تصاعد التوتر مجددًا بين الصين والفلبين على خلفية تصادم سفينتين في منطقة شعابٍ مرجانية متنازعٍ عليها بين البلدين في بحر الصين الجنوبي، حيث قالت بكين إن زورقًا فلبينيًا "اصطدم عمدًا" بسفينة تابعة لخفر السواحل الصيني أمس السبت. ويضاف هذا الحادث الجديد إلى سلسلة حوادث بين البلدين في المنطقة، ما يزيد من احتمالات نشوب صراع مسلح يزعم كلا الطرفين أنه لا يريده، وإن كان سلوكهما لا يعبّر عن ذلك.
وفي التفاصيل، قال المتحدث باسم حرس السواحل الصيني ليو ديجون، في تصريحات صحفية نقلتها "سي سي تي في" الصينية الرسمية، إن: "الحادث (تصادم الزورق الفليبيني بالسفينة الصينية) وقع في ساعات مبكرة من صباح يوم السبت"، مضيفًا أنّ: "الزورق الفلبيني رقم 9701 اصطدم بالسفينة الصينية التي تحمل الرقم 5205".
وأكّد المتحدث الصيني في تصريحاته أنّ الصين: "تؤكّد على أن سيادتها على المنطقة لا تقبل الجدل". ووقع الحادث الجديد، حسب مصادر مستقلة، في المياه المحيطة بـ: "شعاب شيانبين المرجانية المعروفة في الفلبين باسم سابينا، والتي تبعد نحو 140 كيلومترًا عن السواحل الفلبينية و1200 كيلومترًا من جزيرة هاينان الصينية".
المواجهة بين الصين والفيليبين تغذي مخاوف من نزاعٍ محتمل قد يؤدي إلى تدخل واشنطن بسبب معاهدة الدفاع المشترك مع مانيلا
وقد شهدت هذه المنطقة بالتحديد عدة حوادث خلال الأيام الأخيرة، ففي يوم الإثنين، 19 آب/أغسطس الجاري، اصطدمت سفينتان ترفعان علم الصين والفلبين، وتبادل البلدان على إثرها الاتهام بالمسؤولية عن الواقعة.
وأفاد تلفزيون "سي سي تي في" الرسمي، نقلًا عن المتحدث باسم خفر السواحل الصيني، إنه: "رغم التحذيرات المتكررة من الجانب الصيني، اصطدمت السفينة الفلبينية 4410 عمدًا بالسفينة الصينية 21551"، مضيفًا أن: "سفن خفر السواحل الفلبيني دخلت بشكل غير قانوني إلى المياه القريبة من شعاب شيانبين في جزر نانشا دون إذن من الحكومة الصينية".
وتابع أن: "خفر السواحل الصينيين اتخذوا تدابير مراقبة ضد السفن الفيليبينية وفقًا للقانون"، وحضّ المتحدث باسم خفر السواحل الصيني: "الجانب الفلبيني بقوة على الوقف الفوري لانتهاكاته واستفزازاته" على حد تعبيره.
أما الهيئة الفلبينية المكلفة بمتابعة القضية، فقد أكدت أن سفينتين من سفن خفر السواحل التابعة لها قد تضررتا بعد اصطدامهما بسفن صينية كانت تُجري "مناورات غير قانونية وعدوانية" قرب سابينا شول. وأضافت في بيان أن هذه المناورات: "أسفرت عن اصطدام تسبب في أضرار هيكلية لسفينتي خفر السواحل الفيليبيني".
والأحد الماضي، اتهمت الفليبين سفنًا صينية بالاصطدام بقارب صيد فلبيني واستخدام خراطيم المياه ضده بالقرب من الشعاب المرجانية آنفة الذكر. ووصف وزير الدفاع الفلبيني، الثلاثاء الماضي غداة وقوع حادث آخر مشابه، الصين بأنها "أكبر معيقٍ" للسلام في جنوب شرق آسيا.
خلفيات الصراع
تطالب الصين بالسيادة على كامل بحر الصين الجنوبي تقريبًا بما في ذلك المياه والجزر القريبة من سواحل عدد من الدول المجاورة، متجاهلةً بذلك حكمًا أصدرته محكمة دولية عام 2016 يفيد بأن مطالبها ليست لها أي أسس قانونية. وفي المقابل، تواجه مطالب الصين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي بمطالب مشابهة من دول مجاورة مثل الفلبين وفيتنام وبروناي وماليزيا.
ولا بد من الإشارة إلى أنه منذ وصول الرئيس الفيليبيني فرديناند ماركوس إلى السلطة عام 2022، تُشدّد مانيلا بشكل أكثر حزمًا على مطالبها بالسيادة على بعض الشعاب المرجانية المتنازع عليها، في مواجهة بكين التي لا تنوي التنازل عن مطالبها.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، فإن هذه المواجهة بين الصين والفلبين: "تغذي مخاوف من نزاعٍ محتمل قد يؤدي إلى تدخل واشنطن بسبب معاهدة الدفاع المشترك مع مانيلا".
وقد دأبت الصين بانتظام على اتهام الولايات المتحدة بدعم الدول التي تتنافس معها على مطالب إقليمية من أجل مواجهة قوتها المتنامية.