10-سبتمبر-2024
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان

اختار بزشكيان العراق كأول وجهة خارجية له منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية (رويترز)

يتوجه الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، يوم الأربعاء، إلى العراق في أول زيارةٍ خارجية له منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وتحظى هذه الزيارة بأهمية خاصةً نظرًا لأنها ستلقي الضوء على طبيعة السياسة الخارجية الجديدة التي يبشّر بها بزشكيان، فضلًا عن أهمية الملفات التي تتضمنها الزيارة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، بل وحتى إقليميًا، فالعراق يقود جهود وساطةٍ بين إيران وأكثر من دولةٍ إقليمية، كما يعدّ العراق بنفسه ساحةً للكثير من الملفات الإقليمية المتقاطعة.

وأظهر الرئيس الإيراني وعيًا بأهمية العراق الاستراتيجية لبلاده بشكلٍ مبكر عندما أكد لنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، آب/أغسطس المنصر أنّ بلاده "تولي أهميةً كبيرة للعراق العظيم".

وتعليقًا على الزيارة "الحدث"، أكّد السفير الإيراني لدى العراق محمد كاظم آل صادق، أنّ خططًا عديدةً "موضوعة لتوقيع الجانبين الإيراني والعراقي عددًا من مذكرات التفاهم خلال زيارة بزشكيان لبغداد" في المجالات الأمنية والاقتصادية، فضلًا عن بحث ملفات إقليمية، أبرزها استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني بالإضافة لبحث الجهود التي يمكن أن يلعبها العراق في تطوير علاقات إيران بمصر والأردن بعدما قطعت العلاقات مع السعودية شوطًا كبيرًا بفضل الوساطة التي أسهم فيها العراق.

سيثير بزشكيان والوفد المرافق له عدة ملفات أمنية، على رأسها نشاط الموساد الإسرائيلي والوجود الأميركي في العراق، ونشاط الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني

الهواجس الأمنية

تطغى الهواجس الأمنية، حسب المتابعين للشأن العراقي الإيراني، على زيارة بازشكيان للعراق الذي يشترك مع إيران في حدود تمتد على مسافة 1458 كيلومترًا.

وتؤكّد طهران، وراء الغرف المغلقة، عن تعاظم نشاط الموساد الإسرائيلي ضدها انطلاقًا من إقليم كردستان، وبالإضافة إلى ذلك تعتقد طهران أنّ "بعض بنود الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الجانبين بخصوص تفكيك تجمعات الجماعات المعارضة الكردية (الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني) بالإقليم لم تنفذ بعد، وأن ضبط الحدود المشتركة يتطلب تعاونًا وثيقا".

ويشار في هذا الصدد إلى ما تداولته بعض وسائل الإعلام الإيراني أمس الإثنين من "إجلاء جماعة كوملة الانفصالية ومقرها بمنطقة زرجويز الحدودية ونقل كافة قواتها إلى منطقة سوراش قرب مدينة دوكان على بعد 40 كيلومترًا شمال المنطقة السابقة، وتسليم أحد عناصر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض إلى طهران خلال الأيام القليلة الماضية".

ومن المتوقع أن يثير الرئيس الإيراني أيضًا مسألة أمنية أخرى مهمة بالنسبة لبلاده هي "قانون الانسحاب  الأميركي من بلاد الرافدين"، إذْ تستهدف إيران إخراج القوات الأميركية من المنطقة في "سياق الثأر لدماء القائد السابق لفيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي قضى في غارة أميركية على طريق مطار بغداد الدولي عام 2020".

وتأكيدًا لهذه الهواجس الأمنية الإيرانية يشار إلى ما نقلته وكالة مهر الإيرانية عن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الايراني، محمد مهدي شهرياري، حيث أكد أن زيارة بزشكيان للعراق "تأتي في سياق تعزيز العلاقات الايرانية مع دول الجوار ودعم النمو الاقتصادي".

مضيفًا أنها تأتي أيضًا "لحل بعض الخلافات والتحديات وإزالة الهواجس" الأمر الذي من شأنه حسب مهدي شهرياري أن "يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين بغداد وطهران أكثر من أي وقتٍ مضى".

الأبعاد الاقتصادية والسياسية للزيارة

سيدفع بزشكيان خلال زيارته للعراق بملف إكمال مشروع الربط السككي بين منطقة شلمجة الإيرانية ومدينة البصرة، على أمل أن يمتد الربط بالموانئ في سوريا.

ومن الوارد جدًّا أن يقدم بزشكيان والوفد المرافق له على نظرائهم العراقيين ملاحظات حول "طريق التنمية" للمساهمة في إنجازه، و"خشية الإيرانيين أن ينعكس سلبًا على شبكة ممراتهم".

وتراهن إيران أيضًا على العراق في ما يخص امتصاص بعض آثار العقوبات المفروضة على اقتصادها، وفي هذا السياق، سيطرح الوفد الإيراني مسألة "تسديد المستحقات الإيرانية من صادرات الكهرباء والغاز إلى العراق"، فضلًا عن سعي الإيرانيين، من خلال الزيارة، إلى رفع الميزان التجاري بين البلدين من 10 إلى 20 مليار دولار.

وبخصوص الملفات الإقليمية، يشار إلى ما قاله السفير الإيراني في العراق محمد كاظم آل صادق، من أنّ بلاده قطعت، بوساطة عراقية، "شوطًا في إعادة العلاقات مع السعودية، ويتم الحديث عن تطوير العلاقات مع بعض دول المنطقة مثل مصر والأردن، وهذه الإمكانية موجودة للتعامل بهذا الموضوع".

وأضاف آل صادق أن "العراق يستطيع أن يلعب دورًا، كما قام بإعادة العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والسعودية سابقًا، ونتأمل لعب هذا الدور لتوطيد هذه العلاقات مع سائر دول المنطقة".