يُعرف الفنان التشكيلي المصري الراحل جمال قطب (1931 – 2016) بوصفه رسام أغلفة كتب كبار الأدباء العرب، وصانع عوالمها الفنية التي تجلت على سطح أغلفته، بوصفها طريقته في ترجمة مضمون كتبهم بلغة فنية استثنائية جعلت منه علمًا من أعلام الفن التشكيلي في مصر والعالم العربي، وأحد أشهر رسامي أغلفة الكتب العرب.
ترجم قطب عبر أغلفته عوالم نجيب محفوظ الروائية بلغة فنية استثنائية ورؤية خاصة وفريدة
ولد قطب في مدينة طنطا، بمحافظة الغربية شمال مصر، في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر عام 1931. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس المدينة، ثم التحق بكلية الهندسة التي لم يستمر فيها طويلًا، إذ انقتل بعد فترة قصيرة إلى دراسة الفنون الجميلة مدفوعًا بشغفه بالفن، الذي قاده إلى العمل رسامًا في عدة مجلات مصرية وعربية، مثل: "الكواكب"، و"حواء"، و"المصور". وذلك بالإضافة إلى دور نشر مختلفة، لعل أبرزها: "القلم"، و"العلم للملايين"، و"الهلال" التي رسم أغلفة مجلاتها الأسبوعية.
اختار الراحل العمل في المجلات ودور النشر لأنه رأى في هذين المجالين ما يحقق رغبته في أن يكون فنانًا شعبيًا، خاصةً الصحافة التي اعتبرها "معرضًا يوميًا" يضمن عبره وصول لوحاته إلى الناس بعيدًا عن أجواء المعارض النخبوية، ذلك أنه يرسم للناس العاديين، قراء الصحف والمجلات، الذين لا تعنيهم المعارض التقليدية ولا تسمح لهم ظروفهم بزيارتها، أو اقتناء ما يُعرض فيها.
جمال قطب وروايات نجيب محفوظ
لم يُعرف الرسام الراحل بين المصريين، بالشكل الذي أراد أن يُعرف به، إلا بعد عمله في "دار مصر للطباعة والنشر" التي تولى فيها، وفي مرحلة مبكرة من عمره، رسم أغلفة أعمال أشهر الأدباء المصريين خلال تلك المرحلة، مثل نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، ويوسف إدريس، ويحيى حقي، وثروت أباظة، ومحمد عبد الحليم عبد الله، وغيرهم.
لكن اسمه ارتبط أكثر ما ارتبط بنجيب محفوظ، الروائي الأكثر شهرةً في مصر والعالم العربي آنذاك، الذي أدخلت رواياته لوحات قطب إلى بيوت مئات آلاف القراء المصريين والعرب، حيث رسم الراحل أغلفة أعماله ورسوماتها الداخلية.
قدّم مؤلف "الملهمات في الفن والتاريخ" رؤية فنية فريدة وخاصة لأعمال محفوظ، الذي جعله من أوائل قراء مخطوطاته. وبنى الراحل رؤيته هذه على سمات وخصائص عالم محفوظ وما يدور فيه، إضافةً إلى صفات شخصياته وملامح الأماكن المرتبطة به، خاصةً الواقعية التي حرص على زيارتها ومعاينة ملامحها قبل رسمه لوحة الغلاف. مما جعل من أغلفته توليفة قوامها الاستلهام من أجواء الحكاية وصفات شخوصها، ثم طبيعة وملامح الأماكن التي تدور فيها أحداثها.
جاءت الأغلفة التي صنعها جمال قطب لروايات محفوظ على شكل بورتريهات لأبطال العمل وشخصياته المحورية، بينما تصدرت المرأة أغلفة معظم أعماله وأكثرها شهرة، مثل: "بين القصرين"، و"عبث الأقدار"، و"الكرنك"، و"ثرثرة فوق النيل"، و"زقاق المدق"، وغيره.