في سياق حالة التدهور والعنف المستمر التي ما يزال يرزح العراق تحتها بشكل عام منذ الغزو الأمريكي الذي بدأ في 20 آذار/مارس 2003، وما تبعه من تفكك للدولة والمجتمع على مختلف الأصعدة، نقدم لكم في السطور التالية ترجمة بتصرف لمقال يُذكّر ببعض الحقائق هامّة عن الحرب الأمريكية ضد العراق التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن.
1. كذبت جميع المنصات الإعلامية حتى تلك التي تتمتع بالمصداقية، بما فيها صحيفة نيويورك تايمز، على الجمهور بشأن امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل المفترضة، وهو ما ساعد على الدفع بدفة الرأي العام نحو تأييد الحرب. وليست تلك هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، ولن تكون الأخيرة أيضًا. فتأهبوا لأن تُعرض عليكم كذبة أخرى.
كذبت كافة المنصات الإعلامية الأمريكية بما فيها ذات المصداقية، بشأن مزاعم امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل
2. خلّفت الحرب أكثر من 199 ألفًا و734 قتيلًا مدنيًا، ولا يزال العدد في ارتفاع، بحسب مشروع حصر القتلى بالعراق (آي بي سي).
اقرأ/ي أيضًا: ماذا قال المحقق الأمريكي الذي استجوب صدام حسين؟
وفي الأعوام الثلاثة الأولى للصراع، شُرِّد 4.7 مليون عراقي من منازلهم. ولم يتوقف العدد عند هذا الحد، فقد تشردت ملايين أخرى من العراقيين في الأعوام التي أعقبت هذه الفترة. كما خلّفت الحرب وراءها أربعة آلاف و424 قتيلًا في صفوف الجنود الأمريكيين، بالإضافة إلى الجرحى الذين بلغ عددهم 31 ألفًا و952، حسب إحصاء وزارة الدفاع الأمريكية. للوهلة الأولى تبدو هذه مجرد أرقام، لكن مع نظرة ثانية يتبين حجم فداحة الحرب التي لم يكن لها داعٍ.
3. بحلول عام 2013، وصلت كلفة حرب العراق على دافعي الضرائب الأمريكيين حوالي تريليوني دولار أمريكي، حسبما نقلت وكالة رويترز للأنباء. ومن المؤكد أن هذا الرقم في زيادةٍ، لأن الحرب استمرت بعد ذلك.
في الوقت نفسه، اقتطعت حكومة الولايات المتحدة مليارات الدولارات من برامج الرعاية الصحية، وأغلقت مدارس ومكتبات وعيادات صحة نفسية، بل واستقطعت من مخصصات برنامج توصيل الوجبات للمسنين بزعم عدم امتلاكها المال الكافي لذلك.
4. كانت للحرب آثار كبيرة على البيئة، إذ إن استخدام اليورانيوم المنضب رفع من معدلات الإصابة بالسرطان وتشوهات المواليد. كما صارت شوارع العراق عبارة عن مجارير مفتوحة، ما تسبب في انتشار الأمراض، وذلك من جراء تدمير البنية التحتية للعراق، فضلًا عن أنّ المياه في كثير من مناطق العراق لم تعد صالحة للشرب، ناهيك عن الانبعاثات الهائلة للغازات الدفيئة بسبب الحرب.
5. تعامل الغزاة الأمريكيون مع الشعب العراقي بنفس الوحشية التي يتعامل بها أي دكتاتور، إن لم يكن أسوأ. وتعد حالات التعذيب التي شهدها سجن أبوغريب من أبرز الأمثلة على هذه الوحشية. وكانت المنازل تُقتحم وتُنهب في منتصف الليل، وكان أبناء العائلات يُختطفون ويُؤخذون إلى أماكن غير معلومة، كما كانت سيارات الهمفي تدهس المشاة وتقتلهم كما لو كانت حياتهم لا تعني شيئًا.
تعامل الغزاة الأمريكيون مع الشعب العراقي بوحشية ربما تفوق وحشية أي ديكتاتور، وتشهد على ذلك حالات التعذيب في سجن أبوغريب
6. صحيح أن صدام حسين كان ديكتاتورًا يحكم بالحديد والنار، لكن يجب أن لا ننسى أنه استطاع بناء سلطته السياسية والاقتصادية والعسكرية في الثمانينات بدعم من الولايات المتحدة.
اقرأ/ي أيضًا: ليس الوحيد.. ترامب يرغب في سرقة نفط الشرق الأوسط
فالسياسة الخارجية الأمريكية لا تفرق في الواقع بين الديكتاتوريات وبين الديمقراطيات، فالتمييز الأساسي الذي تضعه نصب أعينها هو بين "الأصدقاء" و"الأعداء". لذا فإن بعضًا من أكثر الحكومات دكتاتورية حول العالم، مثل السعودية، هي في خانة "الأصدقاء"، بل ويتلقون بانتظام دعمًا أساسيًا على المستوى الاقتصادي والعسكري.
في أثناء ذلك، تُوصف بعض الحكومات المُنتخبة ديمقراطيًا بـ"الأعداء"، مثل حكومة مانويل زيلايا في هندوراس، التي أُطيح بها في انقلاب عسكري عام 2009 بدعم من وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، هيلاري كلينتون.
وثمة العديد من الأمثلة، ولكن في ظل تاريخ وحاضر السياسة الخارجية الأمريكية، لماذا ينبغي على أي شخص تصديق ممثلي حكومة الولايات المتحدة أو جيشها عندما يقولون إنهم يحاربون الحكام الديكتاتوريين وينشرون الديمقراطية؟! فالحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في الوقت الحالي داخل العراق هي حكومة ثيوقراطية طائفية.
7. لم تُنجز أي من الأهداف الاستراتيجية لحرب العراق، بل إن النتائج الرئيسية للحرب كانت كما يلي: تقوية شوكة إيران في المنطقة، وإثارة الفتن الطائفية التي لم تكن موجودة فعليًا قبل الحرب، وتتويج جهودها في نهاية المطاف بميلاد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، واستمرار إقحام الولايات المتحدة في حرب لا نهاية لها، في المقابل استطاعت الصين أن تبني قوتها الاقتصادية حول العالم، ما يعني أن حتى الأهداف الإمبريالية للولايات المتحدة فشلت حربها على العراق في تحقيقها!
8. لا يمكنك أبدًا أن تجلب الديمقراطية والحرية إلى أي بلد عن طريق غزوها واحتلالها. لم يحدث هذا أبدًا في التاريخ، وبكل تأكيد لم يحدث في العراق.
لا يُمكن أن يُؤتى بالديمقراطية والحرية عن طريق الغزو والاحتلال، فلم يحدث ذلك في التاريخ أبدًا وبالتأكيد لم يحدث في العراق
9. إن المغزى من دراسة التاريخ هو جعل العالم مكانًا أفضل، وإن لم يكن هذا هو الهدف، فسيكون التعلم من الماضي خطوة لا فائدة منها. نحتاج أن نتذكر ما تريدنا السلطات القائمة أن ننساه، كي لا ننخدع مرة أخرى.
اقرأ/ي أيضًا: