لا تزال مساعي التطبيع التي يقوم بها حكام الإمارات مستمرة، على ما يبدو هي قصة عشق للتطبيع، بأشكال متعددة متجاوزة التنسيق الأمني والاستخباراتي والمناورات العسكرية وتعاون اللوبيات وجماعات الضغط والمصالح في واشنطن وغيرها من عواصم القرار، إلى تطبيع إعلامي والآن رياضي. اقتران الإمارات بإسرائيل بات أمرًا اعتاديًا ومتصاعدًا في العلن!
اقتران الإمارات بإسرائيل بات أمرًا اعتاديًا، وكأنها قصة عشقٍ إماراتي للتطبيع مع إسرائيل على كافة المستويات
الحلقة التي يمكن إضافتها في سلسلة التطبيع الطويلة، كانت محطتها هذه المرة في تحدي سباقات الطرق الوعرة في أبوظبي، في بطولة كأس العالم للراليات الصحراوية المسماة "كروس كانتري"، التي يجري تنظيمها بشكل سنوي منذ عام 1991.
اقرأ/ي أيضًا: تطبيع غسان عبود مجددًا.. سفير إسرائيل ضيف مرتزقة الإمارات
استقبال دافئ وتذليل للعقبات
مسرح الأحداث هو رالي أبوظبي، حيث تلقى الرياضيون الإسرائيليون ما لم يكونوا يحلمون به سابقًا، أي دعوة رسمية من قبل منظمي الحدث الرياضي، وهو أمر كان بعيد المنال بحسب الصحيفة الإسرائيلية المقربة من بينامين نتنياهو يديعوت أحرونوت، لأن الرياضيين الإسرائيليين في السابق كان يتم قبولهم بعد تعرض المنظمين لضغوطات تهددهم بفصل البلد المضيف من عضوية المنظمات الدولية الرياضية، إذا ما تم استثناء الرياضيين الإسرئيلين، الأمر الذي اختلف كلية بعد تلقيهم لدعوة رسمية هذه المرة، تشمل الفريق كاملًا، وهو مكون من خمسة أفراد سائقيْن وثلاثة فنيين.
وقد استقبل الفريق في أبوظبي، استقبالًا وصفته يديعوت أحرونوت بأنه كان "استقبالًا دافئًا". وقد تُرجم هذا الاستقبال الدافئ في الجهود "المخلصة" على ما يبدو، من قبل منظمي الحدث، لتذليل عقبات وقعت أمام الفريق الإسرائيلي نتيجةً لخطأ فني، أدى لتأخر شحن السيارات الخاصة بالفريق، لكن المنظمين الإماراتيين، قاموا بكل ما في وسعهم لحل المشكلة سريعًا، فيما بدا لفتة كرمٍ بدوي، غير أنه ضل الوجهة نحو من يفترض به أن يكون "عدوًا" قبل أن يصبح حليفًا مقربًا!
جدير بالذكر أن التطبيع الرياضي بين الإمارات وإسرائيل ليس بدعة مستحدثة بالمشاركة في رالي أبوظبي، ففي تشرين الأول/أكتوبر 2017، شارك فريق إسرائيل للجودو، في بطولة الجودو الدولية بأبوظبي.
تطبيع مع إسرائيل باستثناء علمها.. بعض التستر!
تعددت أشكال التعاون بين الإمارات وإسرائيل، ولم يعد التطبيع بينهما سبقُا إخباريًا أو ينقصه سوى شكليات رسمية، كرؤية العلم الإسرائيلي مرفوعًا في الإمارات، فحتى في المناورات العسكرية "INIOHOS" التي شاركت فيها الإمارات جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، لم يرفع العلم الإسرائيلي، ولم يظهر حتى في الفيديو الترويجي للمناورات.
الإمارات وحليفتها السعودية، تجاوزتا في فترة قصيرة، كثيرًا من عقبات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وتقترب الأمور إلى لحظة الاتفاق الرسمي العلني، وما دون ذلك فهو تطبيع كامل الأوجه تقريبًا، كانت من أبرز مراحله، مرور أول رحلة جوية إلى إسرائيل عبر المجال الجوي السعودي، لتمنح السعودية قطعة من سمائهما للحليف الدافئ، إسرائيل، لتقليل ساعات رحلاتها، لتوفر عليها وعلى زبائنها المال والوقت!
وعلى كل حال، تبقى إسرائيل المستفيد الأول من سياسات التطبيع، سواءً رفع العلم الإسرائيلي أم لم يرفع، هذه في النهاية "شكليات". ويبقى الخاسر الأول هو الشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة، الذي بات خارج حسابات حكام التطبيع العربي سوى بالإساءة والتنكيل والتشويه.
إسرائيل هي المستفيد الأول من سياسات التطبيع بقيادة الإمارات والسعودية، بينما يظل الخاسر الأول هو الشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة
ويُشار في هذا الصدد إلى ما قاله ستيفن غرينبيرغ رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، الذي كان في زيارة إلى الإمارات الشهر الماضي: "هناك تحول. هذا ليس شيئًا كان يمكن أن يتخيله الناس قبل عشر أو حتى خمس سنوات، كيف يمكن لدولة عربية مسلمة أن تستقبلنا أون تلتقي بنا وتريد منا أن نأتي. لدينا العديد من الدعوات البارزة، وهناك رغبة في الاجتماع معنا".
اقرأ/ي أيضًا: