ماذا يحدث في تونس هذه الأيام؟ موجة ثورية جديدة تستكمل مسار ثورة السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2010 أم يتعلق الأمر بثورة ثانية مكتملة العناصر؟ أم هي ثورة مضادة لـ"ثورة الياسمين"، تقودها أياد خارجية؟ نحن حسب عديد المراقبين، قد نكون، أمام كل هذا وأكثر.
هل ما يحدث في تونس موجة ثورية جديدة تستكمل مسار ثورة 17 ديسمبر 2010 أم يتعلق الأمر بثورة ثانية مكتملة العناصر؟ أم هي ثورة مضادة؟
فإثر مقتل الشاب رضا اليحياوي في محافظة القصرين، وسط غرب تونس، انطلقت تظاهرات شعبية، من مدينته في البداية، ثم توسعت إلى محافظات أخرى ووصلت الاحتجاجات إلى ست عشرة محافظة تونسية. الاحتجاجات ذكّرت منذ الوهلة الأولى بالثورة الحلم لشباب تونس، التي انطلقت ذات شتاء 2010، خاصة لتشابه المطالب الداعية لتوفير الشغل والحد من البطالة والفساد والتمييز ضد الجهات المهمشة في الداخل التونسي.
مات اليحياوي، الذي كان عاطلًا عن العمل وفوجئ بحذف اسمه من قائمة المقبولين في إحدى الوظائف العمومية فتسلق عمودًا كهربائيًا احتجاجًا، لكن صعقه التيار ولقي حتفه، ثم مات سفيان البوسليمي، وهو عنصر أمني، وذلك إثر انقلاب سيارة كانت تقله رفقة عدد من العناصر الأمنية وهم بصدد تفريق متظاهرين في مدينة فريانة بمحافظة القصرين أيضًا، وانتشرت رواية عائلته حول تعرضه للضرب بالحجارة وهو مصاب، ثم توجه بعض الشباب، الذين وصفوا بالمندسين والمخربين، نحو سرقة ونهب بعض الأملاك العمومية والخاصة في بعض المحافظات، كل هذا شتت الصورة في ذهن المواطن التونسي وذهن المتابعين للحراك في كل بلدان العالم.
تدريجيًا، تبين أن الكتلة التي تتحرك في شوارع تونس هجينة وغير متجانسة، هناك من خرج معبرًا بسلمية عن مطالب اجتماعية نبيلة، وهناك من ركز شعاراته على إسقاط الحكومة والأطراف الحاكمة اليوم في تونس، وهناك من اتخذ من الليل ستارًا للعنف والفوضى والسرقة. الصورة عبارة عن جسم متحرك، لا كتلة واحدة، موحدة الأهداف والمواقف.
تبين أن الكتلة التي تتحرك في شوارع تونس هجينة، هناك من خرج معبرًا عن مطالب اجتماعية، وهناك من ركز على إسقاط الحكومة وهناك من همه السرقة
"لا يمكن أن تكون "ثورة ثانية"، يقول البعض، لكن يستدرك آخرون، مذكرين أن انطلاق الثورة منذ خمس سنوات تخللته مشاهد عنف وسلب ونهب أيضًا، كما أن الجسم المحتج لم يكن موحدًا ولا صلبًا، في نظر البعض، ولذلك ترك الفاعلون في الشارع تدريجيًا المشعل لـ"معارضات" بن علي لاستكمال المسار، هل الصورة واحدة إذًا بين 2010 و2016؟
يبدو الجزم في أي اتجاه صعبًا، خاصة وقد برزت للسطح رواية جديدة، كسبت أنصارًا بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع التونسي، وهي التي تروج إلى أياد خارجية تسعى لتخريب الثورة وبلد الثورة، من الداخل هذه المرة، معتمدة المال وساعية لاختراق صفوف المتظاهرين. نشطت أيضًا سيناريوهات الدولة العميقة ومافيا المال والأعمال وغيرها من الفاعلين جهرًا أو سرًا في المشهد العام، والذين تتضارب مصالحهم في تونس اليوم.
دحلان.. مبعوث الإمارات إلى تونس لإشاعة الفوضى؟
تعرّض موقع شبكة "تونس الآن"، وهو موقع مقرب من حركة النهضة المشاركة في الائتلاف الحاكم، يوم الجمعة 22 كانون الثاني/يناير الجاري، إلى وجود القيادي السابق في حركة فتح والمستشار الأمني لحكومة الإمارات محمد دحلان، في تونس منذ أسبوع. وأورد الموقع أن دحلان كانت له لقاءات في العاصمة التونسية للتخطيط لآخر التطورات في البلاد.
وذكرت "شبكة تونس الآن" أن "دحلان أتى إلى تونس عندما تأكد أن أحزابًا قريبة من الإمارات قد هزموا سياسيًا، بغاية تنفيذ خطتها لإزاحة حزب النهضة من المشهد التونسي"، وأضافت: "عندما تأكدوا أن هذه الخطة فشلت، وأن النهضة أصبحت جزءًا رئيسيًا من البناء السياسي التونسي، أتى دحلان ليعلمهم بالخطة الجديدة وهي تدمير هذا البناء السياسي، والقضاء على التجربة التونسية وإشاعة الفوضى وإلحاقها بالدول والثورات الفاشلة".
وأوضحت الشبكة: "أما الجهة الداعمة ماديًا لهذا المخطط، فهي "جمعية المجموعة العربية للتنمية والتمكين الوطني" التابعة للإمارات، والتي يترأسها حاليًا الفلسطيني محمد يحيى شامية، وهو من من أتباع محمد دحلان"، واتهمت "دحلان ونائب قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، بتنظيم حملة ضد الإسلاميين في الإمارات وخارجها".
برزت للسطح رواية تروج إلى أياد خارجية تسعى لتخريب الثورة وبلد الثورة، من الداخل هذه المرة، معتمدة المال وساعية لاختراق صفوف المتظاهرين
وذكّر الموقع التونسي بتقرير نشر في موقع "ميدل إيست آي" في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تعرض لـ"سعي دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إنهاء التحول الديمقراطي في تونس، وإعادة البلاد إلى الحكم الدكتاتوري". ويشير ذات التقرير إلى أن "الإمارات هددت بزعزعة الاستقرار في تونس لأن الباجي قايد السبسي رفض طلبًا من أبوظبي بقمع حركة النهضة الإسلامية في تونس".
والرواية حول التدخل الإماراتي في تونس ليست جديدة، إذ انتشرت عديد التقارير عن التدخل السياسي الإماراتي في وقت سابق من العام الماضي. وصرح الصحفي التونسي سفيان بن فرحات، في آيار/مايو 2015، أن "الإمارات حاولت دفع الرئيس التونسي لتكرار السيناريو المصري" مقابل تعهدها بتقديم الدعم المادي لتونس.
ومما دعّم هذه الرواية، تأكيد بعض سكان المناطق التي عرفت احتجاجات وبعض المسؤولين، توزيع أموال على عدد من الشباب المحتج للحرق والنهب. في هذا السياق، أشار الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري لوكالة تونس أفريقيا للأنباء إلى "وجود أموال توزع على شبان في مناطق الاحتجاجات من أجل التصعيد".
وقوف الإمارات خلف المنحى العنيف لبعض الاحتجاجات الأخيرة في تونس، سيناريو طرحته بعض وسائل الإعلام المقربة من حزب النهضة، في البداية، ولاقى قبولًا في وسائل التواصل الاجتماعي ولكنه أيضًا انتشر لدى ساسة تونس على اختلاف انتماءاتهم. في هذا الإطار، يقول سليم بن حميدان، الوزير السابق زمن الترويكا وأحد أعضاء الهيئة التأسيسية لحزب تونس الإرادة، الحزب الجديد لمنصف المرزوقي، على صفحته الرسمية في فيسبوك: "تذكرني أحداث الاحتجاج الجارية اليوم في تونس بأجواء الاحتجاجات الشبابية التي عصفت بمصر ضد حكم الإخوان.. كانت المطالب ولا تزال صادقة ومشروعة ولكن التوظيف السياسي لها كان خبيثًا جداً إلى أن دقت الساعة الصفر للانقلاب العسكري الصهيوني المشؤوم. كانت المؤامرة الصهيونية، الخليجية، الأطلسية أكبر من الأدمغة الصغيرة لكل الثورجيين!".
ويضيف بن حميدان: "لا تصلح إلا نظرية المؤامرة لتفسير أعمال الحرق والتخريب، إنه الفساد الصغير الذي يشكل الضلع الآخر والسند الأكبر للفساد الكبير، لقد كنا دائمًا وسنبقى مع المقاومة المدنية السلمية حتى ضد الدكتاتورية فما بالك بديمقراطية ناشئة شيدناها بنضالاتنا وصمودنا، لا شرعية إلا للصندوق والخزي والعار لقطاع الطرق".
بدوره تحدث المنصف المرزوقي، رئيس حزب تونس الإرادة، عن دور الإمارات في تونس: "الإمارات العربية المتحدة هي عدوة الثورات العربية وهي تمول كل الانقلابات، وتونس ليست جزيرة معزولة لذلك يجب الانتباه إلى كل الأطراف الخارجية التي تتآمر ضد تونس وقد تؤدي إلى عودة الاستبداد تدريجيًا".
سياسيون يحركون الشارع التونسي.. الجبهة في قفص الاتهام
كيف يمكن لدولة الإمارات تحريك الشارع في تونس عن بعد؟، يتساءل الكثيرون، وكانت الإجابة التي ساندها البعض: "عن طريق الجبهة الشعبية". عرفت الجبهة الشعبية في تونس، تحالف أحزاب يسارية وقومية، بمعارضتها الشديدة لحزب النهضة الإسلامي ورفضها الدخول معه في تحالف حكومي سواء إبان الثورة مباشرة أو خلال مباحثات تكوين حكومة الائتلاف الرباعي الحاكمة اليوم. عرفت أيضًا بعبارتها الشهيرة "قطع الطريق" والتي اعتمدتها خلال فترة الانتخابات الرئاسية السابقة في إحالة إلى سعيها قطع الطريق أمام فوز المرزوقي، حليف النهضة السابق.
اليوم أيضًا يروج عديد المحللين إلى أن الجبهة تحاول "قطع الطريق" أمام حكومة الصيد. يقول الكاتب والمحلل السياسي عادل السمعلي في إحدى مداخلاته بإذاعة محلية خاصة، إن "البرنامج الاقتصادي الذي أعلنه نداء تونس عقب فوزه في الانتخابات نهاية 2014، ارتكز على الوعود الإماراتية بالدعم المادي لكن هذه الأخيرة تراجعت عن تقديم هذا الدعم". وأضاف أن "مشروع الإمارات في تونس اليوم تقوده الجبهة الشعبية وذلك بتصعيد الاحتجاجات الاجتماعية بغية إسقاط الحكومة وتكوين حكومة جديدة تغيب عنها النهضة ويعوضها كل من الجبهة الشعبية وحزب المسار لإعطاء انطباع أنها توافقية".
ولم يقتصر اتهام الجبهة بتصعيد الاحتجاجات والمنحى العنيف الذي أخذته على تصريحات بعض المحللين، فقد بدت قيادات حزب النهضة، خاصة، أكثر وضوحًا من عادتها في التصريح بذلك في مناسبات إعلامية مختلفة، بينما اكتفى رئيس الجمهورية بالتلميح لا أكثر.
أي دور لمحسن مرزوق ومهدي جمعة؟
في الأثناء، يرى جزء من التونسيين أن أطرافًا سياسية تونسية أخرى قد تتدخل في الاحتجاجات، وتطوعها لمصلحتها ومنها الأمين العام السابق لنداء تونس والمنشق عن الحزب محسن مرزوق. وهو الذي أعلن نيته تكوين حزب جديد في شهر آذار/مارس القادم. وفي سياق متصل، يقول على صفحته الرسمية بفيسبوك: "يجب أن نقول بوضوح أن من بين أسباب ما يحصل في تونس الآن، وأسبابه عديدة، الانحراف الأخلاقي والأدائي في ممارسة السلطة سواء كان ذلك في الأحزاب أو في مؤسسات الدولة. لابد من مراجعة شاملة وشجاعة اليوم قبل الغد. وقرارات في مستوى المطلوب".
ويضيف مرزوق: "اليوم لا بد من حشد كل الطاقات المدنية والحزبية والحكومية لمجابهة الوضع بشكل استعجالي. وأخذ قرارات حاسمة قد يكون من بينها تغيير مؤثر في الحكومة على مستوى المسؤولين وعلى مستوى السياسات. المسار الحالي خاطئ. لذلك صار تغييره واجبًا."
من جانب آخر، حذر محمد عبو، أمين عام حزب التيار الديمقراطي، من محاولة البعض الترويج لمهدي جمعة كبديل وحل في هذه المرحلة. وكنا نشرنا في "الترا صوت"، تقريرًا منذ فترة عن تحركات رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة وسعيه لجلب الدعم الداخلي والخارجي أيضًا لبقية مشواره السياسي.
حزب التحرير.. دعوات لإقامة دولة الخلافة
لم تمر الاحتجاجات في تونس دون أن يذكر حزب التحرير بحله "المعروف"، والذي يستغل كل المناسبات للترويج له. وأصدر حزب التحرير بيانًا صحفيًا جاء فيه: "لا تغترّوا بفتات الحلول الترقيعيّة التي تعرض عليكم، فما هي إلا مسكّنات وأُلهيات، واعلموا أنّ الإسلام العظيم بأحكامه الشّرعيّة العادلة المنبثقة من عقيدته الصافية النّقيّة، وحده هو الضامن لإشباع الحاجات الأساسيّة للأفراد والجماعة".
وورد في البيان أيضًا: "وإنّنا ندعوكم ونناديكم أنّه آن أوان الجدّ لنقوم لله قومة نعبده لا نُشرك به شيئًا ولا نُطيع سواه، ولا نتبع إلّا ما ارتضاه لنا، ونخلع الاستعمار الرّأسماليّ الفاسد وعملاءه من بلادنا خلعًا لا يعودون بعده أبدًا، وقد آن لكل ذي بصـر منكم أن يدرك أن الحل الجذري للحالة التي أوصلنا إليها هذا النظام هو بالعمل معنا لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، يستظل بلدنا فيها مع غيره من بلاد المسلمين براية العُقاب".
"تنظيم الدولة".. الإرهاب يتمعش من الفوضى
تزامنًا مع الاحتجاجات الشعبية في تونس، دعت عناصر تابعة لـ"تنظيم الدولة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة على تويتر، لاستغلال الانفلات الأمني في بعض المناطق وحرضت ضد الجيش والأمن التونسيين وكانت عديد الشخصيات السياسية والأمنية قد حذرت خلال الأيام الأخيرة من اندساس إرهابيين وسط المحتجين.
وصرح الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالإعلام سامي الطاهري لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن "المعطيات المتوفرة لديه تؤكد دخول عناصر مشتبه في انتمائها لمجموعات إرهابية وأخرى تمتهن التهريب في الاحتجاجات السلمية المطالبة بالتشغيل والتنمية".
وكان الناطق باسم وزارة الدفاع التونسي بلحسن الوسلاتي قد صرح لوسائل إعلام محلية، أن الجيش "قصف مسالك تنقّل مجموعات إرهابية، إثر رصد تحركاتها في الجبال المتاخمة لمدينة القصرين". وأضاف أن "قوات عسكرية إضافية نُشرت في مواقع مختلفة لمنع أي محاولة للمجموعات الإرهابية لاستغلال الوضع الحالي". ويتداول أن السيارات رباعية الدفع التي تبادلت إطلاق النار مع قوات الأمن والجيش على الحدود التونسية الليبية هي سيارات يستقلها مسلحون وتعتمد للتهريب.
المرزوقي: الحل في مؤتمر وطني للإنقاذ والحكومة لا مستقبل لها
في المقابل، دعا المرزوقي، الرئيس التونسي السابق ورئيس حزب تونس الإرادة، إلى عقد مؤتمر وطني للإنقاذ يشارك فيه جميع الفاعلين في المشهد التونسي، وفي هذا الإطار تطرح كل الفرضيات الممكنة ومنها إمكانية عقد انتخابات تشريعية مبكرة. وقال المرزوقي، في مقابلة على قناة فرانس 24: "صبر هذا الشعب سنة كاملة ومن الواضح أن الحلول التي قدمت كانت مجرد مزايدات، الشعب غير مستعد لوعود زائفة من جديد. وتونس كانت خلال ثلاث سنوات سابقة على السكة الصحيحة ثم أخرجت من السكة والآن تعيش أزمة الثورة المضادة التي فشلت ووجد النظام القديم نفسه في ورطة كبرى".
وأضاف المرزوقي: "السؤال المطروح الآن هل نجد الحلول من خارج المنظومة الديمقراطية أم من داخلها وأخشى إذا لم تجتمع الطبقة السياسية بسرعة، أن يبرز الحل من خارج المنظومة الديمقراطية، نلاحظ النهب والسرقة والسلب ونستشعر خطر الإعداد لعملية انقلابية أو شيء من هذا القبيل".
قيادات تجمعية تدعو إلى حكومة إنقاذ وطني أيضًا
دعا كمال مرجان، رئيس حزب المبادرة الوطنية الدستورية، وآخر وزير خارجية زمن حكم بن علي، منذ يوم الأحد الماضي، إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تضم كل الأطياف السياسية، واعتبر أنها الحل للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد.
ويؤكد مقربون من التجمعيين في تونس، نسبة إلى حزب التجمع المنحل، وجود مساع لجمع شتاتهم ضمن حزب واحد خاصة بعد الانقسام الذي عرفه حزب نداء تونس الحاكم، لكنهم يؤكدون وجود صعوبات أمام فكرة التوحيد، وهي صعوبات رافقتهم طيلة السنوات التي تلت اندلاع الثورة.
الرئيس والحكومة.. دعوات إلى الطمأنة والصبر لا أكثر
ركز الصيد وقائد السبسي في خطابهما على طمأنة الشعب على أمنه وحماية مؤسساته وطمأنة العالم على "المشروع الديمقراطي، واحترام تونس لالتزاماتها"
وجه رئيس البلاد كلمة للشعب عبر مختلف وسائل الإعلام المحلية، يوم أمس الجمعة، وعقد رئيس الحكومة ندوة صحفية، اليوم السبت، لكن يبدو أنهما اتفقا أن لا يقدما أي قرارات ملموسة أو استعجالية، والتي قد تكون مهدئة جزئيًا للاحتجاجات، لكن عدم الالتزام بها فيما بعد قد يؤدي إلى احتجاجات أضخم. وركز الصيد وقائد السبسي على طمأنة الشعب على أمنه وحماية مؤسساته وطمأنة العالم على "المشروع الديمقراطي، واحترام تونس لالتزاماتها وللحريات وحقوق الإنسان"، وهي رسالة موجهة بالأساس إلى الخارج.
في كلمته تحدث الباجي عن ما أسماه "الأيادي الخبيثة التي تستهدف أمن تونس واستقرارها، بدعم من أطراف معلومة، من بينها أحزاب قانونية وأخرى غير مرخصة". لكنه، لم يسمها واكتفى بالتحذير من "استغلال هذه الاحتجاجات من قبل الجماعات الإرهابية" وتعرض لما أسماه "انفلاتًا إعلاميًا زاد الطين بلة".
من جانبه، اعترف الصيد، رئيس الحكومة، أن "ما قاموا به غير كاف لمعالجة مشاكل الشباب". وأضاف: "نحن مطالبون بمزيد الإجراءات لاحتواء الاحتقان، قمنا بما نحن قادرون عليه حسب الإمكانيات وهناك حلول أخرى لكن تنفيذها يحتاج مزيدًا من الصبر".
هكذا، تعددت الصور لاحتجاجات تونس الأخيرة، ارتفعت أصوات التشكيك وظهرت نظريات المؤامرة بشدة، وغابت الحلول الواضحة، لا إجماع بين مختلف الأطراف، علنًا عل الأقل، إلا حول من خرج يصرخ "شغل، حرية، كرامة وطنية"، اليوم وأمس وفي أي وقت ومكان.
اقرأ/ي أيضًا: