05-يونيو-2024
احتراق كريات شمونة وجنوب لبنان

(Getty) استغرق إطفاء الحرائق في كريات شمونة أكثر من 20 ساعة

بعد يوم من اندلاع حرائق كبيرة في مستوطنة كريات شمونة نتيجة صواريخ حزب الله اللبناني، وصل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المستوطنة، وقال: "نحن مستعدون للقيام بعمل قوي للغاية في الشمال"، بحسب تعبيره.

وحصل نتنياهو على إحاطة من قادة جيش الاحتلال على الحدود الشمالية، عن القصف والعدوان على جنوب لبنان.

وأضاف نتنياهو في تصريحاته: "في بداية الحرب، قلنا إننا سنعيد الأمن إلى الجنوب والشمال على حد سواء، وهذا ما سنفعله. ومن يظن أنه سيؤذينا وسنجلس مكتوفي الأيدي فهو يخطئ، وبطريقة أو بأخرى سنعيد الأمن إلى الشمال".

وأفادت مصادر إسرائيلية، أن الحرائق التي اندلعت في مستوطنة كريات شمونة والغابات المحيطة بها، تفوق ما حدث من حرائق خلال العدوان على لبنان عام 2006.

نتيجة الحرائق الواسعة في كريات شمونة، وصل نتنياهو إلى المستوطنة ولوح بالحرب على الجبهة الشمالية

وفي سياق متصل، من المتوقع أن توافق حكومة الاحتلال الإسرائيلي في اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي الذي سيعقد بعد ظهر يوم الأربعاء، على تمديد أمر الاحتياط حتى آب/أغسطس، مما سيسمح لوزير الأمن بتجنيد ما يصل إلى 350 ألف جندي احتياطي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن زيادة حصة الاحتياط من 300 إلى 350 ألفًا لا تتعلق بالتحضير للحرب في الشمال، وأن الطلب قدم "منذ وقت طويل" منذ بدء العملية في رفح، إذ تطلبت عددًا أكبر من المتوقع.

بدوره، قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي، إن إسرائيل مستعدة لشن هجوم على طول الحدود الشمالية مع لبنان وتقترب من اتخاذ قرار.

وأوضح في بيان مسجل: "نحن مستعدون بعد عملية تدريب جيدة للغاية للتحرك نحو الهجوم في الشمال. نحن نقترب من نقطة القرار".

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميللر إن واشنطن "لا تؤيد حربًا كاملة مع حزب الله" لكن لـ"إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها من هجمات حزب الله"، بحسب تعبيره.

وأضاف "سمعنا الزعماء الإسرائيليين يقولون إن الحل الذي يفضلونه هو الحل الدبلوماسي. ومن الواضح أن هذا هو الحل الذي نفضله أيضا والذي نحاول اتباعه".

وقال الاتحاد الأوروبي إنه "يشعر بقلق متزايد" إزاء تصاعد التوترات والتهجير القسري للمدنيين على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية ودعا إلى ضبط النفس من جميع الأطراف.

وأوضح الاتحاد الأوروبي في بيان "لا أحد يستطيع أن يربح من صراع إقليمي أوسع نطاقًا". وأضاف أن "تهدئة الوضع من شأنها أن تساهم بشكل كبير في تسوية الصراع الأوسع في الشرق الأوسط".

وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر إن القتال في المنطقة "ليس واقعًا مستدامًا"، مضيفا أن إسرائيل ملتزمة بضمان عودة عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من الشمال. وتابع "الأمر متروك لحزب الله ليقرر ما إذا كان يمكن تحقيق ذلك بالوسائل الدبلوماسية أو بالقوة، ولا ينبغي لأحد أن يتفاجأ بردنا"، بحسب وقوله.

وقال عاموس هوشستين، أحد كبار مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن، إن اتفاق الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان الذي يمكن أن يتم تنفيذه على مراحل يمكن أن يخفف الصراع.

وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، حث الوزيران الإسرائيليان اليمينيان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على مزيد من العمل العسكري.

وقال بن غفير بعد جولة في كريات شمونة: "لا يمكن أن يكون هناك سلام في لبنان بينما تتعرض أرضنا للقصف ويتم إجلاء الناس هنا. يجب حرق كل معاقل حزب الله وتدميرها".

حرائق كريات شمونة رادعة

وبحسب مصادر أمنية لـ"هآرتس"، فإن تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال، تتوافق مع الموقف الذي عرضه الجيش الإسرائيلي في المناقشات الأمنية الأخيرة، والذي يدعو إلى تكثيف "القتال ضد حزب الله".

وتضيف الصحيفة الإسرائيلية: "يخشى الجيش الإسرائيلي ألا يكون الجمهور على علم بتداعيات حرب واسعة النطاق في القطاع الشمالي على الجبهة الداخلية، القلق داخل الجيش الإسرائيلي هو أن الجمهور لا يفهم العواقب على الجبهة الداخلية إذا بدأ القتال العنيف بالفعل في الشمال"، وجاء الكشف بعد اجتماع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، ليلة الثلاثاء، بهدف مناقشة جبهة جنوب لبنان.

وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن الاستهدافات من لبنان سوف "تسبب أضرارًا كبيرة ، حتى في وسط دولة الاحتلال".

وأكدت المصادر الأمنية الإسرائيلية، على أن جيش الاحتلال استعد لاحتمالية طلب الحكومة تنفيذ ضربة على لبنان، مشيرةً إلى أن الجيش قدم "خيارات محدودة الوقت وفي جنوب لبنان"، باعتبارها أفضل من حرب "واسعة تتسبب في اشتعال الإقليم".

وتوضح المصادر الإسرائيلية، أن الهدف من حرب لبنان، لن يكون على نمط العدوان على غزة، بحيث لن "يكون تفكيك حزب الله هو الهدف".

 واستمرت "هآرتس"، قائلةً: "ينبع التغيير في موقف الجيش الإسرائيلي على الجبهة الشمالية من زيادة عمليات إطلاق واتساع نطاق صواريخ حزب الله وقذائفه باتجاه إسرائيل. كما أثرت الحرائق التي انتشرت في الجليل الأعلى والجولان في الأيام الأخيرة على هذا الموقف. وعلى الرغم من عدم وقوع إصابات، إلا أن اندلاع الحرائق تسبب في ضرر كبير لشعور السكان بالأمن الشخصي في المنطقة، وهو الأمر الذي لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي حل له في الوقت الحالي".

وتشير المصادر الأمنية، إلى أن "المهمة الأصعب أمام جيش الاحتلال، هو صعوبة عودة المستوطنين في الشمال، مع غياب قرار حكومي في هذا الشأن".

إسرائيل في فخ استراتيجي

وقال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "حتى في ظل حرب مليئة بخيبات الأمل والأخبار السيئة، كانت أحداث يوم الإثنين بمثابة لحظة محبطة بشكل خاص".

وبينما تناول في البداية إعلان جيش الاحتلال عن مقتل 4 أسرى لدى المقاومة في غزة، انتقل للحديث عن اشتعال الحرائق في كريات شمونة وجميع أنحاء الجليل، بعد هجوم حزب الله اللبناني الضخم بصواريخ بركان.

وسخر هارئيل من بن غفير، قائلًا: "مهرج أمننا القومي، الوزير المسؤول عن خدمات الإطفاء، لم يكلف نفسه عناء الحضور إلى مكان الحادث. بدلًا من ذلك، اختار إيتمار بن غفير إجراء مقابلة على محطته التلفزيونية المحلية، القناة 14، وبعد ذلك شوهد في عرض موسيقي في القدس".

كما انتقد هارئيل نتنياهو، بالقول: "فقط بعد منتصف الليل أصدر مكتب رئيس الوزراء بيانًا أخيرًا. ولكن من الواضح أن هذا البيان تناول قضايا أخرى أكثر أهمية بالنسبة له. وقالت إن خطاب نتنياهو أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأمريكي لن يقام في 13 حزيران/يونيو، بل في تاريخ لاحق".

وتابع: "صمت نتنياهو عن الحرائق لم يكن بسبب نسيان أو صدفة. تم الكشف عن ما يعتقده حقًا بشأن رفاهية الأطراف في عام 2018، عندما قال لأحد المتظاهرين الذين عطلوا احتفالًا في كريات شمونة كان يحضره: أنت ببساطة لا تهمنا"، يشار إلى أن نتنياهو وصل إلى كريات شمونة، اليوم الأربعاء، ولكنه لم يبلغ رئيس المجلس الاستيطان هناك واختار أحد أعضاء الليكود ليرافقه.

وأوضح هارئيل: "ليلة الحرائق في الجليل كانت مجرد تعبير آخر، أكثر تطرفًا، عن الفوضى التي تدهورت إليها الحرب، التي سيمر عليها ثمانية أشهر يوم الجمعة. مباشرة بعد أن بدأ حزب الله مهاجمة الجليل في أعقاب هجوم حماس في الجنوب، قررت الحكومة والجيش الإسرائيلي إجلاء حوالي 60 ألف شخص من المنطقة القريبة من الحدود الشمالية".

واستمر في القول: "منذ ذلك الحين، وقعت إسرائيل في فخ استراتيجي في الشمال. فقد أثبتت عدم قدرتها على إرغام حزب الله على وقف إطلاق النار طالما استمر القتال في غزة، في حين نجح التنظيم اللبناني في إنشاء ما يشبه ’المنطقة الأمنية’ الخالية من السكان داخل الأراضي الإسرائيلية، على الرغم من تكبده خسائر".

وحول الحرائق، قال: "كانت الحرائق متوقعة. كما اندلعت الحرائق خلال حرب لبنان الثانية عام 2006 (وفي الواقع، فإن كل مناورات أخرى للجيش الإسرائيلي في مرتفعات الجولان خلال الصيف تؤدي إلى اشتعال النيران أيضًا). تشتعل النباتات الجافة في الصيف بسهولة، ولدى رجال الإطفاء قدرة محدودة على مكافحة الحرائق عندما تجعل صواريخ حزب الله وطائراته المُسيّرة من الصعب تشغيل طائرات مكافحة الحرائق".

ووصف الحرائق في كريات شمونة والشمال بـ"عملية إيقاظ"، بعد زيارة مسؤولين ورئيس أركان جيش الاحتلال الشمال.

وواصل الحديث عن التحديات، بقوله: "على الرغم من أن الجنوب تعرض لضربة أكبر من الشمال، إلا أن هناك قلقًا أكبر في الشمال بشأن فرص عودة السكان في نهاية المطاف إلى المناطق الحدودية. ليس فقط أنه لا يوجد حل عسكري في الأفق، ولكن الوقت الذي مر دفع الكثيرين إلى التفكير في مغادرة المنطقة بشكل دائم، خاصة مع افتتاح العام الدراسي الجديد في أيلول/سبتمبر".

وأشار إلى أن الإدارة الأميركية "تعتقد أن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل في الجنوب سيمكن من وقف فوري لإطلاق النار في الشمال، يتم خلاله إجراء مفاوضات سريعة حول اتفاق دبلوماسي من شأنه أن يبعد نخبة حزب الله رضوان عن الحدود".

وقال المحاضر الإسرائيلي شيمون شابيرا، الخبير في شؤون حزب الله، إنه "على الرغم من الخسائر البشرية التي تكبدها، فإن الحزب لا يعتقد أنه يخسر الحرب".

يشار إلى أنه بحسب معطيات معهد ألما الإسرائيلي، فإن "شهر أيار/مايو 2024 هو الشهر الذي شهد أعلى كثافة لعمليات حزب الله منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023. وطوال شهر أيار/مايو، نفذ حزب الله 325 عملية. وبلغ المعدل اليومي للعمليات 10 في اليوم، بينما نفذ حزب الله في نيسان/أبريل 238 عملية بمتوسط ​​7.8 عملية يوميًا".

ما هي مستوطنة كريات شمونة؟

تأسست مستوطنة كريات شمونة، في كانون الأول/ديسمبر) 1949، بعد تطهير قرية الخلاصة الفلسطينية عرقيًا، خلال النكبة. وجاء تأسسيها توزيع المستوطنين ولأهداف أمنية للسيطرة على المناطق الحدودية، بما فيها منع عودة اللاجئين الفلسطينيين.

وفي البداية أطلق على كريات شمونة، اسم "كريات يوسف" نسبة إلى يوسف ترومبلدور، الذي قتل في مستوطنة تل حاي عام 1920، قبل تغيير الاسم إلى كريات شمونة بعد أشهر.

ومنذ الستينات، صارت مستوطنة كريات شمونة، أبرز أهداف الثورة الفلسطينية في لبنان، إذ تعرضت إلى آلاف عمليات إطلاق الصواريخ من لبنان، حتى عام 1982، كما نفذت فيها عملية الخالصة في نيسان/أبريل 1974.

بحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن الاستهدافات من لبنان سوف "تسبب أضرارًا كبيرة ، حتى في وسط دولة الاحتلال"

عادت كريات شمونة إلى نقطة المواجهة عام 2006، بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، إذ تقلت كريات شمونة 8 مباشرة من صواريخ أطلقت من لبنان.

منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، تم إخلاء مستوطنة كريات شمونة، خشية من عمليات حزب الله اللبناني، إذ تعرضت المستوطنة لدمار لتدمير نسبي بالإضافة إلى احتراق آلاف الدونمات مؤخرًا.

وبعد اندلاع الحرائق في المستوطنة، قال أحد سكانها: "لا يمكنك التنفس، المدينة بأكملها مليئة بالدخان ولا يمكنك مغادرة المنازل. منذ الظهر ونحن في كابوس الحرائق الذي يصل إلى المنازل. لقد أغلقنا جميع نوافذ المنزل. نطالب الحكومة بالاهتمام بالشمال. يبدو أنهم نسونا. وكأننا أعطينا نصر الله المفاتيح وتركناه يفعل ما يريد".