا أمريكية تحدثت للصحيفة قالت إن الإماراتيين أخبروهم سرًا برغبتهم ضخ المزيد من النفط، تماشيًا مع رغبة واشنطن، لكنهم واجهوا رفضًا من السعودية.
من التحالف إلى التنافس
من جانبها، قالت كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية دينا اسفندياري، إن الإمارتيين "قلقون من أن السعودية تعمل ضد مصالحهم"، فيما تقلق السعودية من أن الإمارات تهدد الهيمنة السعودية.
ورغم التوترات، تشير الصحيفة إلى استمرار التدريبات العسكرية المشتركة بين السعودية والإمارات، قائلةً: "لكن ذروة تحالفهم قد ولت".
أمّا بداية الخلاف، فهي بحسب المصادر الإماراتية تعود إلى فترة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 في القنصلية السعودية بإسطنبول على يد عناصر أمنية تابعة للحكومة السعودية، الأمر الذي جعل الإمارات تعيد التفكير في مدى القرب من محمد بن سلمان.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن السعودية شعرت عام 2019 بالتخلي عنها في اليمن عندما بدأت الإمارات بسحب قواتها من هناك.
ما يساهم في تصعيد التوتر، هو سعي السعودية لاستقطاب الشركات الأجنبية إليها، والعمل على نقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة
كما أن ما يساهم في تصعيد التوتر، هو سعي السعودية لاستقطاب الشركات الأجنبية إليها، والعمل على نقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة، وهو ما تراه الإمارات تحديًا لمكانة دبي، التي تعد أحد مراكز الأعمال العالمية في الشرق الأوسط.