25-يوليو-2024
سفينة حربية تركية في مقديشو

(GETTY) تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها في القرن الإفريقي وسواحله

كشفت تركيا، الأسبوع الماضي، عن خططٍ طموحة للتنقيب عن النفط والغاز في 3 مناطق قبالة السواحل الصومالية. وتزامن هذا الإعلان مع تعبير أنقرة عن استعدادها لإرسال دعمٍ من قوات البحرية التركية إلى المياه الصومالية، لمدة عامين على الأقل، لدعم ما أسمتها: الأنشطة الرامية إلى ضمان أمن الصومال ضد الإرهاب والتهديدات الأخرى.

ويعكس التوجه التركي نحو منطقة القرن الإفريقي اهتمامًا تركيًا متزايدًا بالموارد الطبيعية والاستراتيجية في المنطقة، كما يعكس رغبةً تركيةً واضحةً لتعزيز وجودها ونفوذها هناك من خلال الشراكات الاقتصادية والعسكرية مع دول القرن الإفريقي.

وكان وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، ووزير النفط والثروة المعدنية الصومالي عبد الرزاق عمر محمد، قد وقّعا في إسطنبول اتفاقيةً بين أنقرة ومقديشو بشأن التنقيب عن الهيدروكربون وإنتاجه.

يعكس التوجه التركي نحو منطقة القرن الإفريقي رغبة أنقرة في تعزيز وجودها ونفوذها في المنطقة

وعلى هامش فعاليات التوقيع، أوضح وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن سفينة الأبحاث "الريّس عروج" التركية ستتوجه إلى الصومال برفقة سفن الدعم في نهاية أيلول/سبتمبر المقبل لبدء التنقيب.

ومن المتوقع أن تستغرق عمليات التنقيب عن النفط في الصومال ما بين 3 إلى 5 سنوات، وفق ما ذكرت وكالة "الأناضول".

وستقوم تركيا بالتنقيب عن النفط والغاز في 3 مناطق قبالة السواحل الصومالية، وبهذا تكون واحدةً من الدول التي تمتلك أهم أساطيل سفن التنقيب في أعماق البحار، حيث أكد بيرقدار أن بلاده: "لا تُجري التنقيب في مياهها الإقليمية فحسب، بل ستجري عمليات تنقيب في سواحل دول عدة، وأن الاتفاقية المبرمة مع الصومال دليل على ذلك".

يشار إلى أن تركيا افتتحت في عام 2017 أكبر قاعدةٍ عسكرية لها خارج أراضيها في مقديشو. وتفكر، حسب مصادر غربية، في فتح قاعدة ثانية في منطقة أغاديس شمال البلاد، وهي منطقة ذاتُ موقعٍ جغرافي استراتيجي، حيث تقع على تماس، مع تشاد وليبيا والجزائر، كما يعد إقليم أغاديس مركزًا لمناجم اليورانيوم.

فوائد اقتصادية كبيرة

يُجمع المحللون الاقتصاديون في تركيا على أنّ اتفاقية التنقيب عن النفط والغاز الموقعة مع الصومال ستمنح تركيا فرصةً عظيمةً: "لتعزيز وجودها في سوق البحر الأحمر والقرن الأفريقي"، وما يترتب عن ذلك من فوائد وعوائد اقتصادية.

وتشير التقديرات الأولية أن تكاليف مشروعات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في الصومال لن تتجاوز نصف مليار دولار، مع العلم أن احتياطات الصومال من الطاقة لا تقل، حسب تقديرات أميركية، عن 30 مليار برميل من النفط والغاز.

هذا وتشمل الأهداف التركية، إلى جانب المصالح الاقتصادية، أهدافًا عسكرية بينها تعزيز النفوذ العسكري في القرن الإفريقي وسواحله بما يمنحها أوراق قوة إضافية على حساب منافسيها الإقليميين والدوليين وشركائها أيضًا، لا سيما في حلف شمال الأطلسي، وتحديدًا الولايات المتحدة الأميركية التي بدأت تغادر بعض دول الساحل الإفريقي، وقد تغادر القرن الإفريقي مستقبلًا.

 تعزيز التعاون العسكري

يناقش البرلمان التركي في الأسبوع الجاري طلبًا قدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن إرسال قوات بحرية تركية إلى السواحل الصومالية بالتزامن مع بدء عملية التنقيب عن النفط والغاز.

وبحسب الطلب الرئاسي، فإنه: "رغم امتلاك القوات الصومالية للقدرات البشرية والموارد الأخرى، فإنها لم تتمكن من الوصول إلى المستوى المطلوب بسبب التحديات الاقتصادية، وأن الحكومة الفدرالية الصومالية تسعى حاليًا إلى السيطرة على المناطق البحرية الاقتصادية غير المستغلة وتعزيز الاقتصاد البحري لتحقيق التنمية المستدامة"

كما أوضح طلب أردوغان، حسب "الأناضول"، أن التعاون بين تركيا والصومال: "يهدف إلى حماية الموارد الاقتصادية الصومالية، والإسهام في استقرار المنطقة وأمنها، ومن ذلك مناطق خليج عدن والبحر العربي، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الودية بين البلدين ودعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والقرصنة".

ولفتت الرئاسة التركية إلى أن الصومال: "طلب دعمًا من القوات المسلحة التركية لمكافحة الإرهاب، والقرصنة البحرية، والصيد غير القانوني، وجميع أنواع التهريب والتهديدات الأخرى".

ووفق الاتفاق الممتد 10 سنوات، ستتولى تركيا حماية ما يقرب من 3 آلاف كيلومتر من ساحل الصومال، من كينيا إلى جيبوتي، بواسطة سفن حربية وجنود أتراك، ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الحماية ستشمل خليج عدن ومنطقة أرض الصومال.

وتراقب إثيوبيا بحذرٍ بنود الاتفاقية التركية الصومالية، نظرًا لتوتر العلاقات الإثيوبية الصومالية، ودعم أديس أبابا إقليم أرض الصومال.

ويشار إلى أنّ سفينةً عسكريةً تركية وصلت إلى ميناء مقديشو الدولي في نيسان/أبريل الماضي، في إشارة إلى التنفيذ العملي لاتفاق التعاون الدفاعي والاقتصادي بين البلدين.