اضطرت الرئاسة الجزائرية للاقتصاص من حاكم محلي أهان الأسرة الثورية، حيث صدر قرار رئاسي بإجراء حركة جزئية في سلك الولاة، وإقالة والي ولاية/محافظة سكيكدة، عبد الحكيم شاطر، الذي أهان، خلال زيارة تفقدية لعدة بلديات، أحد المجاهدين (قدماء المحاربين في الجزائر خلال ثورة التحرير ضد المستعمر الفرنسي) في ردة فعل غير متوقعة، ومثيرة وغير محسوبة العواقب، وهي الإهانة التي تناقلتها وسائل الإعلام الجزائرية وفضاء التواصل الاجتماعي، لتجعل من موضوع قدماء المحاربين خطًا أحمرًا مجددًا.
بعد أربع وخمسين سنة من الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، لا يزال الشهداء وقدماء المحاربين أكثر الرموز احترامًا من قبل المجتمع الجزائري
القصة أو الفضيحة التي أطاحت بوالي سكيكدة، 520 كيلومترًا شرقي العاصمة الجزائرية، جاءت على خلفية عبارات "مندفعة" و"استعلاء غير مقبول" من الوالي، عندما قام بزيارة عمل إلى عديد الأحياء بعديد البلديات في الولاية، والتقى بالمجاهدين (قدماء المحاربين الجزائريين خلال الثورة التحريرية 1954- 1962) ومن بينهم "عمي علي" الذي وجه كلمات للوالي قائلًا: "سيدي الوالي قدمنا الكثير لهذا البلد ولكن لم نستفد من شيء"، ليرد عليه الوالي بكلمات "قاسية" وبعبارات وإماءات وجه وبإشارات بيده موجهة لـ(عمي علي) وكأنها صفعة من مسؤول ولايته، قائلًا له: "الاستقلال جلبه الشهداء وليس أنتم، فاحمد الله أنك على قيد الحياة وتلمس الأرض برجليك".
اقرأ/ي أيضًا: "رحمة ربي" الجزائري..جدل وتصعيد متواصل
"عمي علي" لم يجد ما يقوله للوالي سوى التوضيح: "لم نستفد شيء في حينا"، وهو ما يعني أن هذا المجاهد كان يشتكي للمسؤول عن النقائص الموجودة في حيه ولأبناء حيه، وليس يطلب شيءًا شخصيًا.
العبارات، بحسب تصريحات عديد المواطنين لـ" ألترا صوت"، كانت قاسية ومحزنة وخصوصًا لرجل كبير في السن، وقدم لبلده تضحيات جسامًا، خلال الحرب التحريرية، كما أن هذه التصريحات هزت الشارع الجزائري وأثارت حفيظة المجاهدين واستهجان الجزائريين بشكل عام. التصريحات أحدثت ضجة وجدلًا داخل المؤسسات السياسية وتداولها الناشطون ورواد شبكات التواصل الاجتماعي، فيما طالب الآلاف بتدخل رئيس الجمهورية لإقالة هذا المسؤول وضمان عدم تكرار مثل هذه السلوكات والتصرفات المشينة.
الحادثة، أثارت جدلًا كبيرًا في أوساط قدماء المحاربين وأبناء الشهداء على حد سواء، فيما لامست مشاعر الجزائريين خصوصًا وأن الوالي تعامل بـ"استعلاء" كبير وبعبارات أساءت إلى الآلاف من المجاهدين في الجزائر وأبنائهم وحتى لأبناء الشهداء.
اقرأ/ي أيضًا: "اغتيال بطيء" للصحفي الجزائري محمد تامالت!
يذكر أنه قبل أسبوع واحد، أقال الرئيس الجزائري، أيضًا، والي ولاية بجاية بسبب إهانته للمواطنين. وبالعودة للوراء، وقبل 16 عامًا، عاقبت السلطات الجزائرية حاكمًا محليًا بالحبس ثلاثة أشهر، بعدما أمر بكتابة أسماء على حاويات النفايات كبيرة الحجم، كانت كل حاوية مخصصة لشارع من الشوارع وتحمل أسماء الشوارع، وكان كل شارع يحمل اسم شهيد من شهداء الثورة التحريرية، وهو ما أثار حينها منظمات الأسرة الثورية الجزائرية، حيث اعتبرت السلطات الجزائرية آنذاك أنها إهانة لرموز التاريخ والثورة الجزائرية.
وجدير بالذكر أنه وبعد أربع وخمسين سنة من الثورة التحريرية من الاستعمار الفرنسي (1830- 1962) لا يزال الشهداء وقدماء المحاربين أكثر الرموز احترامًا من قبل المجتمع والمؤسسات السياسية والمدنية في الجزائر.
اقرأ/ي أيضًا: