مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية 2023، يشتد التنافس بين حزب العدالة والتنمية، وتحالف سياسي لأحزاب المعارضة التركية من خلفيات متنوعة لا يجمع بينها سوى هدف واحد؛ هو خوض الانتخابات لإزاحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن الحكم، والعودة من نظام الحكم الرئاسي إلى نظام الحكم البرلماني.
تحالف المعارضة التركية، هو تحالف نتج مع اقتراب موعد الانتخابات التركية 2023، ويهدف لمواجهة حزب العدالة والتنمية
وتجمع التحليلات على أن الانتخابات التركية 2023، تُعد من الأبرز في تاريخ تركيا الحديث، نظرًا لعدة تحديات تواجه الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، بالإضافة إلى تحالف المعارضة التركية، الذي يجتمع في اصطفاف واسع، ومن مشارب مختلفة على هدف واحد.
كيف تشكل التحالف الأبرز للمعارضة التركية؟
تشكل تحالف "الطاولة السداسية"، وهو تجمع لأحزاب المعارضة التركية في شباط/فبراير 2022 استعدادًا للانتخابات التركية المزدوجة 2023، بعد لقاء جمع قادة تحالف الأمة الذي يضم حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد وحليفهم حزب السعادة مع قادة ثلاثة أحزاب أخرى، هى حزب الديمقراطية والتقدم وحزب المستقبل والحزب الديمقراطي.
تعثر أول اجتماع لقادة أحزاب المعارضة في الاتفاق عن رؤية موحدة، لكنهم في الاجتماع الذي عقد في 23 آب/ أغسطس 2022، تمكنوا من الاتفاق على بيان سياسي يعلن عن سعيهم إلى إنشاء نظام برلماني معزز في البلاد، وفي حينه وأكد البيان الذي خرج من الاجتماع، على قرارهم بالتوافق على مرشح واحد، للانتخابات الرئاسية التركية 2023، مع التأكيد على أن التحالف سيخوض الانتخابات وسيستمر بعدها.
توجهات إيديولوجية مختلفة
ضمت "الطاولة السداسية"، التي تمثل التيار الأبرز في المعارضة التركية، أحزابًا تنتمي لمدارس وتيارات فكرية مختلفة، لذا لم يكن بالسهل أن تصل إلى توافق بينها، فقد مرت اجتماعاتها بالكثير من المشاكل واحتاجت لوقت طويل حتى تصل لاتفاق، وبشكلٍ عام تتبنى أحزاب الطاولة خطابًا "ديمقراطيًا وسطيًا".
أمّا أبرز مكوناتها، هو حزب الشعب الجمهوري، بزعامة كمال كليجدار أوغلو، وهو أكبر وأقدم أحزاب الطاولة السداسية، وهو عمومًا صاحب توجه علماني متشبع بالأفكار الأتاتوركية، الذي أسسه عام 1923 أول رئيس للجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.
كما يضم تحالف المعارضة التركية، حزب الجيد، الذي يصف نفسه بأنه ينتمي إلى التيار الليبرالي الوسطي، وأسسته السياسية والمؤرخة الأكاديمية التركية ميرال أكشنار عام 2017، بعد انشقاقها عن حزب الحركة القومية، الذي يقوده دولت بهجلي حليف الرئيس التركي رجيب طيب أردوغان.
وإلى جانب الأحزاب العلمانية، تضم الطاولة السداسية حزب السعادة، وهو حزب بتوجه إسلامي، بزعامة تمل كرم الله أوغلو، تأسس عام 2001، ويعتبر امتدادًا لحزب الفضيلة الإسلامي الذي أسسه الزعيم التركي نجم الدين أربكان.
ويضم تحالف المعارضة التركية، شخصيات كانت حليفةً لأردوغان سابقًا، وهي حزب الديمقراطية والتقدم، وهو حزب ينتمي إسلامي محافظ، شكله نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، الذي انشق عن حزب العدالة والتنمية عام 2020.
ومكون آخر في المعارضة التركية سبق له الانشقاق عن العدالة والتنمية، وهو حزب المستقبل، وهو حزب إسلامي أيضًا، أعلن عن تأسيسه رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، بعدما انشقاقه عن حزب العدالة والتنمية عام 2019.
ويضف التحالف الحزب الديمقراطي، الذي يقوده غول تكين أويصال، وهو حزب قومي يميني محافظ أسسه الرئيس التركي السابق سليمان ديميريل عام 1983 تحت اسم حزب "الطريق القويم"، ثم غير اسمه لاحقًا ليصبح الحزب الديمقراطي. يشار إلى أن ميرال أكشينار كانت ضمن عضوية حزب الطريق القويم.
برنامج أحزاب الطاولة السداسية
اتفقت أحزاب المعارضة التركية، المعروفة باسم "الطاولة السداسية"، على خارطة طريق ستكون في صلب برنامج عملها بعد فوزها بالانتخابات، وتمحورت نقاط الخارطة حول تعزيز صلاحيات البرلمان وإعادة تفعيل دوره.
وذلك في سعي للتراجع عن تعديلات الرئيس التركي أردوغان على النظام السياسي، حيث كانت تركيا قد انتقلت من نظام الحكم البرلماني إلى نظام الحكم الرئاسي عام 2017.
كما تشير خارطة الطريق للمعارضة التركية إلى إعادة تفعيل منصب رئيس الوزراء، وتحد من دور رئيس الجمهورية الذي سيتم انتخابه مرة كل سبعة أعوام.
وفي الجانب الاقتصادي، وعدت خارطة طريق أحزاب المعارضة التركية، بمكافحة التضخم ومضاعفة الدخل القومي للفرد في فترة تمتد لخمسة أعوام، كما وعدت بتوفير المزيد من فرص العمل.
أما فيما يخص السياسة الخارجية، أشارت خارطة الطريق إلى اعتماد مبدأ "سلام في الوطن، سلام في العالم"، وأنه سيكون "حجر الزاوية في السياسة الخارجية الجديدة".
وفيما يخص موضوع الهجرة واللجوء، فقد أوضحت خارطة الطريق أنها ستراجع اتفاقية إعادة اللاجئين الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في عام 2016، بحيث تكون "المسؤولية المشتركة، ويتم تقاسم الأعباء مع الدول الأوروبية"، وشددت الخارطة على إعادة هيكلة المؤسسات المتعلقة بطالبي اللجوء، خاصة مديرية الهجرة، كما أوضحت الخارطة عزم أحزاب المعارضة التركية بعد فوزهم بالانتخابات على "إبرام اتفاقيات إعادة اللاجئين مع الدول التي تعتبر مصدرًا للهجرة".
كما تعهدت خارطة الطريق للمعارضة التركية بإيقاف منح الجنسية التركية من خلال شراء العقارات أو الودائع المصرفية بالعملة الأجنبية.
كما أشارت خارطة المعارضة التركية إلى عدم السماح للاجئين بالتجمع السكني "غير المنضبط" في الولايات والأحياء التركية، مشددة على ضمان إعادة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة إلى بلدهم في أقرب وقت ممكن، وهو ما أكده مرشح الطاولة كليجدار أوغلو، بأنه ينوي ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وذلك من خلال اتفاقية تطبيع مع نظام الأسد.
خلافات وتحديات
شكلت مسألة التوافق على اختيار مرشح مشترك لأحزاب "الطاولة السداسية"، التي تمثل التحالف الأبرز في المعارضة التركية، لمنافسة الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية، موضع جدل كبير، فبعد اختيار زعيم حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو مرشحًا لها، رفضت زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار اختيار كليجدار أوغلو مرشحًا رئاسيًا في الانتخابات.
وطلبت ميرال أكشينار أن يحل رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش أو رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو محل كليجدار أوغلو في الترشح وأعلنت انسحاب حزبها من الطاولة.
شكلت مسألة التوافق على اختيار مرشح مشترك لأحزاب "الطاولة السداسية"، التي تمثل التحالف الأبرز في المعارضة التركية، لمنافسة الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية، موضع جدل كبير
لكن انسحاب أكشينار لم يدم طويلًا، وعادت إلى تحالف المعارضة التركية الأبرز مرةً أخرى، وشاركت في الاجتماع الذي أعلن فيه بشكلٍ رسمي بأن "الطاولة السداسية" توافقت على أن يكون زعيم الحزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو هو مرشحها للانتخابات الرئاسية.