الترا صوت – فريق التحرير
برز في الآونة الأخيرة اسم فاليري بيكريس كمرشحة يمكن أن تتغلّب على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع تنظيمها شهر نيسان/إبريل من العام الجاري، لتصبح حال فوزها أول امرأة تتولى رئاسة فرنسا.
برز في الآونة الأخيرة اسم فاليري بيكريس كمرشحة يمكن أن تتغلّب على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الاننتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع تنظيمها شهر نيسان/إبريل من العام الجاري
وحظيت بيكريس التي تصف نفسها بأنّ "ثلثيها أنجيلا ميركل وثلثها مارغريت تاتشر" بثقة حزب الجمهوريين، حزب "اليمين الوسطي أو اليمين التقليدي" حسب البعض، والذي خرج من السلطة منذ 9 سنوات وتآكلت شعبيته. وجاء ذلك بعد فوزرها في الانتخابات الداخلية للحزب على أسماء كبيرة أبرزها ميشيل بارنييه المفاوض الأوروبي السابق لشؤون "بريكست". وبذلك ضمنت الترشح للانتخابات الرئاسية التي ستواجه فيها أسماءً قوية.
اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات الفرنسية 2022: اليمين يكتسح الاستطلاعات واليسار يرمّم شتاته
وعلقت بيكريس على هذا الفوز أمام حشد من مناصريها الأسبوع الماضي بالقول إنه "للمرة الأولى في تاريخه، سيكون لحزب الجنرال شارل ديغول وجورج بومبيدو وجاك شيراك ونيكولا ساركوزي مرشحة إلى الانتخابات الرئاسية". وفور إعلان ترشحها للانتخابات الرئاسية بدأت حظوظها بالصعود، حيث جعلها استطلاع حديث للرأي في صدارة المرشحين الأوفر حظّا للفوز في الانتخابات بعد خوض جولة ثانية أمام إيمانويل ماكرون، متقدمة بذلك على وجوه اليمين المتطرف وأبرزهم مارين لوبان وإريك زمور.
مسيرة مهنية مغرية ونتائج لافتة في استطلاعات الرأي
تبلغ فاليري بيكريس من العمر 54 عامًا وتنحدر من أسرة برجوازية كاثوليكية تقطن، كما يلمز بذلك خصومها، أكثر ضواحي العاصمة باريس الغربية ازدهارًا، لكنها في مجابهة تلك الدعاية تُبرز جذورها الكورسيكية والجنوبية وتُشدد في خرجاتها على أنها أدارت أصعب الأحياء في فرنسا، ومردّ هذا التركيز المبالغ فيه نوعًا ما على الأصول في الدعاية السياسية الفرنسية أن الناخبين الفرنسيين يُفضلون المرشحين القادمين من المقاطعات.
تخرّجت بيكريس من المدرسة العليا للتجارة والمدرسة الوطنية للإدارة، وهي تتحدث إلى جانب اللغة الفرنسية اللغات الروسية واليابانية والإنجليزية، وتولّت رئاسة منطقة إيل دو فرانس، كما عملت ضمن فريق الرئيس السابق جاك شيراك. لكن نجمها لمع في عالم السياسة الفرنسية بعد انضمامها لفريق الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي كوزيرة للتعليم العالي ثم وزيرة للميزانية، حيث ساهمت في "إخماد انتفاضة طلابية بسبب إصلاحاتها الجامعية". وبنفس هذا المزيج من سياسات "بناء الإجماع والعزيمة الإصلاحية تعتقد فاليري أنها ستصل إلى رئاسة فرنسا" حسب وكالة رويترز التي أجرت معها أحدث مقابلة إعلامية.
وتحدثت بيكريس خلال المقابلة عن أبرز المشاكل التي تواجه فرنسا والتي يأتي في مقدمتها حسب وصفها "ضعف السيطرة على الحدود الوطنية، وغيتو المدينة العنيفة، وتزايد الديون"، حيث اعتبرت أن فرنسا "تحتاج لاستعادة النظام في شوارعها وفي حساباتها القومية."
وبالرغم من كونها شخصية محافظة تقليدية، فثمة مخاطر أن تنزلق نحو خطاب أكثر تشددًا إزاء المهاجرين والمسلمين، في ظل حملة انتخابية يغلب عليها حتى الآن خطاب اليمين المتطرف. فقد سبق لبيكريس أن انسحبت مؤقتًا من حزبها المحافظ 2019، قبل أن تعود من جديد، بخطاب يغازل جماهير اليمين المتطرف حول قضايا الهوية والهجرة الذي جعل الشارع الفرنسي مستقطبًا إلى حد بعيد.
حيث قالت بيكريس إنها "ستُنهي الحق التلقائي في الحصول على الجنسية الفرنسية للأشخاص المولودين في فرنسا"، كما تعهّدت بـ"تشديد الأحكام القضائية في الأماكن التي يتعرض فيها عناصر الشرطة غالبًا للخطر". كما اقترحت مضاعفة العقوبات على الجرائم الخطيرة في تلك المناطق وهي دعوة كانت محل انتقاد كبير بالنسبة إلى شخصية درّست القانون وكانت عضوًا في مجلس الدولة، فقد كان يجب على بيكريس حسب منتقديها "إدراك أن هذا التمييز غير دستوري".
وتوقعت صحيفة"فايننشال تايمز" أن تُخلّف مواقف بيكريس المتشددة حيال القانون والنظام والتزامها الإصلاح الاقتصادي وأرثوذكسيتها المالية أصداء جيدة بين اليمين الفرنسي عمومًا". حيث تتهم الرئيس الفرنسي ماكرون بـ"اقتحام خزائن" دافعي الضرائب خلال "كورونا"، متعهدةً بإلغاء 200 ألف وظيفة إدارية من جهاز الخدمة المدنية المتضخم، وهو التزام كان ماكرون قد قطعه على نفسه في حملته الانتخابية لكنه فشل في إنجازه. وعلّقت بيكريس على ذلك الإخفاق بالقول "لدى إيمانويل ماكرون هوس واحد هو الإرضاء، أما أنا فَهَوَسي هو الفعل". مشيرة إلى ما وصفته بعجز ماكرون عن "إطلاق الإصلاحات الصعبة التي تحتاجها فرنسا".
وأشارت رويترز في المقابلة التي أجرتها مع بيكريس أنها تضع على طاولة مكتبها صورة لصمويل باتي، المعلم الذي قَطع رأسه مراهق فرنسي شيشاني المولد في إحدى ضواحي باريس عام 2020 على خلفية استخدامه رسومًا كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد في درس عن حرية التعبير، وعلّقت بيكريس على الصورة بأنها ستظل مرافقة لها.
هذه المواقف جعلت من مرشحة حزب الجمهوريين فاليري بيكريس رقمًا صعبًا في الانتخابات الفرنسية المقبلة، حيث توقع استطلاع شركة "إيلاب" أن تهزم في الجولة الأولى مرشحيْ اليمين المتطرف مارين لوبان وإريك زيمور بحصد 20% من الأصوات، فيما يرجّح ذات الاستطلاع أن تهزم الرئيس إيمانويل ماكرون في الجولة الثانية بـ52% مقابل 48% من الأصوات.
تقييمات
تباينت تقييمات الساسة والصحفيين الفرنسيين لأداء فاليري بيكريس، فمرشّحة حزب الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبان قالت إنها "تشعر بالأسف تجاه ناخبي حزب الجمهوريين، لأن فاليري بيكريس ربما تكون الأكثر ماكرونية بين مرشحي الحزب"، كما يشكك البعض في تجربتها، ويتخوف أخرون من نزعاتها المائلة إلى اليمين المتطرف. لكن في المقابل يرى العديد من المتابعين والأنصار أن بيكريس "تتسم بالجدية والحزم والحسم"، فساركوزي الذي عملت وزيرة في عهدته أشاد بمجهودها لكنه أضاف أنه يتمنى لو كانت "أكثر مرحًا بقليل". أما حليفها المقرّب روجر كاروتشي، عضو مجلس الشيوخ فقال عنها "إنها شخصية تبعث على الاطمئنان بسبب خبرتها في إدارة منطقة باريس التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة"، متابعا القول: "لا يكفي أن تكوني امرأة، بل يجب أن تكوني سيدة دولة، وهي عملت وزيرة ونائبة ورئيسة إقليمية، ولديها سجل حافل في قضايا مثل العلمانية والأمن، إنها مشاكسة للغاية وعندما يكون لديها هدف فإنها تمضي من أجله".
أشارت رويترز في المقابلة التي أجرتها مع بيكريس أنها تضع على طاولة مكتبها صورة لصمويل باتي، المعلم الذي قَطع رأسه مراهق فرنسي شيشاني المولد في إحدى ضواحي باريس
بدوره قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيس فينسان مارتينيي إن بيكريس "مصممة للغاية، مندفعة للغاية، تعمل بجد، حصلت على الكثير من الخبرة الوزارية وكانت ترأس أهم منطقة في فرنسا".
اقرأ/ي أيضًا:
"هل الفاشيَّة ستمرُّ؟".. انقسام اليسار الفرنسي ودعوات للتوحد قبل الرئاسيات