26-سبتمبر-2024
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان

وضع الهجوم الإسرائيلي على حزب الله إيران أمام معضلات حقيقية (رويترز)

شكّل الهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان إحراجًا جديدًا لإيران ورئيسها الجديد مسعود بزشكيان، وضاعف من الضغوط عليه لشن هجوم مضاد على "إسرائيل" للدفاع عن "حزب الله"، أهم حليف لها في منطقة الشرق الأوسط، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وتتزامن الهجمات الإسرائيلية على لبنان، المستمرة منذ 4 أيام، مع وجود بزشكيان في نيويورك للمشاركة في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يسعى إلى تقديم وجه أكثر اعتدالًا للعالم، ويسعى إلى استئناف المحادثات بشأن البرنامج النووي لبلاده الذي يؤدي إلى تخفيف العقوبات الغربية على اقتصادها المتعثر وفق الصحيفة.

ومن نيويورك، قال بزشكيان إن "إسرائيل" تسعى إلى إيقاع إيران في فخ حرب واسعة النطاق، وأنها: "هي التي تسعى إلى خلق هذا الصراع الشامل. إنهم يجروننا إلى نقطة لا نرغب في الوصول إليها".

تريد إيران استعادة قوة الردع ضد "إسرائيل"، لكنها لا تريد في الوقت نفسه الانخراط معها في حرب شاملة من شأنها أن تدمر إيران من داخليًا

وتعبّر هذه التصريحات وفق تحليل الصحيفة عن أن إيران أصبحت، بعد سلسلة من الضربات المذلة آخرها الهجمات الإسرائيلية المكثفة على "حزب الله"، أمام معضلات واضحة، إذ إنها تريد استعادة الردع ضد "إسرائيل"، لكنها لا تريد في الوقت نفسه الانخراط معها في حرب شاملة يمكن أن تُجَر الولايات المتحدة إليها، ومن شأنها أن تدمر إيران داخليًا.

وتريد أيضًا الحفاظ على حلفائها الذين يوفرون لها ما تسميه "خط دفاع متقدم ضد إسرائيل"، لكنها لا تريد الدخول في معركة نيابية عنهم، خاصةً أنها تسعى في هذه المرحلة إلى رفع بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قِبل الغرب، مع حفاظها في الوقت نفسه على علاقاتها العسكرية والتجارية الوثيقة مع خصوم واشنطن الرئيسيين، أي روسيا والصين، وهذه بمثابة معضلة أخرى تواجهها في هذه المرحلة.

 وبحسب علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية: "لم تتغير الأساسيات بالنسبة لإيران. إيران لا تريد على الإطلاق الدخول في حرب أكبر في المنطقة"، لافتًا إلى أن هذا من المرجّح أن يكون واحدًا من الأسباب التي جعلت إيران لا ترد، حتى الآن، على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، في طهران. أثناء حضوره حفل تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان.

وأشار فايز إلى أن حلفاء إيران يمثلون أساس استراتيجيتها للدفاع عنها، معتبرًا أن الحلفاء هم الذين من المفترض أن يُقاتلوا من أجل إيران: "لم يكن المبدأ هو أن إيران ستقاتل دفاعًا عنهم".

وترى سوزان مالوني، الخبيرة في الشؤون الإيرانية ومديرة برنامج السياسة الخارجية في مؤسسة "بروكينجز"، إن: "إسرائيل تحاول إغراء حزب الله بشن هجوم من شأنه أن يؤدي إلى حرب شاملة وتمكين إسرائيل من نقل المعركة إلى ما تعتبره تهديدًا استراتيجيًا حقيقيًا لها، أي إيران نفسها".

وأضافت أن "حزب الله" أيضًا: "غير راغب في الانخراط في صراع من المرجح أن يؤدي إلى تدميره"، لافتةً إلى أنه بالنسبة إلى إيران: "يمثل حزب الله الرادع العظيم، قدراته وقربه من إسرائيل يجعله خط الدفاع الأول للجمهورية الإسلامية، وإذا تم تدميره، فإن ذلك يجعل الإيرانيين أكثر عرضة للخطر بشكل كبير".

ومع ذلك، ثمة عناصر متشددة في الحرس الثوري الإسلامي و"حزب الله" نفسه ترى: "ترى أن المواجهة مع إسرائيل أمر لا مفر منه وتفضل أن تكون في وقت أقرب"، بحسب إيلي جيرانمايه الخبير في شؤون إيران في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

واعتبر كورنيليوس أديباهر، المختص بالشأن الإيراني في مؤسسة كارنيجي أوروبا، أن إيران لن تبقى متفرجة لوقت طويل، ولا بد أن تدعم محور المقاومة بطريقة أو بأخرى، مضيفًا: "لا تستطيع إيران أن تبتلع هذا إلى الأبد. وسوف يسأل الناس: أي نوع من القوة أنت إذا كنت لا تستطيع حماية وكلائك"، وفق قوله.

ولفت علي فايز إلى أن إيران اليوم "أمام مفترق طرق"، مضيفًا أنها تقيّم: "ما إذا كان هناك مسار للمضي قدمًا في الدبلوماسية النووية. لكن أي حرب من شأنها أن تضعف حزب الله بشكل كبير من شأنها أن تجعل إيران تشعر بقدر أقل من الأمان وقد تغير حساباتها النووية".

ومنذ منتصف أيلول/سبتمبر الجاري، دخلت المواجهة بين "حزب الله" و"إسرائيل" مرحلة جديدة من التصعيد خلال الأيام القليلة الماضية، حيث وجهت "إسرائيل" عدة ضربات للحزب بدأت بتفجير أجهزة الـ"بيجر" وأجهزة الاتصال اللاسلكية، تبعها استهداف اجتماع لقادة وحدة الرضوان في الضاحية الجنوبية لبيروت أسفر عن اغتيال عدد من قادتها وعناصرها، أبرزهم إبراهيم عقيل قائد وحدة الرضوان والعمليات الخاصة في الحزب.

ومنذ 23 من الجاري، بدأت "إسرائيل" هجومًا جويًا دمويًا واسعًا على لبنان شمل مناطق جنوب وشرق البلاد، وأسفر عن استشهاد ما يقرب من 600 شخص، وإصابة المئات، ونزوح أكثر من نصف مليون شخص بحسب وزير الخارجية اللبناني.