توعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بنقل "المعركة" إلى الأرض الروسية، وذلك في ظل عدم تحقيق الهجوم الأوكراني المضاد، الأهداف المتوقعة منه، وتعثره في عدة مواقع.
وخلال زيارته لمدينة إيفانو-فرانكيفسك الأوكرانية، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إن "الحرب تصل إلى روسيا ومراكزها الرمزية"، وذلك بعد ساعات من هجوم بطائرات مُسيّرة استهدف حي الأعمال في العاصمة الروسية موسكو.
توصف هجمات أوكرانيا بالمُسيّرات بـ"المحدودة" سواء من ناحية عسكرية أو استراتيجية، ولكنها تلعب دورًا في حربها النفسية، مع تعثر الجيش الروسي في مجمل الحرب
وأضاف الرئيس الأوكراني: "تدريجيًا، الحرب تعود الى أرض روسيا، وتستهدف مراكزها الرمزية وقواعدها العسكرية"، مشيرًا إلى أن "هذا مسار لا مفر منه، طبيعي، وعادل بلا ريب"، مؤكدًا أن "أوكرانيا ستصبح أكثر قوة، وأن على روسيا الاستعداد لهجمات جديدة تستهدف بنيتها التحتية في مجال الطاقة الشتاء المقبل".
وشنت أوكرانيا هجمات على نطاق واسع بطائرات مُسيّرة داخل الأراضي الروسية، حيث أعلنت وزارة الدفاع، أمس الثلاثاء، أنها أحبطت هجومًا أوكرانيًا هو الثالث بواسطة مُسيّرات على العاصمة موسكو والبحر الأسود، لكنها أقرت بأن واحدةً منها، أصابت برجًا في حي الأعمال في وسط موسكو، والذي يضم مقرات لـ3 وزارات، في حين وصفت الخارجية الروسية الهجوم على حي الأعمال بـ"العمل الإرهابي"، حيث سبق واستهدف الحي بداية الأسبوع.
ويضم المبنى الشاهق في العاصمة الروسية، والذي ضرب مرتين في الأيام الأخيرة، وزارات التنمية الرقمية والاقتصاد والتنمية الصناعية، لكن وزارة الدفاع قالت إن الطائرة المُسيّرة تعرضت للتشويش إلكترونيًا وفقدت السيطرة قبل اصطدامها بالمبنى.
استراتيجية كييف الجديدة
ويعد هجوم الثلاثاء هو الأحدث في سلسلة هجمات تستهدف المدن الروسية، وتتهم موسكو سلطات كييف بالوقوف خلفها.
وخلال يوم الأحد الماضي، تم إسقاط 44 مسيّرة أوكرانية في يوم واحد، في حيث أوضح مصادر أوكرانية أنها " لن تسمح بأن تقتصر الحرب على أرض أوكرانيا"، وكتب مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولاك، تغريدة، قال فيها: "موسكو ستعتاد بسرعة على حرب شاملة، التي ستنتقل في نهاية إلى أراضي صناع الحرب، لدفع ديونهم".
وفي العموم، لا تعلق السلطات الأوكرانية على الهجمات داخل حدود روسيا، لكن في الأيام الأخيرة أشار الرئيس فولوديمير زيلينسكي وغيره، إلى أن الضربات داخل الأراضي الروسية هي جزء من استراتيجية كييف.
وفي تعقيبه على الحدث، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن "هناك تهديدًا واضحًا، وإنه سيتم اتخاذ إجراءات لتحسين دفاعات العاصمة"، وفي الوقت نفسه، حاولت السلطات الروسية التقليل من مخاطر الهجمات.
الرعب ينتقل
في المقابل، أخذت وسائل الإعلام الروسية التي تسيطر عليها الحكومة، المهمة من أجل تهيئة سكان العاصمة موسكو، التعود على فصل جديد من حياتهم.
وفي هذا الإطار، تنقل صحيفة "نيويورك تايمز" عن رجل أعمال يدعى ميرلان يزاكوف، ويمتلك شركة استثمارية لها مكتب في مجمع البرج بمدينة موسكو الذي تعرض للقصف في نهاية هذا الأسبوع، بأنه علم بضربة المسيّرة في الأخبار، وأن ذلك لم يؤثر على عمله، وقال إن "فريقه يواصل العمل من مكاتبهم".
وقد واجه بعض الروس صعوبة في التكيف مع فكرة أنهم قد يكونون الآن في مرمى النيران، مهما كانت المخاطر بعيدة.
ويقول مكسيم خوديريف، وهو وكيل عقارات في مدينة موسكو، إنه بدأ في تلقي رسائل من مستأجرين، تشير إلى أنهم "لم يعد بإمكانهم الشعور بالأمان، ويفكرون في إلغاء عقود الإيجار".
وفي السياق نفسه، عمل مدونون قوميون روس، ويدعمون الحرب على أوكرانيا، بتصوير الهجمات في عمق روسيا، بـ"عمل يائس من قبل كييف، بهدف إحداث ضجيج إعلامي، لأن الهجوم المضاد الأوكراني يتلاشى".
وكتب المعلق السياسي في القناة التلفزيونية المتطرفة "Tzargrad" أندريه بيرلا،على تليغرام، بعد الهجوم الأول الذي استهدف المبنى في موسكو: "ليس هناك أي ضرر عسكري، لكن هناك تأثير نفسي".
بدوره، قال المحلل السياسي الروسي ألكسندر كينيف: "العديد من الروس يحاولون فقط إخراج الأخبار السيئة من أذهانهم"، وأضاف "يتجاهلها الناس بوعي أو بغير وعي، يريدون منع أنفسهم من ذلك، لأنهم يريدون الحفاظ على حياتهم لتكون طبيعية قدر الإمكان".
ونادرًا ما استُهدفت موسكو الواقعة على بعد 500 كيلومتر من الحدود الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن في الفترة الأخيرة من هذا العام تزايدت الهجمات التي استهدفت العاصمة الروسية بالطائرات مسيّرة، والتي كان من أبرزها محاولة استهداف مبنى الكرملين، بالطائرات المُسيّرة.
كتب المعلق السياسي في القناة التلفزيونية المتطرفة "Tzargrad" أندريه بيرلا،على تليغرام، بعد الهجوم الأول الذي استهدف المبنى في موسكو: "ليس هناك أي ضرر عسكري، لكن هناك تأثير نفسي"
وفي العموم، توصف هجمات أوكرانيا بالمُسيّرات بـ"المحدودة" سواء من ناحية عسكرية أو استراتيجية، ولكنها تلعب دورًا في حربها النفسية، مع تعثر الجيش الروسي في مجمل الحرب، وعدم قدرته على تحقيق تقدم فعلي.
ورغم التأثير المحدود لهذه الهجمات، إلّا أن كييف أصبحت أكثر جرأة، وتمكنت من كسر الموقف الدولي المعارض، لاستهداف العمق الروسي.