14-يوليو-2024
مسعود بزشكيان

الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان (منصة إكس)

بدا الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان أكثر انسجامًا مع الخط المحافظ في آخر تصريحٍ له بشأن توجهاته الخارجية، المتعلقة أساسًا بالولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، وإن كان ضمّن تصريحاته بعض المرونة فيما يخص ما أسماه "التعامل مع أوروبا"، فيما يخص ملف العقوبات والمفاوضات.

ومن المرجّح أن يكون بزشكيان، يتبع في هذه المواقف المتأرجحة، بين المحافظة والانفتاح، سياسة اللعب على الحبلين، أو سياسة التلويح بالعصا والجزرة لتحقيق أي اختراقٍ ممكن، أو الإبقاء، على الأقل، على الانسجام بين مؤسستيْ الرئاسة والمرشد الأعلى، نظرًا للصلاحيات الواسعة التي يملكها الأخير، بالمقارنة مع الأول، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية.

في رسالةٍ جديدة حملت عنوان "رسالتي إلى العالم الجديد"، ونُشرت في صحيفة طهران تايمز، أوضح بزشكيان أنّ إيران لن ترضخ، في عهدته الرئاسية، للضغوط الأميركية، مؤكدًا في ذات الوقت عدم سعي طهران " لامتلاك أسلحة نووية".

وقال بزشكيان في رسالته: "الولايات المتحدة عليها أن تدرك الواقع وتفهمه مرةً واحدةً وإلى الأبد وهو أن إيران لا تستجيب للضغوط ولن تستجيب لها، وأن عقيدة الدفاع الإيرانية لا تتضمن أسلحةً نووية".

قال بزشكيان في رسالته: "الولايات المتحدة عليها أن تدرك الواقع وتفهمه مرةً واحدةً وإلى الأبد وهو أن إيران لا تستجيب للضغوط ولن تستجيب لها"

وتعهد بزشكيان، في السياق ذاته ـ في موقف لا يخلو من مرونة ـ  بتعزيز "سياسةٍ خارجية عملية، وتخفيف حدة التوتر بشأن المفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الستة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتحسين آفاق التحرير الاجتماعي والتعددية السياسية".

وفيما يخص الموقف من الصين وروسيا، قال بزشكيان في رسالته: "لقد وقفت الصين وروسيا إلى جانبنا باستمرار خلال الأوقات الصعبة. ونحن نقدر هذه الصداقة بشدة"، مضيفًا أنّ "روسيا حليفٌ استراتيجي وجارٌ مهمٌّ لإيران وستظل إدارتي ملتزمةً بتوسيع وتعزيز تعاوننا"، مشيرًا إلى أن طهران "ستدعم بقوة المبادرات الرامية إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا".

وتابع بزشكيان "لقد منحني الشعب الإيراني تفويضًا قويًا لمتابعة المشاركة البناءة بقوة على الساحة الدولية، مع الإصرار على حقوقنا وكرامتنا ودورنا المستحق في المنطقة والعالم".

وأضاف الرئيس الإيراني المنتخب "أوجه دعوةً مفتوحةً لكل الراغبين في الانضمام إلينا في هذا المسعى التاريخي"، مضيفًا أن طهران "ستوسع علاقاتها مع جيرانها وتتعامل مع أوروبا".

إلا أن كثيرين في إيران يشككون في قدرة بزشكيان على الوفاء بوعود حملته الانتخابية، خاصةً ما يتعلق منها بإحداث اختراقٍ في مفاوضات الاتفاق النووي ورفع العقوبات والتعامل مع الغرب ـ  وهي موضوعات كانت محور حملة بزشكيان الانتخابية ونقطةً فارقةً في فوزه في الانتخابات ـ  نظرًا لأن المرشد الأعلى علي خامنئي، وليس الرئيس، هو من يملك السلطة العليا في الجمهورية الإسلامية.

فعلى الرغم من أن بزشكيان هو رئيس مجلس الأمن القومي المخول برسم قرارات البلاد الاستراتيجية في السياسات العليا داخليًا وخارجيًا، فإن المرشد الأعلى للجمهورية هو من يضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية للبلاد.

وليس محسومًا، حتى اللحظة، ما إذا كان بزشكيان، سيتبنى نهج الرئيس الأسبق روحاني، الذي مثل استدارةً إيرانية نحو الانفتاح في العلاقات مع الغرب وكان الاتفاق النووي ثمرةً لذلك، أم سيتبع نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي استدار نحو الشرق، ودفع العلاقات مع الصين وروسيا قُدمًا، أم سيزاوج بين النهجين، وهو خيارٌ وإن بدا مثاليًا فإن عوائقه كثيرة.