أدلى أكثر من 77 مليونًا أميركيًا بأصواتهم بشكلٍ مبكر في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وذلك قبل يوم الحسم الانتخابي غدًا الثلاثاء الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر.
وقد أبدى المراقبون تفاجأهم من هذا الرقم الذي فاق التوقعات، قائلين إنه يعكس حدة المنافسة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
وكان مختبر رصد الانتخابات في جامعة فلوريدا أكدّ أن حصيلة التصويت في الاقتراع المبكّر بلغت، أمس الأحد، 77 مليونا و366 ألف صوت، منها 42 مليونًا بالتصويت الحضوري، و35 مليونًا عبر البريد.
واستنتجت صحيفة وول ستريت جورنال من هذا الرقم الكبير أنّ كثيرًا من الأميركيين لم يعودوا ينتظرون حتى يوم الاقتراع، كما اعتبرت الصحيفة الأميركية أنّ مستوى الإقبال الكبير على التصويت في الاقتراع المبكر يقتضي من المراقبين أن يستعملوا "موسم الانتخابات" بدلًا من "يوم الانتخابات"، نظرًا لهذا التحول الملحوظ في حرص الأميركيين على التصويت المبكر، وبالنظر كذلك إلى أنّ "التصويت المبكر هذا العام يضاهي تقريبًا نصف الحصيلة الإجمالية ليوم الانتخابات والتصويت المبكر في عام 2020".
بلغت حصيلة التصويت في الاقتراع المبكّر 77 مليونا و366 ألف صوت، منها 42 مليونًا بالتصويت الحضوري، و35 مليونًا عبر البريد
وعند النظر في تفاصيل رقم المقترعين خلال التصويت المبكر، يتبيّن لنا أنّ ولاية جورجيا، وهي إحدى الولايات السبع المتأرجحة، أدلى فيها 4 ملايين ناخب بأصواتهم حتى الآن، ويمثل هذا الرقم ما يعادل 80% من التصويت الإجمالي بالولاية في 2020، كما سجّلت كارولينا الشمالية، وهي أيضًا ولاية متأرجحة، إدلاء أكثر من 4.2 ملايين أميركي بأصواتهم.
ومن المرجّح، حسب مركز بيو للأبحاث، أن يكون جلّ الذين صوتوا في الاقتراع المبكر هم من المعسكر الديمقراطي، ففي انتخابات عام 2020 جاءت 60 % تقريبًا من الأصوات التي حصدها جو بايدن من فئة المصوتين في الاقتراع المبكر، مقارنةً بنحو 30 % لدونالد ترامب. لكنّ مصادر في الحزب الجمهوري أكّدت أن أعدادًا كبيرًا من مؤيدي ترامب صوّتوا مبكّرًا وفقًا لمعلومات إحصائية توصّلوا بها.
لكن هذه الأرقام الكبيرة للمصوتين في الاقتراع المبكر لا يمكن الاستناد إليها بشكلٍ تام في حسم هوية الفائز بالسباق الرئاسي، والسبب في ذلك مستوى التقارب الشديد بين المرشّحين، خاصةً في الولايات المتأرجحة، حيث تؤكد جل الاستطلاعات أنّ الفارق يتأرجح بين أقل من نقطة ونقطة، وفي أحسن الأحوال نقطتين.
نظام التصويت المبكّر
باستثناء ولايات ميسيسيبي وألاباما ونيوهامبشير تقدم باقي الولايات الأميركية لناخبيها إمكانية التصويت شخصيا في مركز اقتراع قبل يوم الانتخابات. وبالنسبة للفرز تقوم بعض الولايات ببدء الفرز في يوم الانتخابات في حين تنتظر الأخرى حتى إغلاق صناديق الاقتراع لإطلاق صافرة بداية الفرز.
وتقدم بعض الولايات نسخة من التصويت المبكر تُسمى "تصويت بدل الغائب"، حيث يمكن للناخب الحصول على بطاقة اقتراع ناخب متغيب وتقديمها شخصيًا بمركز اقتراع قبل يوم الانتخابات.
وبالنسبة للتصويت عبر البريد، تطلب 14 ولاية أميركية تبريرًا لقبول تصويت الناخبين بالبريد، مثل المرض أو التضارب في جداول عمل الناخبين، بينما 8 ولايات بنظام الانتخابات عبر البريد بالكامل، حيث يتلقى جميع الناخبين المسجلين بطاقة اقتراع بالبريد، سواء كانوا ينوون استخدامها أم لا.
ويثير التصويت عبر البريد الكثير من الجدل، ففي حين شجعه الديمقراطيون أثناء جائحة كورونا وطالبوا بتوسيعه، اعتبر المرشح الجمهوري دونالد ترامب أن التصويت عبر البريد شابته عمليات احتيال، الأمر الذي جعل الناخبين المؤيدين له يعزفون عن خيار التصويت عن بعد.
وكان الديمقراطيون قد تفوقوا في انتخابات عام 2020 على الحزب الجمهوري في المقاطعات التي لجأت إلى التصويت بالبريد.
وعلى الرغم مما يثيره بعض مؤيدي ترامب من شكوك حول مستوى الأمان في التصويت عبر البريد، يؤكد الخبراء الأميركيون أنه آمنٌ جدًا، إذ تعدّ حالات الاحتيال في التصويت بالبريد نادرة للغاية.
وفي هذا السياق يذكر خبير الانتخابات ريك هاسن أنه بين عامي 2000 و2012، كانت هناك أقل من 500 حالة احتيال في التصويت بالبريد، وذلك من ملايين الأصوات التي تمّ الإدلاء بها.
لكن تبقى هناك مخاوف وجيهة من التصويت عبر البريد، من بينها التأخيرات البريدية التي أعرب مسؤولو الانتخابات في جميع أنحاء الولايات المتحدة عن مخاوفهم بشأنها، إذ قد قد تؤدي لوصول بطاقات اقتراع الناخبين المؤهلين إلى موظفي الانتخابات بعد الموعد النهائي لاحتساب أصواتهم.