يتواصل القتال في السودان، مع مرور أكثر من 100 يوم على بداية القتال بين الجيش السوداني والدعم السريع، وسط انهيار كافة الهدن، التي أقرت على مدار الأشهر الماضية وتعثر المفاوضات بشكلٍ متكرر.
ميدانيًا، سمع سكان الخرطوم السكان دوي المدافع والاشتباكات المتقطعة، بشكل أقل من اليومين الماضيين في الحرب التي تخطت أكثر من 100 يوم.
تحولت المفاوضات بين أطراف القتال، إلى أزمة مستمرة، في ظل تواصل القتال على الأرض، وعدم التوصل إلى اتفاقية هدنة
ويزداد الوضع الإنساني تعقيدًا بسبب صعوبة إدخال الإغاثة إلى "المناطق الملتهبة" حسب عمال الإغاثة وارتفاع شكاوى المراكز الصحية في العاصمة الخرطوم ومدن الأبيض والجنينة وزالنجي ونيالا والفاشر من صعوبة الحصول على الأدوية.
ومنذ بداية الحرب وحتى بداية شهر تموز/ يوليو قتل أكثر 1136، مع تقديرات تشير باستمرار إلى العدد يقتصر على مناطق محدودة، ودون توثيق كافة أحداث القتل والعنف، والوصول إلى كافة مناطق القتال، التي أصبح بعضها في عزلة عن السودان.
وتستمر الحرب، وسط الخشية من تجدد الحرب الأهلية في إقليم دارفور، وتوتر بين الجيش وعدد من القوى المسلحة التي اتخذت موقفًا "محايدًا" حتى الآن من مجريات القتال.
أمّا المعلم الأبرز حتى الآن، فهو الفشل في إتمام المفاوضات والتقدم فيها، من خلال التوافق على بداية هدنة، قبل الانتقال إلى ملفات أكثر تعقيدًا.
انتظار المفاوضات
قال عضو في المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) إن "الأمل كبير في توقف الحرب في السودان". وأضاف في حديث إلى "الترا سودان" أن معاناة المواطنين "فاقت حدود الاحتمال" بعد (100) يوم من النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع.
وأضاف عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) في حديثه إلى "الترا سودان" مفضلًا عدم ذكر اسمه إن المفاوضات غير المباشرة في جدة بين الجيش والدعم السريع لم تتوقف، لكن هناك ترتيبات جديدة ستطرأ على العملية بما يخدم مصلحة توقف الحرب .
اقرأ/ي: 100 يوم من الحرب في السودان تسفر عن بطون فارغة من الطعام
وعاد وفد الجيش السوداني من جدة، يوم الأربعاء، نتيجة عدم قدرة التوصل إلى اتفاق هدنة، يتم على أساسه الاستمرار في المفاوضات
من جانبها، قالت السفارة الأمريكية في الخرطوم، اليوم السبت، إن الحرب في السودان "مفجعة ومفزعة"، ودعت الجيش والدعم السريع إلى احترام حماية المدنيين أثناء النزاع المسلح.
جاء بيان السفارة الأمريكية في السودان، في ظل تصاعد المعارك العسكرية في العاصمة الخرطوم مع هدوء نسبي في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور منذ يومين.
ظهور نادر
ومع تعثر المفاوضات بين الجيش السوداني والدعم السريع، خرج قائد مجموعة الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في ظهور نادر، ولأول مرة منذ ثلاثة أشهر، أعلن فيه أن الحل السلمي سيكون سهلًا ولن يستغرق ثلاثة أيام إذا تم عزل قيادة الجيش الحالية، وفق تعبيره.
وشن حميدتي هجومًا على من أسماهم بـ"المتفلتين" في صفوف قواته من ارتكبوا الانتهاكات بحق المدنيين، وقال "إنهم لا يمثلون الدعم السريع".
ووفق مقطع الفيديو المنشور على حساب الدعم السريع في "فيسبوك"، قال دقلو إن أحمد هارون القيادي في نظام البشير الذي فر من السجن أواخر شهر نيسان/أبريل الماضي يترأس اللجنة الأمنية في الأجزاء الشرقية من السودان، وفق زعمه.
تعثر المفاوضات
أوضحت وزارة الخارجية السودانية أسباب تعثر مفاوضات جدة القائمة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بتيسير سعودي أمريكي.
وقالت الوزارة في بيان لها ، إن "الميليشيا المتمردة" لم تحترم الالتزامات التي وقعت عليها في جدة، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع واصلت انتهاكاتها التي وصفتها بـ"الممنهجة" متمثلة في احتلال منازل المواطنين والمرافق العامة وتعطيل الخدمات الأساسية والاستمرار في عمليات السلب والنهب والاعتداء على المصارف والمصانع والأسواق ودور العبادة والمقار الدبلوماسية، وتخريب الطرق والمطارات ونشر الذعر والفوضى في البلاد.
وجددت وزارة الخارجية السودانية في بيانها، تقديرها للجهود التي تبذلها السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في رعاية وتسهيل جولات مباحثات جدة، وثمنت ما نتج عن هذه المباحثات من توقيع إعلان جدة لحماية المدنيين، واتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية.
وأضاف البيان: "كان الغرض من هذين الاتفاقين الحفاظ على حياة المدنيين ووقف تأثيرات الحرب عليهم وتعزيز الإمتثال للقانون الدولي الإنساني واحترام حقوق الإنسان وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين واستعادة الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وغيرها".
واتهمت الخارجية السودانية، قوات الدعم السريع بعدم احترام الالتزامات التي وقعت عليها في جدة، وقالت: إن "تعنت قوات التمرد وعدم انصياعها لتنفيذ التزاماتها الموقعة عليها هو السبب وراء تعثر مباحثات جدة، مما حدا بوفد القوات المسلحة السودانية بالعودة إلى أرض الوطن".
وأكدت الخارجية السودانية، جاهزية الوفد للعودة إلى منبر جدة متى ما تمكن الوسيطان السعودي والأمريكي من تذليل العقبات والمعوقات التي حالت دون مواصلة المباحثات، مشيرةً إلى أن ذلك "رغبة في التوصل لاتفاق عادل يوقف العدائيات ويمهد الطريق لمناقشة قضايا ما بعد الحرب".
من جانبها، قالت القوات المسلحة السودانية، بعد عودة وفدها من مفاوضات جدة، إن الوفد قد عاد إلى السودان "للتشاور"، مع الاستعداد لمواصلة المباحثات متى ما تم استئنافها "بعد تذليل المعوقات".
وترعى السعودية والولايات المتحدة، منذ 6 أيار/ مايو الماضي، مفاوضات غير مباشرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، أدت في الـ 11 من الشهر ذاته إلى أول اتفاق في جدة بين الجانبين لالتزام حماية المدنيين.
أزمة مستمرة
تحولت المفاوضات بين أطراف القتال، إلى أزمة مستمرة، في ظل تواصل القتال على الأرض، وعدم التوصل إلى اتفاقية هدنة، تساهم في تمهيد الطريق أمام المفاوضات الواسعة، التي قدم تساهم في التوصل إلى حل السياسي.
اتهمت الخارجية السودانية، قوات الدعم السريع بعدم احترام الالتزامات التي وقعت عليها في جدة
ولا يلوح في الأفق القريب أي إمكانية، للتوصل إلى اتفاق قادر على إنجاز تهدئة جدية للحرب، توقف القتال المتواصل، وتمهد لحل سياسي، بتره القتال الذي انطلق في منتصف نيسان/ أبريل الماضي.
وفي ظل ذلك، يعاني الشعب السوداني من أوضاع معيشية صعبة، ويواجه 19 مليون شخص خطر انعدام الغذاء في السودان بسبب النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع، في وقت تشكو فيه وكالات الأمم المتحدة من عدم وجود ضمانات أمنية لنقل المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع المسلح.