تدور التحليلات العسكرية الإسرائيلية، حول أن العدوان على قطاع غزة، يحتاج إلى وقت طويل، بينما تشكك في شعار نتنياهو "النصر المطلق على حماس"، الذي يواصل تكراره بشكلٍ دوري. كما لا ترجح هذه التحليلات أن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، ستكون قريبة.
ويشير المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، إلى أن "إسرائيل تحقق مجموعة من النجاحات التكتيكية في قطاع غزة وجنوب لبنان". ومع ذلك، يقول: "تظل المشكلة الرئيسية كما كانت: الافتقار إلى النجاح، وحتى عدم وجود محاولة لترجمة الإنجازات التكتيكية العديدة إلى نتائج استراتيجية".
قال المعلق العسكري لـ"هآرتس": التهديدات المتكررة باجتياح رفح تضغط على الولايات المتحدة والدول العربية، ولكن في هذه اللحظة يبدو أنها بعيدة عن التنفيذ
واعتبر هارئيل، أن حديث نتنياهو عن "النصر المطلق على حماس"، لا يعد "هدفًا استراتيجيًا، بل بيان سياسي"، مشيرًا إلى أن الجيش لم يلتزم علنًا بالهدف، وأنه عرض "على الحكومة، خطة خصصت نحو عام للمرحلة الأساسية من الحملة ضد حماس، إلى درجة تدهور قدراتها العسكرية بشكل كبير". ولفت هارئيل النظر إلى تصريح رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، الذي قال: "لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه"، إذ يعترف الجيش بأن مواجهة التحدي ستتطلب فترة طويلة من الوقت، بحسب ما ورد في "هآرتس".
وأوضح هارئيل: "نتنياهو له اعتبارات مختلفة، وهي تستهدف في المقام الأول الساحة الداخلية، لإعادة توحيد قاعدته السياسية حول جهوده من أجل البقاء السياسي". ونقل عن مصدر سياسي قوله الساخر عن نتنياهو: "هذا شعار [أي النصر المطلق على حماس] قد تتمكن من بيع الأثاث به، ردًا على الوعود المتكررة من نتنياهو -الذي كان في السابق رئيسًا للتسويق في شركة أثاث- بالنصر الشامل الذي يفترض أنه في متناول اليد". مضيفًا: "يُصرّ نتنياهو على أن حماس قريبة من نقطة الانهيار... ومن الناحية العملية، هذا ليس سيناريو مقنعًا أيضًا"، وفق قوله.
وأشار إلى أن "العملية في رفح، سوف تحتاج إلى عدة أسابيع قبل بدايتها، حال حصلت. لأن ذلك يتطلب استعدادات طويلة إلى جانب إخلاء السكان الفلسطينيين الذي يستغرق وقتًا طويلًا"، وفق تعبيره.
وأكد هارئيل على أن "الضغط العسكري يشكل عاملًا مهمًا، ولكن من المشكوك فيه أن يتم تركع حماس على ركبتيها في هذا الوقت، خاصة وأن الوقت ليس في صالح إسرائيل، ولكنه يعمل ضدها. يموت الرهائن أسبوعيًا في الأسر، وعدد الأشخاص الذين لا يزال من الممكن إنقاذهم آخذ في التناقص".
مراسل العربي أحمد جرادات: الخلافات وصلت إلى أشدها بين أعضاء مجلس الحرب ونتنياهو بسبب تعامله الفردي مع ملف الأسرى والمحتجزين
@JaradatAhmad1 pic.twitter.com/af71txV6tV— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 17, 2024
وبما يخص قضية صفقة التبادل، قال هارئيل: "لقد كان التصرف هذا الأسبوع فيما يتعلق بالمفاوضات من أجل عودة الرهائن مشينًا. بعد إرسال رؤساء الأجهزة الأمنية إلى قمة باريس، نأى رئيس الوزراء بنفسه عن الخطة التي تم التوصل إليها مع الولايات المتحدة وقطر ومصر، وأطلق حملة إعلامية تهدف إلى إقناع الجمهور بأن التنازلات، التي ستتطلبها الصفقة غير مقبولة". مضيفًا: "الشك هنا هو أن نتنياهو لا يسعى إلى التوصل إلى صفقة في المستقبل القريب"، مشيرًا إلى أن نتنياهو تنصل من مفاوضات القاهرة الأخيرة، خشية من "شركاء اليمين في الائتلاف".
وتابع هارئيل، بالقول: "نظرًا لوضع الحرب في قطاع غزة، وقبل أقل من شهر من بداية شهر رمضان، من الصعب قبول ادعاءات نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت بأن سلسلة الإنجازات ستؤدي إلى هزيمة حماس، ربما قريبًا جدًا. ونحن نعلم أن نتنياهو يرفض بشدة كل جهد للتحرك السياسي. وهو يتجاهل توصيات جميع القادة الأمنيين (التي يدعمها غالانت أيضًا) للإسراع بترتيبات اليوم التالي، على الأقل في شمال قطاع غزة، حيث قام الجيش الإسرائيلي بتفكيك كتائب حماس وقلص من فعالية المقاومة الفلسطينية".
اعتبر هارئيل، أن حديث نتنياهو عن "النصر المطلق على حماس"، لا يعد "هدفًا استراتيجيًا، بل بيان سياسي"
وأضاف معلق "هآرتس" العسكري: "التهديدات المتكررة باجتياح رفح تضغط على الولايات المتحدة والدول العربية، ولكن في هذه اللحظة يبدو أنها بعيدة عن التنفيذ. في ذروة الحرب، عملت خمس فرق في غزة. ويمثل الوضع القتالي الحالي ربع ذلك –سبعة ألوية– مع إطلاق سراح جميع وحدات الاحتياط تقريبًا، وتستعد الوحدات النظامية لتحل محل جنود الاحتياط على الحدود اللبنانية. وهذا ليس نظام معركة يعد بانتصار سريع في غزة. وليس من المستغرب أن يتحول اهتمام الإسرائيليين إلى البحث عن إنجازات ذات طابع رمزي إلى حد كبير، مثل إنقاذ الأسرى الأفراد أو تصفية السنوار".
وفي سياق آخر، قال هارئيل: "قد يؤثر اقتراب شهر رمضان أيضًا على الوضع في القدس والضفة الغربية". مضيفًا: "لقد نجحت إسرائيل، إلى جانب جهود السلطة الفلسطينية ضد حماس، في منع اندلاع انتفاضة ثالثة واسعة النطاق حتى الآن. ومع ذلك، في كل اجتماع أمني، حذر رئيس الشاباك، رونين بار، ورئيس الأركان هاليفي من انفجار وشيك في الضفة الغربية".