تشهد الساحات الحقوقية نشاطًا متواصلًا بخصوص توثيق وإدانة جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية، التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، إلى جانب الجرائم السابقة والمستمرة بحقّ الشعب الفلسطيني منذ 75 عامًا متواصلة.
يأتي هذا النشاط مع فشل المجتمع الدولي في وقف الهجوم ضد المدنيين العُزل، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي، الأمر الذي يُساهم في دعم الحرب العدوانية وإدامتها على غزة، بتواطؤ علني من العديد من الحكومات الغربية، بدلًا من معالجة الأسباب الأساسية للعنف المستمر بسبب النظام الاستعماري - الاستيطاني والفصل العنصري.
وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة قد أعلنت في وقت سابق عن وجود أدلة واضحة على احتمال ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
كما قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، في مؤتمر صحافي عقده في الجانب المصري من معبر رفح البري، يوم الأحد 29 تشرين الأول/أكتوبر، إنّ "أي اعتداء على المدنيين والمرافق المحمية في قطاع غزة سيحاكم وفقاً للقانون الدولي"، وأشار إلى أنه لم يستطع الدخول إلى القطاع.
يتعين على المجتمع الدولي، وبخاصة الحكومات الغربية، تفعيل الآليات الدولية المتاحة، وفي مقدمها مجلس الأمن، لوضع حد لسلوك إسرائيل غير القانوني المتمثل في انتهاكاتها المستمرة لقواعد القانون الدولي
كما أكد على أن عرقلة إمدادات الإغاثة لسكان غزة قد تشكل جريمة بموجب اختصاص المحكمة. وأضاف أنه يتعين على إسرائيل أن تبذل "جهوداً ملحوظة" لضمان حصول المدنيين على الغذاء والدواء.
وفي السياق نفسه، قال المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، في "تقييم حالة" بعنوان "الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة: قراءة في موقف القانون الدولي الإنساني" نُشرت في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي: "يتعين على المجتمع الدولي، وبخاصة الحكومات الغربية، تفعيل الآليات الدولية المتاحة، وفي مقدمتها مجلس الأمن، لوضع حد لسلوك إسرائيل غير القانوني المتمثل في انتهاكاتها المستمرة لقواعد القانون الدولي الآمرة، وعدم إرسال معدات عسكرية لقتل الفلسطينيين، وفرض عقوبات عليها، بدلًا من مواصلة تقاعسها الذي يفيض إلى إدامة الاحتلال غير القانوني لفلسطين تحت ستار "الدفاع عن النفس"، ويتعين أيضًا على مدعي عام محكمة الجنايات الدولية التحقيق الجاد في الجرائم الإسرائيلية، وفقًا لنظام روما الأساسي، ولا سيما الاستهداف العشوائي للبنية التحتية ومنازل المدنيين وقتل عائلات بأكملها، ومحاكمة ومحاسبة كل ضالع في ارتكاب هذه الجرائم، أو كل من أمر بارتكابها، أو خطط لها، أو سكت عنها. هذه المطالبات تستند إلى مرجعيات القانون الدولي الإنساني بهدف تثبيت حقوق الشعب الفلسطيني للسعي إلى محاسبة إسرائيل في المحافل الدولية".
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن هناك إجماعًا لفقهاء القانون الدولي وخبراء الأمم المتحدة على أن ما يحدث في قطاع غزة يمثل جريمة "إبادة جماعية"، وينبغي أن يكون نقطة فاصلة من أجل محاسبة إسرائيل.
وأبرز الأورومتوسطي الرأي القانوني الصادر عن 880 أستاذ قانون دولي حول العالم حذروا فيه من ممارسة إسرائيل "جريمة إبادة جماعية" في قطاع غزة، علمًا أن هذا الرأي صدر في 15 تشرين الأول/ أكتوبر، أي بعد أسبوع من بدء الحرب وحصيلة ضحايا وتدمير أقل من 20% من الحصيلة الحالية.
وفي حينه، أكد الرأي القانوني على الأدلة الدامغة بشأن ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية ضد المدنيين في قطاع غزة، بما في ذلك القصف العشوائي والهجمات غير المتناسبة بتدمير الأحياء السكنية، وفرض نهج التجويع والتعطيش وقطع الإمدادات الإنسانية بالكامل عن السكان المدنيين.
ولليوم الثامن والعشرين على التوالي، تواصل إسرائيل عدوانها على غزة، مرتكبة المجازر بحق المدنيين، إذ تخطى عدد الشهداء في غزة الـ9000، جلهم من الأطفال والنساء، إضافة لآلاف المصابين، وسط تشديد مطبق للحصار المستمر منذ 17 عامًا، مانعة المياه والكهرباء والوقود والمساعدات الغذائية والطبية عن القطاع.