عاد الهدوء، إلى أحياء العاصمة الليبية طرابلس، بعد اشتباكات واسعة منذ ليلة يوم الإثنين، أسفرت عن مقتل 27 شخصًا وإصابة 106.
وكلف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، رئاسة أركان الجيش ووزارة الداخلية بحكومته التدخل لفضّ الاشتباكات ونشر عناصر أمنية من هيئة الشرطة لضبط الأمن في المناطق التي شهدت اشتباكات، بين اللواء 444 من جهة وقوة الردع الخاصة من جهة ثانية.
أعلن المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة أمس الثلاثاء أنه "تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية طرابلس"
وتواصلت عمليات القتال، بشكلٍ محدود، حتى وقت متأخر من ليلة أمس الأربعاء، رغم دخول اتفاق الهدنة حيز التنفيذ.
وكانت الاشتباكات الأخيرة قد اندلعت على إثر اعتقال قوة الردع الخاصة آمر اللواء 444 محمود حمزة، الذي أفرج عنه أمس الثلاثاء 15 آب/أغسطس ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصيلين المتقاتلين.
اتفاق على وقف إطلاق النار
وأعلن المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة أمس الثلاثاء أنه "تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية طرابلس".
وجاء الاتفاق المشار إليه عقب اجتماع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة مع أعيان منطقة "سوق الجمعة" بطرابلس، حيث نص الاتفاق على وقف إطلاق النار وتسليم قائد اللواء 444 محمود حمزة إلى جهة محايدة.
وفي تصريح لوكالة الأناضول قال المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة إن الدبيبة "اتفق مع أعيان سوق الجمعة على وقف الاشتباكات وتسليم آمر اللواء 444 محمود حمزة إلى جهة أمنية محايدة".
وسبق أن صرحت مصادر متطابقة مقربة من المجلس الرئاسي ومديرية أمن طرابلس لـ"العربي الجديد"، عن تدخل المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، لإقناع قائد جهاز الردع بتسليم العقيد محمود حمزة لجهة محايدة لرأب الصدع الحاصل بين الفصيلين المتقاتلين.
كما أكّد وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة الدبيبة وليد اللافي "تسليم آمر اللواء 444 إلى جهة محايدة"، لم يحددها، فيما أشارت المصادر إلى تسلميه لجهاز الردع والاستقرار في وزارة الداخلية الليبية.
وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها طرابلس مثل هذه الاشتباكات الفصائلية، ففي 28 من أيار/مايو 2023 شهدت العاصمة اشتباكات استمرت لساعات بين جهاز الردع لمكافحة الجريمة والإرهاب واللواء "444" على خلفية اعتقال جهاز الردع أحد القادة التابعين للواء "444".
دعوات لوقف التصعيد
طالب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وقف التصعيد في طرابلس، وفي هذا السياق قال سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه ساباديل، في بيان "إن البعثة تدعم بشكل كامل نداء التخفيف من التصعيد وحماية الأرواح"، مردفًا في بيانه أن "الليبيين لا يريدون رؤية الحرب مرة أخرى"، وحمل البيان الأوروبي الممثلين السياسيين والجهات الأمنية "مسؤولية ضمان عدم استخدام العنف، لتحقيق منافع سياسية أو شخصية".
كما حثّ المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي، "جميع الأطراف على وقف التصعيد، واحترام رغبة الشعب الليبي وتطلعه إلى السلام والاستقرار".
في حين أعربت سفارات فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لدى ليبيا عن "قلقها البالغ" من تجدد الاشتباكات العنيفة في طرابلس، وتأثيرها على السكان المدنيين.
وجاء في بيان السفارة الفرنسية: "نضم صوتنا إلى دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمطالبة بتجنب التصعيد والوقف الفوري للأعمال العدائية".
فيما طالب بيان السفارة الأمريكية ب"التراجع الفوري عن التصعيد، من أجل الحفاظ على المكاسب الليبية الأخيرة نحو الاستقرار والانتخابات".
ماذا وراء الاشتباكات؟
وقال المستشار السياسي السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي عادل عبد الكافي، إن الاشتباكات أظهرت هشاشة الوضع الأمني والعسكري في طرابلس، وما وصفه بـ"ضعف القيادات السياسية" المتمثلة في المجلس الرئاسي أو حكومة الوحدة الوطنية وكل المؤسسات العسكرية التابعة لهم، وفق حديث لـ"التلفزيون العربي".
قال المستشار السياسي السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي عادل عبد الكافي، إن الاشتباكات أظهرت هشاشة الوضع الأمني والعسكري في طرابلس
وأضاف عبد الكافي: "ضعف هذه الجهات تجلى من خلال عدم تمكّنهم من ضبط إيقاع عمل هذه التشكيلات المسلحة"، متابعًا القول، إن المجلس الرئاسي السابق المتمثل بفايز السراج أحدث خللًا أمنيًا وعسكريًا كبيرًا، وذلك نتيجة إعطاء هذا الأخير تكليفات وقرارات مباشرة لتتبعها تشكيلات للمجلس، وقوة أخرى تابعة لوزارة الدفاع.
وأوضح عبد الكافي لـ"العربي" سبب اندلاع الاشتباكات، بين تشكيلات عسكرية تتبع لحكومة واحدة هي الوحدة الوطنية، متحدثًا عن صراع على مناطق النفوذ في ليبيا، وهدف لتوسيع الرقعة الجغرافية لكل جهة عسكرية.